تأثير سفر الزوج وغيابه على العلاقة الزوجية

720

هناك مداخل كثيرة للتواصل في العلاقات، منها أن أتكلم وأعبر عما بداخلي من أفكار وتطلعات للمستقبل، وأجد من يستقبلني بتفاعل يحترم ما أنا عليه، ويستوعب حيرتي في بعض المواقف أو حماستي لبعض القرارات، ثم يأتي دوري أنا كمستمع ومستوعب لما يجيش بداخل الآخر، وهنا يُخلق التفاهم والتواصل في علاقة كل من طرفيها موجود وله حدود واضحة.

العلاقة الزوجية مدخل هام للتواصل المميز، والذي يخلق -إضافة إلى ما سبق- نوعًا من القرب والاحتواء له طابع خاص، وربما غير متكرر في دوائر علاقاتنا الأخرى. التفاعل الذي تحتاجه العلاقة في الوجود القريب وإعطاء النفس حرية التعبير عن الحب، وما ينتج عن ذلك من توطيد لممارسة مفاهيم الحب والعطاء والمشاركة، وتحقيق الإشباع النفسي والجسدي، وهذا بدوره يعزز من حرص الزوجين على التجديد والإبداع في توفير هذا الجو المميز لعلاقتهما.

في سير الحياة العملية أحيانًا تظهر ضغوط أخرى مثل ضغط المسؤولية المادية، أو ضغط طموح أحد الزوجين في تحقيق مستوى مادي أو علمي أو حياتي ما، ولسبب أو لآخر يبزغ القرار بسفر أحد الزوجين، ما يعني غيابه لمدة ما، وعدم توافر وجوده على المستوى النفسي والجسدي.

عادةً هذا الغياب ليس بالأمر الهيّن ولا المحبب للزوجين، ويزيد الأمر صعوبة إذا كان قرار السفر لم يؤخذ بالاتفاق، أو يكون الآخر ليس لديه القناعة الكاملة باحتياج الأسرة إلى دفع هذا الثمن الباهظ، في سبيل تحقيق هذا الهدف المرجو من السفر، لأن تكلفة هذا القرار على المستوى النفسي والجسدي لا بد أن تؤخذ بجدية في الاعتبار، وكذلك على مستوى الأسرة.

إذا تم القرار بالسفر عن قناعة الطرفين فالحرص على التعبير عن المشاعر والتواصل والمشاركة المستديمة في أمور وتفاصيل الحياة اليومية، وبالأولى الأحداث الهامة، ربما يعين الطرفين على تخفيف ضغط عدم توافر الوجود والقرب الجسدي. كذلك السعي إلى توفير فرص إجازات، ووضعها من الأولويات القصوى التي ربما تكون مكلفة ماديًا لتحقيقها، ولكن لها مردودًا هامًا على كسر حالة التعود أو القدرة على الاستغناء عن الطرف الآخر من العلاقة، التي ربما تُكتسب نتيجة أمد الغياب الطويل.

تذكير الزوجين لأنفسهم بالهدف الأساسي الذي اُضطروا لأجله إلى أخذ قرار سفر أحدهما من الأمور الحيوية خوفًا من الميل البشري الطبيعي إلى ما أسميه بحالة “المزيد من…” كل على حسب الهدف الذي سافر من أجله (الفلوس، التحصيل العلمي، حلم الوصول،…)، وربما تظهر هذه الحالة لدى الطرف الأقل تضررًا من الغياب.

أرى أنه من المهم أن يتم مراجعة قدرات كلا الزوجين بعد تنفيذ قرار السفر فعليًا بفترة، وقياس مدى التأثير الفعلي لهذا القرار عليهما، ولا أجد أي غضاضة في مراجعة هذا القرار أو مراجعة طريقة تنفيذه بشكل مختلف يُراعى فيه وحدة وجودهما معًا، وتُراعى فيه القدرات الفردية التي تميز كل إنسان منّا دونًا عن الآخر.

المقالة السابقةأهم سبع محطات في علاقة الراجل بجسمه
المقالة القادمةالدنيا ربيع وهنغير كل المواضيع

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا