قعدت أحلم شهور باللحظة اللي هنام فيها في حضنه، اللحظة اللي هقدر فيها أعبر عن مشاعري بحرية مطلقة، من غير ما الناس تحاكمنا ولا ترقعنا نظرات.. اللحظة اللي هتصرّف فيها من غير ما أفكر، ينفع أقول كذا؟ أعمل كذا؟ اللحظة اللي هترحم فيها من مراقبة الوقت وأنا معاه.. كنت منتظرة كل ده بفارغ الصبر.
بس اكتشفت إن فيه نومات كتير شكلها رومانسي في التليفزيون وفعليًا مش مريحة ومبعرفش آخد نَفَسي فيها! وقعدت فترة على ما لقيت نومة تريحني.. اكتشفت إن الحرية عمرها ما هتكون كاملة، لسه بنقلق من شباك البيت والمناخير اللي طالة علينا منه، لسه بنفكر في اللي هيقوله الأهل في الموقف الفلاني، ولسه براقب الوقت عشان لازم ألحق أعمل وأعمل قبل ما أنام، عشان ألحق أروح الشغل، عشان أخلصه، عشان ألحق أروّح وألحق أعمل كل ده تاني…
وهو ده بقى الموضوع، الكارثة الإنسانية اللي اسمها التوقعات.
فيه خدعة كبيرة اتربينا عليها، فيه مشهد كان بييجي دايمًا بعد الفرح في الأفلام جايب الاتنين الحبّيبة اللي اتجوزوا راكبين يخت وبيضحكوا من قلبهم وإيشاربها بيطير مع الهوا، وهو بيحضنها بمنتهى الوله.. هي دي الصورة الذهنية اللي عندنا عن شهر العسل، اللي بيجيب سيرة شهر العسل بيتكلم عن الـ”ول يا ول” فقط لا غير.. يمكن البنات بينهم وبين بعض بيتودودوا عن صعوبة الشهر ده بالنسبالهم، نفسيًا وجسديًا.. بس برضو، الفتيات الحالمات بيرفضوا النظرة المتشائمة دي، وبينتظروا يركبوا اليخت وايشارباتهم تطير.
– التغيير المبهج vs التغيير المزعج
مقدرش أنكر إن فكرة إني أشوفه بيتمشى حواليّ في البيت مبهجة لأقصى حد، فكرة إني عارفة إني رايحاله أو هو جايلي كل يوم تطمّن جدًا، لكن بهجة المشاركة هي اللي بتاخد شوية على ما تستوي.
طبعًا إحنا مكانش عندنا شهر بحاله أجازة، دخلنا في طحنة الحياة اليومية بدري.
المشاكل بتاعت إن الأكل مبياكلهوش كده، مبيصحاش في الوقت ده ومبينامش في الوقت ده، مش متعوّد على كل اللي أنا متعوّدة عليه تقريبًا، وأنا شرحه، كلها ظهرت بدري.. وبقى لازم حد ييجي على نفسه في كل موقف لحد ما نتوصل لصيغة مريحة لينا إحنا الاتنين.
وبالتالي لازم هيكون فيه قمص وتعب، وإحساس بالغضب إن الحاجات العبيطة دي واخدة حيز مهم في الحياة.. بس للأسف الحاجات العبيطة دي هيّ اللي في الآخر بتصنع اليوم.. والعالم مهاويس التفاصيل من أمثالنا، يومهم بيتظبط أو بيبوظ بناءً على أتفه الحاجات اللي في العالم.. فمنطقي جدًا يبقى الشهر ده صعب، وصورة العسل المكثف بتاعت الأفلام تتغير تمامًا.
فكرة القبول لكل ده بتاخد وقت، فكرة الاقتناع بإنكم ممكن تركبوا اليخت بتاع المشهد إياه وفي الآخر تتقمصوا من بعض على كلمة رخمة ولا بتاع فمتحسوش إنكو أسعد اتنين في الدنيا.. فكرة إن مفيش كتالوج ممكن تمشوا عليه فتحسوا إنكو على التراك السليم.. كل ده مُجهد، وبيخلي الشهر الأول ده هو الأصعب على الإطلاق.
– مفيش أمل نعمل كتالوج؟!
دول شوية حاجات، أقدر أقولهم ليكي عزيزتي الشابّة/ عزيزي الشاب، يمكن يساعدوكم ولا حاجة.. وادعولي أفتكرهم في الوقت المناسب:
1– don’t try too hard, the easy way is hard enough
كل مرة كنت بحاول جدًا، بحاول خالص، بحاول أوي عشان أحل المشكلة.. كنت بحس بقهرة فظيعة إنها متحلتش.. وموقف تافه زي إنه يسألني “غسلتي اللحمة قبل ما تعمليها يا حبيبتي؟”، يتحول من مجرد سوء تفاهم أو كلمة اتقالت مش في وقتها، لإحساس عميق بالإهانة وعدم التقدير.
كل مرة ببذل مجهود كبير بالنسبالي (أكبر من المفترض في الموقف ده) كنت بفضل تعبانة بعدها وحاسة بالظلم إن مجهودي متقابلش باحتفالية ونجمة وممتاز.. كل مرة كنت بسيب فيها الأمور تنساب بسلاسة كده وأصب اهتمامي أكتر على إني أنا أكون مبسوطة، كانت المشكلة بتعدّي.. في النهاية مش المطلوب من أي طرف يحرق نفسه، الطرف التعيس -حتى لو بيبذل أكبر مجهود في الدنيا- بيبقى سبب في إحاطة البيت بكمية لا بأس بها من الغم.
2- هنقول تاني: اتبسطي
مش معنى إنك اتجوزتي إن جوزك بقى المسؤول الأوحد عن سعادتك في الكون.. اتبسطي بتفاصيلك الصغيرة، استمتعي بالطبيخ من غير ما تتوقعي إنه هيبقى أسعد واحد في الكون إنك طبختي، حدث إنك بتطبخي ده بالنسباله حاجة عادية؛ طول عمره بينطبخله يا ستي، وحاجات أحلى ومتعود عليها كمان، لكن الموضوع بالنسبالك مش كده.. حببي نفسك فيه، شغلي “إديث بياف” والبسي هدوم حلوة ومريلة مطبخ ملونة واطبخي وإنتي رايقة.. كذلك شغل البيت.. اتفقي معاه على اتفاق بسيط “متحسسنيش إني مُلزمة ومحسسكش إني متضررة”، وهوبا بقى.. حبي ريحة الصابون المختلط والشبابيك المفتوحة بالهوا اللي بينشـّف أثر رقصاتك المتقطعة بالممسحة.
متحاوليش تعملي شغل البيت وإنتي منهكة، خصوصًا في الأول.. الدنيا مش هتطير، المهم ميفضلش كرهك للموضوع ده يأثر عليكي ويحسسك دايمًا إنه باشا وكمان مش عاجبه، وإنتي اللي مسحولة.
3– الحنيّة هي دايمًا رد الفعل المناسب
أرجوك متكسرش بخاطرها، لما تيجي تصالحك متعاتبهاش وتبوّظ بهجة المصالحة، هي بذلت مجهود كبير عشان تيجي على نفسها وتصالحك، في حين إنها متبرمجة إنها البنوتة الحلوة اللي لازم يتجري وراها ويتطلب ودّها، البنات بتحس طول ما هي في بيت أهلها إنها عزيزة.. خاطرها كبير.. متحسسهاش إنها مبقيتش كده، وإيه، في ظرف شهر واحد كمان!
مش عارف ترد تقول إيه؟ الحنية هي دايمًا رد الفعل المناسب.. قولها بحبِّك فجأة، احضنها وقولها: ممكن نسكت دلوقتي؟! واوعى ترفضها لما تقرّب منك، مهما كنت زعلان.. بجد بلاش دي بالذات، متنشّنش على نوعية الحاجات اللي لو اتكسرت بتتفشفش، زي ثقتها في نفسها، وفي دلالها عليك.
4- المفاجأة.. المفاجأة.. المفاجأة يا قوْم
فرّحوا بعض، فاجئوا بعض.. هاتوا لبعض حاجات صغيرة مش متوقعة تكون اتقالت في وسط الكلام ولا حاجة، بلاش الكلام الأفلاطوني بتاع إن “الابتسامة الصافية كفاية” ماشي يا سيدي، مقلناش حاجة.. ابتسم ابتسامة صافية وإنت معاك هدية عبيطة، عادي يعني.. هاديها.. الكائنات المؤنثة بتحب الهدايا أوي وبتمسح حاجات كتير وحشة عندها بالأستيكة.
5– الريمايندر
لازم ريمايندر الحاجات الحلوة اللي بتحصل يبقى شغال طول الوقت، الأوقات الصافية والضحك اللي م القلب.. اكتبوها، سجلوها، خلوا عندكو أي سجل ليها يفوّقكم لما تتسحلوا في دوامة الاختلاف.
6– مش إنتو لوحدكم المذنبين
إحنا عايشين في مجتمع صعب، البطل الأول في مشاكلنا هو الضغوط اللي إحنا عايشين فيها.. محدش فينا بيتعامل مع التاني بطاقته الكاملة، إحنا مستنزَفين من قبل ما نوصل البيت، معندناش طاقة نكمل استنزاف فيه.. فافتكروا كويس إنكم أبطال في حدوتة تانية أكثر صعوبة، كفاحكم فيها لوحده كفيل بإنكم متكونوش مبسوطين.. دي مأساة بلد بحالها مش مأساتكم لوحدكم.
وفي النهاية:
عايز تحس إنك وحش ولا تصلح لإسعاد مراتك عشان شوية الخلافات؟ ماشي إشطة.. استمتع بغرقك في مأساتك، ومتتوقعش إن الوضع مش هيزداد سوء.. عايزة تقعدي تعيطي طول الأسبوع عشان حاسة إنه اتعود على وجودك وإنك مبقيتيش غالية زي الأول؟ جميل.. عينيكي المبقللة بتوجعك إنتي بس.. وبدل ما هو متعود على وجودك، هيتعود كمان على عياطك.. والحياة هتبقى في منتهى اللذة.
أكتر حاجة اتعلمتها في الشهر ده إن مبقاش عندنا رفاهية الاكتئاب، رفاهية “مش لاعب”.. السلبية هي وسنينها واللي بتعمله فينا لما بتستوطن، قبيحة جدًا.. قوموا فزّوا شوفوا تقدروا تسعدوا بعض إزاي، وتنهوا أي وضع مأساوي فورًا.
مفيش حاجة حلوة هتيجي بالساهل.. زي ما قعدت شهور بتمنى “أصبح على حجازي” وقعدت شهور تتمنى “تصبح على ريهام”.. هنقعد حبة لحد ما نحس بالسكينة بتاعتنا في البيت، ونلملم وجعنا ونخبيه تحت حوض المطبخ، أو جوة رملة القطة.. ونتفرج عليه سوا ونحس بالانتصار.