الحب حلم.. والزواج حقيقة

1047

دينا

11/8/2015

الزواج زلزال لا يخيف.. وإنما توابعه هي التي تخيف“.

أنيس منصور

 

***

 

في كل مرة أرى فيها عروسًا أو أتابع فيها فتاة على وشك الزواج، أجدها وقد انزلقت تحت هزات زلزال الزواج الذي جاء إلى حياتها بالعديد من الأحلام والتحديات.. تنقلب حياتها رأسًا على عقب، ويبدو أن عالمها بات صغيرًا جدًا يضمها هي وشريكها فقط.

 

تنخرط في تجهيزات منزل أحلامها وألوان المفروشات وأفكار شهر العسل السعيد، تبكي في اللحظة التي ترى انعاكسها في المرآة، وهي غرفة القياس بفستان زفافها المحتمل، وتأتيها هواجس بأنها لن تكون العروس الأجمل.. يسيطر عليها التوتر والخوف فترتكن إلى شريكها الذي ستسير معه طريقًا طويلاً تتوقع له أمدًا بلا نهاية.

 

تربكها العديد من المشاعر التي تضمها داخلها وهي على أعتاب بداية جديدة ومرحلة مختلفة، تفكر في قدرتها على إدارة حياة كاملة وحدها.. تفكر في مسؤولية كبيرة تقع على أكتافها ولا تريد أن يصيبها الفشل.. تتساءل سرًا: هل هي حقًا مستعدة للزواج؟!

 

منذ سبع سنوات كنت في ذات التفاصيل وذات الموقف وداهمني ذات التساؤل، والآن أستطيع أن أخبر كل فتاة مُقبلة على الزواج أن تهدأ قليلاً وأن تحاول استيعاب أن العالم سيتغير من حولها، سترحل عن أسرتها وستودع غرفتها التي ضمتها طويلاً.

 

ستذرف دموع الفرح والافتقاد للحياة التي عاشتها، وستشملها الحماسة للجزء الجديد من حياتها الذي ستفتتحه مع شريكها.. في لحظة ما عليها أن تقف لتفكر جيدًا أن الزواج ليس نزهة جميلة ساحرة، وليس فيلمًا سينمائيًا له خلفية موسيقية تعلو وتهبط مع كل موقف.. في لحظة يجب أن تعرف أن استعدادها نفسيًا للزواج أمرًا سيساعدها كثيرًا على اجتياز عقباته وتوابعه المخيفة أحيانًا، واستعدادها هذا يبدأ في إدراكها أن الزواج هو مشاركة اثنين مختلفين في الطباع والميول والأفكار لحياة لا تسير على وتيرة واحدة أبدًا.

وفي إداركها أن الاحتكاك والتقارب بينها وبين زوجها في منزلهما سيجعل كلاً منهما يحمل للآخر عدسة مكبرة يراه بها، سينتقدان بعضهما بعضًا، ستتضخم الأمور بينهما من أجل اختلافهما على أفضل وضع لمقعد الصالون.

 

ستنسج حلمًا وبيتًا، ستنثر ضحكاتها وشغفها في كل أركانه.. عليها أن تسعد بأن بات لها مكانًا لا يزاحمها فيه أحد، ستمتزج بالواقع الذي سيضعها أمام عقبات إحساس الغربة عن ما اعتادت عليه سابقًا، ولكنها بقليل من المثابرة والمجهود ستعتاد على أن عالمها الجديد هو الدائم لها الآن، وأن ما تركته خلفها بات كالذكريات الجميلة.

 

عليها أن تعرف أن الزواج كركوب الأفعوانية.. في وقت ما سترتفع بها إلى الأعلى وستلمس السماء من السعادة، وفي أوقات أخرى ستهبط بها إلى الأسفل حيث الإحباط والشعور بأنها في ذات الترسة منذ أن تزوجت.. إدراك ذلك سيسهل عليها كثيرًا فهم منظومة الزواج المتغيرة، سيجعلها تستمتع بلحظات السعادة وتتخطى لحظات الإحباط بقوة.

 

“الحب حلم والزواج حقيقة.. وحياتنا أن نخطط بين الاثنين”.. قالها أيضًا أنيس منصور، وتبدو جملته واقعية إلى حد كبير، ولهذا عليها وهي على أعتاب حياتها الزوجية الجديدة أن تفهم جيدًا أن الحب رائع ومثالي حين لا يقترن بالزواج.. ولكن حين تعيش حقيقة الزواج ستدرك أن الحب سيتخذ أشكالاً أخرى قد لا تتمثل دومًا في العناق الطويل والقبلة الحارة.. قد تتمثل أحيانًا في تفهّم كل زوج للآخر، في مساندتهما لبعضهما وثقة كل منهما في إسعاد الآخر واحتوائه.

سيظهر الحب دومًا عند أي شجار مرهق أو عقبة شديدة أو حتى في الشغف الذي يظهر بعد أي سكون فاتر في الحياة الزوجية الممتدة.

 

في تلك اللحظات قد تستعد فتاة لوضع طرحتها البيضاء فوق رأسها.. أو أخرى توقع وثيقة زواجها بفرحة، في تلك اللحظات تجلس فتاة على أطراف سريرها تفكر في حفل زفافها الوشيك.. وأخرى ستنام الليلة في غرفتها الجديدة بجوار من اختارته لتبدأ معه حياة أخرى لا تعرف عنها شيئًا سوى الأمل في جعلها حياة سعيدة.

 

في تلك اللحظات لا أتمنى لهن سوى أن تعيش كلاً منهن قصة فريدة في تفاصيلها، لا تشبه قصة أخرى ولا تُقارن بأخرى.. أتمنى أن يرتفعن ويهبطن في منحنيات الزواج الكثيرة بأمان.

أتمنى أن تستطيع كل منهن أن تعيش الحلم وتدرك الحقيقة.

 

 

 

المقالة السابقةشوربة دجاج لروح الأم
المقالة القادمةأنا إيه خلاني أتجوز؟!

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا