الحب VS الخوف

1304

“بيقولوا الحب بيقتل الوقت.. وبيقولوا الوقت بيقتل الحب.. يا حبيبي تعا تنروح قبل الوقت وقبل الحب”.

هكذا غنت فيروز الحبيبة، وهكذا حال العلاقات العاطفية بالفعل. بعض العلاقات تمر كأنها حلم وردي، والأخرى كأنها منطقة ألغام لا تدري كيف تنقل خطواتك بينها. شائكة هي العلاقات دائمًا وأبدًا، وبقدر جمال الأحلام الوردية، بقدر ندرتها، حتى أصبح مصطلح “العلاقات المؤذية أو العلاقات المسمومة” أكثر تداولاً من “العلاقات الصحية”، في مخالفة واضحة لقوانين الطبيعة.

 

حسنًا.. في جعبتي اليوم حكايتان عن الحب وعن الوقت، وعن الخوف أيضًا، أعيروني انتباهكم يا صديقات، ولنبدأ بالحكاية الأولى..

 

صديقتي فتاة جميلة تبلغ من العمر 22 عامًا، مرتبطة بشابٍ منذ عدة سنوات، حب وشغف وأحلام، ومع انتهاء المرحلة الجامعية، ستقام الأفراح والليالي الملاح. كل شيء يسير على ما يرام، حتى تكتشف أنه مرتبط بأخرى! مواجهات، شد، جذب، كل شيء يحترق، كل شيء ينهار، ثم يخمد كل ذلك حينما يختار الشاب صديقتي عن الأخرى، تطفئ مياه الحب الباردة نيران الخيانة التي كادت تأكل كل جميلٍ كان بينهما.

 

اندهشتُ وصديقاتي الأخريات من حال صديقتنا تلك، هي ليست سعيدة، لم تعفُ بحب، كانت وكأنها مجبرة أن تعفو وتسامح وتستمر في علاقتها تلك، ليس بدافع الحب، وإنما بدافع الخوف. كانت ترى أنها ليست صغيرة، وأنه لا وقت لبدايةٍ جديدة، وأنها لا تملك الطاقة للتعرف من جديد على شخصٍ آخر. كانت يائسة وخائفة واختارت أن تُكمل طريقًا كانت نهايته معروفة مسبقًا.

تعرفي على: قوانين الحب الصادق بين الزوجين

أما الحكاية الثانية، بطلتها صديقة أخرى، ارتبطت برجل الأحلام الذي يحيل الصخر ورودًا من فرط الرقة والعذوبة، وحينما يغضب يعود الصخر صخرًا ليتحطم فوق رأس المسكينة. كانت حياتها أشبه بحركات المد والجزر، مد يدمر كل شيء، ثم جذر يحاول لملمة الخراب، علاقة مؤذية كما للعلاقات المؤذية أن تكون.

 

كل المحاولات لإنقاذ صديقتي المسكينة كانت تبوء بالفشل، كانت مقتنعة بأن لحظات الحب القليلة تكفي لتعوضها عن أيام الغضب والعذاب. حتى حينما قرر رجل الأحلام أن يتركها، فتنفسنا الصعداء، أدهشتنا هي بتمسُّك وتشبث عجيبين. الأكثر عجبًا، أن الأمر لم يكن بدافع الحب الخالص، إنما كانت تريد أن تنقذ السنوات الأربع التي أهدرتها في تلك العلاقة، أن تنقذ استثمارها في ذلك الحب الذي منحته من روحها الكثير.

 

هاتان الحكايتان عينة من الكثير من الحكايات التي تختلف تفاصيلها الصغيرة، بينما النهاية واحدة. لا أريد أن أحكي الآن عن البدايات أو النهايات، وإنما الدوافع، الدوافع التي تدفع بفتيات وسيدات أن يستمررن في علاقاتٍ مؤذية، تسلبهن أبسط الحقوق.

 

ليس من الإنصاف أن أتهم الحب وحده، أعرف أن الواحدة منا يُسكرها خمر الحب، فلا ترى في الحبيب عيبًا، لكن الخوف هو الدافع الأكبر والمشترك في كل القصص التي وُلدت ميتة وأصررنا أن نمنحها قبلة الحياة. الخوف من الوحدة، الخوف من البدء من جديد، الخوف من التجريب، الخوف من التقدم في العمر، الخوف على سنوات العمر التي مرت ونحن نمنح ونعطي ونستثمر في علاقاتنا.

 

نخاف الوحدة، فنغرق في وحدة أشد عمقًا مع شريك غير مكترث. نخاف على عدة سنوات، فنفقد سنواتٍ أكثر، وربما حيوات، في حال كان الشريك عنيفًا. نستثمر في الآخر وللآخر، ونرفض أن نستثمر في أنفسنا. نخاف فننسى أن نستحق الحب والأمان والسعادة، نخاف فنستمر في رهانات خاسرة.

 

الصديقة الأولى التي رأت أنها ليست صغيرة، أهدرت عامين آخرين قبل أن تكتشف أنها قادرة على البدء من جديد. اليوم هي سعيدة مع زوجٍ مُحِب وطفلين يملؤون أيامها بهجةً وحياة. أما الثانية المتشبثة بمن لا يستحق، فبعد عام تيقنت أن أفضل استثمار في الحياة، هو الاستثمار في النفس. الآن هي فتاة قوية، حوَّلت نفسها من حطام إنسان، إلى فتاة ناجحة تستمد وجودها من كينونتها لا من الآخر.

 

وأنتِ؟ كم من الأعوام تحتاجين لتنقذي نفسك؟

صديقتي.. لا تخافي، كنتُ وكثيرات مثلي ومثلك في طرقٍ مظلمة وعُدنا. عدنا عندما نبذنا كل مخاوفنا، وثقنا في أنفسنا، وتيقَّنا أننا نستحق الأفضل. أنتِ أيضًا تستحقينه، تيقني من ذلك.

المقالة السابقةيد تبني ويد تحمل “أدهم”
المقالة القادمةاوعى تحوش اللي وقع منك

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا