عرفت خدعة الجمال عندما كنت صغيرة وكنت أسير في الشارع برفقة صديقة مواصفتها عكس مواصفاتي، وكانت قناعاتي أنني الأجمل حسب مواصفات الجمال التي أقرها أهلي. في الشارع وقف الصبيان يعاكسوننا ثم قال أحدهم إننا جميلتان لكن صديقتي الأجمل. كانت صدمة جعلتني أدرك مبكرًا أن المواصفات التي أقرها أهلي خاصة بهم، لكنها لا تنطبق على مواصفات الجمال التي يقرها كل مجموعة من الناس. فهمت رغم حداثة سني أن المواصفات فخ، وأنني لو كنت جميلة فذلك لأنني أشعر بالجمال من داخلي، ولم أفكر يومًا كيف اجعل نفسي جميلة.
ما هو مفهوم الجمال الحقيقي؟
الجمال كلمة مخادعة لا تدل على مفهومها الحقيقي. في داخلك تعرف أن الجمال أمر نسبي وغير محدود، ليس له قواعد أو مواصفات، تعرف أنه الصفة التي تداعب الحواس وتجلب المتعة والدهشة وترضي العين، وتترك في القلب أثرًا. لكن شيئًا في إدراكك يجعلك تتخيل رغمًا عنك عندما تسمع كلمة جمال، امرأة بمواصفات معينة، مثل فتيات الإعلانات و”الموديلز”، يأتي تنميط الجمال اللا إرادي من تأثير الإعلام والأجيال القديمة التي ساهمت في رسم صورة ذهنية مخادعة عن الجمال. وحتى بعد أن تدركين بخبرتك الحياتية المفهوم الحقيقي للجمال، تبقى داخلك تلك النغزة المخادعة، والتي نقاومها بترسيخ مفهومنا الذاتي عن الجمال. وهو مفهوم متغير بالمناسبة.
الجمال ليس خاصية في ذات الأشياء.. بل في العقل الذي يتأملها – ديفيد هيوم
البعض يرى الجمال في الثقة، والبعض يرى الجمال في القوة، البعض يراه في الامتنان للعيوب وحبها، والبعض يراه في التناسق الظاهري أو الداخلي، البعض أيضًا يراه بشكل سطحي ويستخف به. الجمال مفردة واسعة وذاتية. لكن الأكيد هو أن الجمال هو الصفة التي تنبع من الشعور بالاتساق. بأنك في حالة اتساق وتصالح تام مع جسمك ولونك وطبيعتك.
ربما نحتاج لأن نأوي أنفسنا حتى نرى الجمال – جوانا كولز
وبرغم أن الفكر النمطي عن جمال النساء محصور في أجسادهن ووجوههن، إلا أن بعض المثقفين تبنوا وروجوا لفكرة أن الجمال فقط جمال الروح، وأن العقل أجمل من الجسد، والذكاء أهم من الجمال، بل وربطوا الجمال بالتفاهة والحماقة، بعد أن كان مربوطًا بالعفة والفضيلة. كل من كتبوا عن الجمال على مدى العصور كانوا رجالاً أرادوا أن يوجهوا المجتمع بحسب مفاهيمهم الشخصية جدًا. لكن الحقيقة أن الاهتمام بالمظهر غير مقترن بالفكر والذكاء. والمرأة التي تجيد معرفة مواطن الجمال فيها هي المرأة الأذكى بلا شك. الجمال شعور عقلي تشعرينه عندما تقوي نفسك وترينها بالصورة التي ترضين عنها وتحبينها. فالجمال مثل النهر العذب داخل كل إنسان، وعليه أن ينقب عنه ويكتشفه ويظهره بنفسه.
كيف اجعل نفسي جميلة ؟
أولاً: الجمال الروحي
1. كوني واثقة
الثقة هي العامل الجذاب الذي يجعلك تشعرين بالجمال وأنت تسيرين بأبسط مظهر لك، يجعلك تتحدثين فيستمع إليك الناس ويقدرون كل ما تقولينه. الثقة هي التي تجعلك تتسامحين مع عيوبك الظاهرية بل وتحبينها. الثقة تأتي عندما تتتخلصين من كل مصادر معايير الجمال المزيفة. احذفي تطبيقات السنابشات، توقفي عن متابعة المشهورات اللاتي يعتمدن على الجمال الصناعي ويصبنكِ بعدم الأمان. الآن يجب أن تدركي أنكِ مهمة ومشاعرك مهمة وآرائك مهمة تمامًا مثل مشاعر وآراء غيرك. لا تجعلي لطفكِ مع الناس يمنعك من تقدير نفسك والتعبير عن رغباتك.
2. امتنّي
ماذا لو امتننتي للأشياء التي تسعدك، دوّنيها كل يوم. الشعور بالامتنان والشكر يقاوم الشعور بالغضب الذي يأكل الجمال، فيجعل روحك أسعد. هذه السعادة التي تظهر على ابتسامتك ووجهك وحتى لفتاتك البسيطة.
3. لا تأخذي بآراء الناس
الجمال صفة ذاتية، لها العديد من التعريفات ولا يمكن مقارنتها. الكوافيرة التي تقول شعرك ضعيف لها مصلحة. والصديقة التي تعلّق على وزنك تشعر بعدم الثقة في جسدها، الرجل الذي يلقي بالتعليقات السلبية على مظهرك في داخله خوف من هذا الجمال، الذي ربما يسبب له المتاعب أو الغيرة، أغلب الآراء السلبية المُحطّمة المقصود بها ليس مظهرك، لكن ما بداخلهم. لذلك لا تشغلك آراء الناس.
4. أنتِ مختلفة
من المهم إدراك أنكِ مختلفة وأن تميزك عن غيرك في ذاته جمال. لو كانت كل النساء شقراوات بأجساد ممشوقة لسئم الناس من الجمال، لكن الجيد أن الجمال متنوع، وحتى معايير الجمال تختلف من بلد لآخر، في أوروبا تميل النساء للجمال الطبيعي والأجساد الرياضية، لكنهن يفتقدن جاذبية اللون البرونزي والجسد البض ويبحثون عنه، في إفريقيا الجمال بري والأجساد بضة والملامح كبيرة لكنهن يفتقدن البطون الممسوحة والشعور الفاتحة، في آسيا الشعور ناعمة والعيون واسعة لكنهن يفتقدن الأجساد الممشوقة والملامح البارزة. في كل امرأة جمال وجمالك في اختلافك.
ثانيًا: جمال المظهر
1. الصحة
- الاهتمام بالصحة ضرورة، ليس فقط للظهور بشكل جذاب، لكن للظهور بشكل صحي وتأخير علامات التقدم في السن. شرب كميات كبيرة من الماء (2-3 لتر في اليوم).
- النوم الجيد (8 ساعات)
- التركيز على أكل الخضر والفاكهة أكثر من الحلوى والمخبوزات.
- ممارسة الرياضة ولو في البيت بالاستعانة بالتطبيقات الهاتفية والفيديوهات. والمشي يوميًا، الجلوس في وضع مستقيم، شد الظهر والرقبة والأكتاف حتى تتجنبي الارتخاء الذي يعطي مظهرًا كسولاً بعيدًا عن الجمال. وممارسة الرياضات الروحية مثل اليوجا والتأمل تمنح الكثير من التوازن.
2. النظافة الشخصية
- غسيل الأسنان بشكل منتظم، استخدام غسول فم في حال أنك مصابة بتقلبات في المعدة أو لديك تركيبات صناعية تغير من رائحة نفسك.
- الاهتمام بالشعر بطريقة مريحة تمنحك حيوية وبهجة، يمكنك أن تستخدمي معه كل أنواع الزينة أو تتركيه على طبيعته، المهم أن تكوني سعيدة به.
- الاستحمام يوميًا واستخدام الكريمات المرطبة باستمرار.
- استخدام غسول للوجه إذا كانت بشرتك حساسة، في حال الخروج في الشمس استخدمي واقيًا ضد الشمس (على الأقل SPF15). أهم أسباب الجمال بشرة صحية، والبشرة شديدة التأثر ولا تتسامح بسهولة إن عرضتها للانهاك.
3. طريقة ارتداء الثياب
الشيء الذي قد يغير مظهرك من النقيض للنقيض هو كيفية ارتداءك للثياب. انتقي فقط ما يناسبك ويظهر شخصيتك وروحك، من متابعتي لبرنامج الموضة “Beauty Match” احتفظت ببعض النصائح المهمة:
- إذا كنتِ طويلة لا ترتدي الثياب الطويلة جدًا، ولا تخجلي من ارتداء الكعب العالي، وإذا كنتِ قصيرة ارتدي بناطيل أو جيبات بخصر عالٍ وابتعدي عن الثياب متوسطة الطول.
- إذا كنتِ سمراء ارتدي الألوان الفاتحة والمبهجة، وإذا كنتِ شقراء تكونين أجمل في الألوان الهادئة.
- اذا كنتِ ممتلئة ابتعدي عن الثياب ذات التفاصيل الكثيرة أو الطبقات الكثيرة، ارتدي الثياب التي تبرز خصرك، ولا ترتدي أكمامًا طويلة جدًا، لأن الرسغ أنحف من الجسد ويعطي شعورًا بالنحافة. أما إذا كنتِ نحيفة فيمكنك ارتداء الثياب المنقوشة وذات التفاصيل، كما يمكنك ارتداء البناطيل العصرية الواسعة والفساتين لأنها تجعل جسدك أكثر أنوثة.
4. اخرجي من دائرة الأمان
إذا كنتِ معتادة على اللون الأسود في الثياب الآن عليكِ أن تغيري مظهرك وترتدي ألوانًا جديدة وأقمشة جديدة من الجلد والشيفون والحرير. إذا كنتِ معتادة على الفساتين إنه وقت تجربة البناطيل، والعكس. غيري طريقة تصفيف شعرك، ألوان ولفة حجابك، أضيفي أكسسوارات تناسب ذائقتك، إذا كنتِ معتادة على النمط التقليدي “كلاسيك” جرّبي ارتداء النمط العصري “كاجول”، والعكس. اخرجي من دائرة أمانك لتجدي مساحة جديدة داخلك وخارجك، ليس فقط لتجددي مظهرك لكن لتكتشفي نفسك ومواطن الجمال فيكي.
في النهاية.. يجب على كل امرأة أن تفعل ما يشعرها أنها جميلة دون تكلف، تتضع الزواق، تخرج بدون زواق، ترتدي الكعب العالي، تخرج بثياب رياضية. تغطي عيبًا في وجهها أو تظهره، تفضل شكل جسدها أو تحاول أن تغيره. المهم هو أن تكون اختيارتها النابعة من رغبة حقيقية، قدرتك على اتخاذ القرار في حد ذاتها قوة وثقة. وكل قوة وثقة مع الشعور بالرضا عن النفس هم الأسباب الحقيقية للجمال.