السفر هو الباب السحري لرؤية الجانب الآخر من الحياة، الذى تغفله أعيننا بين روتين حياتنا اليومي وجبال الأعباء والمسؤوليات التي لا تتوقف، سواء تجاه العمل أو رعاية الأسرة. فالحرية والانطلاق بدون قيود هما أول الهدايا التي يمنحها السفر لنا، وهي للدهشة تُعد أبسط تلك الهدايا وأخفها.
إلى جانب هدايا أخرى لا تُقدَّر بثمن، مثل إعادة اكتشاف الذات من جديد، وتكوين معارف وصداقات من جميع أنحاء العالم، أما الهدية الأهم على الإطلاق أن نصبح أكثر إنسانية ونتقبل من حولنا. ما زلت أتذكر كيف منحتني رحلتي إلى تركيا الثقة في تدبير أمورى بنفسي، مقارنة بما كنت أعتقده عنى نفسي من أنني أحتاج دومًا إلى مساعدة.
لكن مع ذلك خلال رحلات السفر ربما نقع في أخطاء قد تتسبب في ضياع القدرة على استمتاعنا برحلتنا، أو الخروج بأي فائدة منها، وهى كالتالي:
الحديث في الانتماءات السياسية أو الدينية قد يسبب مشكلات وأحيانًا قد يعرضك للخطر.. الأمر مثل رمي عود الكبريت في مستنقع هائل من البنزين
1. عدم مراجعة مواعيد الطائرات ليلاً أو نهارًا
بعد الحصول على تذكرة السفر، يجب على المسافر التدقيق في موعد قيام الطائرة جيدًا، والتأكد من موعد الرحلة هل صباحًا أم مساءً، وهي “pm” أو “am”، لأنه أحيانًا بسبب صغر حجم الخط المكتوب على التذكرة سواء إلكترونيًا أو مطبوعة، قد يحدث خطأ في تقدير الوقت. كذلك التأكد من موعد الرحلة قبل الانطلاق بثلاثة أيام على الأقل، سواء بمراجعة الأوراق الرسمية، فضلاً عن الاتصال بشركة الطيران.
خلال رحلة إلى لبنان، غيرت المؤسسة الراعية للمؤتمر الموعد قبل موعد السفر بيومين، وأرسلت لي رسالة بالتغيير عبر الإيميل، ولكن لأني كنت مشغولة في التحضيرات للسفر، لم أنتبه للإيميل، وعندما ذهبت للمطار، فوجئت بالتغيير، واضطررت إلى الانتظار 10 ساعات كاملة داخل المطار حتى موعد انطلاق الرحلة التالية.
2. الملابس خلال السفر
من أهم الأخطاء التى يقع بها المسافرون الجدد، حمل كمية كبيرة من الملابس، تحت بند التقاط أكبر قدر من الصور بأزياء مختلفة، أو التنويع فى الملابس خلال حضور مناسبات مختلفة. ذلك الخطأ وقعت فيه خلال إحدى رحلاتي، وحملت أكبر كم من الملابس معي، وهو ما اكتشفت أنه خطأ، فمن مميزات السفر التسوق وشراء هدايا وملابس، سواء لأنفسنا أو للآخرين، وبالتالى عند حمل كمية كبيرة من الملابس فنحن قد وقعنا في فخ الحمولة الزائدة التي قد تكلفنا أموالاً في المطار. وكذلك ضيَّعنا على أنفسنا مساحة للتخزين، بالتأكيد نحتاجها لوضع الهدايا.
3. تمييز الحقائب
من أكثر اللحظات المرعبة التي مررت بها خلال إحدى رحلات سفري، عندما اكتشفت ضياع حقيبتي بالكامل خلال السفر، ولم يكن بحوزتي أي شيء سوى المال في حقيبة يدي. كان الخطأ الذي وقعت به وعرفته من خلال متابعة رحلة الوصول إلى الحقيبة لمدة 4 أشهر، هو ضرورة تمييز حقيبة السفر، بعلامة مميزة أو بلون مختلف، أو حتى بأبسط الأمور تغليفها في المطار. أما الدرس الثاني فهو أن يكون لديك حقيبة صغيرة، بها على الأقل طقم ملابس كامل، ليكون بديلاً في حال ضياع حقيبة ملابسك أو تأخرها في المطار.
اقرئي أيضًا: القميص الأبيض ينفع مع البنطلون الأسود
4. احفظ الصور في كل مكان تصل إليه يدك
من الأخطاء القاتلة التي وقعت فيها، عدم نقل الصور الخاصة بإحدى رحلات السفر على اللاب توب فور عودتي. واعتقدت أنها في أمان بوجودها على ذاكرة الهاتف المحمول، ولكن نتيجة مشكلة تقنية في الهاتف، مُسحت كل الصور والتي تجاوزت الـ2000 صورة، وحتى الآن أشعر بالندم. لذا فور العودة من السفر يجب نقل كل الصور والفيديوهات على وسيلة تخزين إلكترونية خارجية، أو نقلها لأي جهاز، والأفضل بالطبع أن يتم الأمر يومًا بيوم خلال فترة السفر نفسها، من خلال وضعها على جوجل درايف.
5. القراءة عن مكان السفر بشكل مفصل
على المسافر القراءة عن وجهة السفر بشكل مُفصَّل، سواء في الأماكن السياحية المهمة داخل البلد، المواصلات المتاحة، كيفية التواصل مع سكانها، “ريفيوهات” لمسافرين آخرين عنها، وإن كان لك أحد في معارفك بالطبع سافر إلى نفس البلد، سيكون الأمر فعال بشكل أكبر. توفر القراءة الوقت والجهد والمال، فمثلاً عندما تخليت عن عادة القراءة خلال إحدى رحلاتي بسبب ظروف التجهيزات، لم أستطع الوصول إلى أهم مكان سياحي في البلد الذي أزوره، وكان خارج العاصمة، وبالطبع خسرت جزءًا مهمًا من جمال الرحلة.
6. عدم الحديث في السياسة أو الدين مع سكان البلد
يبدو الأمر بالضبط كرمي عود الكبريت في مستنقع هائل من البنزين، فالحديث في الانتماءات السياسية أو الدينية قد يسبب مشكلات وأحيانًا قد يعرضك للخطر، خصوصًا إذا كان لا يعرف انتماء مُحدِّثه، كما أنها تقلل من متعة السفر. فخلال حضور أحد المؤتمرات خارج مصر، وكنا مجموعة من الشباب والفتيات فى طريقنا لحضور الجلسات، تحدث معنا سائق التاكسي عن مشكلة سياسية، وبتلقائية بدأنا نجيب ونتناقش، وكانت النتيجة مشاجرة كبيرة، بسبب أن السائق له انتماء مختلف.
7. عدم الاعتماد على عروض الشركات السياحية بشكل دائم
تحويل النقود من عملة لأخرى داخل المطار فيه خسارة للكثير من الأموال. والأفضل الاعتماد على محال الصرافة أو البنوك قبل السفر
متعة السفر في الاستكشاف والتجربة، وعلى الرغم أن عروض الشركات السياحية خلال السفر توفر الكثير من المشقة والتعب، لكن في المقابل تحرمنا من تلك المتع. وهي من الأخطاء التي نجحت في تجنُّبها، فتنظيم خطوات وإجراءات السفر بشكل ذاتي، يتيح للمسافر العديد من المتع والفوائد في آن واحد، أهمها التوفير ماليًا، واستكشاف دهاليز البلد الذي يسافر إليه وعدم الاكتفاء بالأماكن المشهورة. ولتوفير المصروفات أيضًا تجنب تحويل النقود من عملة لأخرى داخل المطار، لأن ذلك فيه خسارة للكثير من الأموال. فالأفضل الاعتماد على محال الصرافة أو البنوك قبل السفر.
8. المواصلات العامة كنز
قبل إحدى سفرياتي إلى الدول العربية، نصحتني صديقة سبق وسافرت إلى هذا البلد بالحذر من المواصلات الخاصة، بسبب ارتفاع أسعارها. ونجحت في اتباع نصيحتها، باستثناء مرة واحدة، اضطررت إلى الاعتماد على تاكسي، وكانت النتيجة أنني دفعت مبلغًا كبيرًا جدًا، ولم أصل إلى المكان المنشود.
من الأخطاء التي نرتكبها في السفر هي الاعتماد على المواصلات الخاصة، ولكن للتعرف على طبيعة البلد الذي نسافر إليه، تعتبر المواصلات العامة بمثابة كنز، فهي توفر علينا الكثير من الأموال الباهظة في المواصلات الخاصة، كما أنها يمكن أن تصبح بمثابة نزهة نشاهد من خلالها طبيعة البلد الذي نزوره.
9. وأخيرًا تجاوز حالات الغضب أو الشجار سريعًا
تبدو نصيحة بديهية، ولكنها مهمة جدًا، ففي حال وقوع أي مشكلة يجب على المسافر تجاوز مشاعر الغضب والشجار سريعًا، للاستمتاع برحلته. فخلال إحدى الرحلات عندما اكتشفت أن أهم معلم سياحي في البلد الذي أزوره لن يمكن الذهاب إليه بسبب ضيق الوقت والأموال الباهظة لو قررت الانتقال بالطيران. كان قراري هو أن أتجاوز مشاعر الغضب سريعًا والضيق، وأحاول الاستمتاع بما تبقى في الرحلة، وبالفعل الآن ما زالت أتذكر تفاصيلها وأشعر بالسعادة.
في النهاية، السفر هو كنز من كنور الحياة الخفية، التي يجب على الجميع الحرص على البحث عنها واقتناء البعض منها، بالسفر ولو لمرة واحدة في الحياة، كما عبرت عنه رواية “الخيمائي” لباولو كويلو “الكنز في الرحلة”.