بعد “زيزي” و”تيتو”: مشاهير يعانون من متلازمة ADHD

5433

ماذا تعرف عن متلازمة ADHD؟

قبل سنوات طويلة كانت متلازمة ADHD (اضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط والحركة) يُشخَّص من قِبَل الأطباء -أثناء الطفولة والمراهقة- باعتباره اضطرابًا نفسيًا يؤثر على جوانب الحياة الدراسية والعملية والاجتماعية، لكن بالوقت نفسه لم يكن الطب يملك الكثير من الإجابات وسُبل النجاة المتوفرة لأبناء اليوم، مكتفيًا برصد الأعراض ومحاولة شرحها بوضوح لأهالي المصابين، بالتزامن مع مزج العقاقير مع المتابعة النفسية. تلك الأعراض كان من بينها: صعوبة التخطيط للمهام، سرعة التشتت وعدم القدرة على التركيز بمهمة واحدة أو الانتهاء منها، صعوبة الجلوس خلال تناول الطعام أو المذاكرة، بجانب صعوبة تقدير حجم المخاطر التي تنتظرهم، وعدم القدرة على السيطرة على الانفعالات، بل والتصرف بعدائية أحيانًا.

ADHD ليس النهاية

مع مرور الوقت وزيادة الوعي تغيرت الأوضاع شيئًا فشيئًا، إذ لا يمكن إنكار الجهد الهائل الذي بذلته الأمهات العربيات اللاتي لديهن أطفال مصابين بالـ ADHD خلال السنوات القليلة الماضية، وشنهم حملات توعوية وتعريفية مدروسة بمنتهى الإصرار، سواء على أرض الواقع أو على السوشيال ميديا من أجل إجبار الجميع وكل الجهات على قبول أولادهم مجتمعيًا، حتى بات الـ ADHD مرضًا عاديًا لا يخجل منه أحد ويعترف به أصحابه على الملأ، بل ويفخرون بالطرق الصعبة التي يخوضونها كل يوم ليصبحواأفضل أو لتحقيق أحلامهم.

الاضطرابات النفسية في الدراما

لحسن الحظ بدأت الدراما في رصد هذه القضايا بعمق، ولعل العمل الأهم الذي حقق ذلك مؤخرًا، كان مسلسل “خلي بالك من زيزي” الذي عُرض رمضان الماضي وجاء من بين أبطاله طفلة مصابة بالـ ADHD، والأهم شابة بأواخر العشرينيات مصابة به هي الأخرى، الفارق بينهما أن الأخيرة لم تُشخَّص إلا حديثًا، لنلحظ الفارق في سلوك الاثنتين وأهمية اكتشاف الاضطراب مبكرًا، وكيفية تعريف الأهل الطرق المثالية للتعامل مع أبنائهم لاحتوائهم ومساعدتهم على التكيُّف ومن ثَمّ التعافي من المرض النفسي.

مشاهير ومبدعون يعانون من متلازمة ADHD

مع النجاح الهائل الذي حققه المسلسل تشجع بعض المشاهير لإعلان إصابتهم بالــADHD والحكي عن تجربتهم الشخصية بمميزاتها وإخفاقاتها، على رأس هؤلاء جاءت جانا عمرو دياب التي صرحت بإصابتها بالمرض، بالإضافة إلى معاناتها كذلك من اضطراب القلق الهلعي، وهو ما ترتب عليه إجبارها على ترك المدرسة بسبب عدم قدرتها على تحصيل درجات مرتفعة، خصوصًا في ظل معاناتها من صعوبة التركيز أو تسليم الواجبات المدرسية في المواعيد المقررة.

ومع أن المدرسة البريطانية الكبرى فشلت في التعامل معها بحرفية، حتى أنهم كانوا يُسيئون إليها ويصفونها بالكسولة والغبية بدلاً عن توجيهها ومساعدتها على اجتياز الصعوبات، مما زاد من تراجع مستواها وحالتها النفسية وجعلها تفقد الثقة بنفسها، إلا أن كل ذلك تغير تمامًا بعد مغادرتها للمدرسة، إذ حصلت على دبلومة في الغناء، حيث شغفها الأكبر، فيما شرعت بدراسة الأدب الإنجليزي وعلم الاجتماع، بالتزامن مع تحقيقها بعض الإنجازات وقطعها شوطًا واضحًا في مسيرتها المهنية، وهو ما جعلها تنصح المصابين بأي أمراض نفسية بالإيمان بقدراتهم وعدم السماح لمن حولهم بإحباطهم.

اقرأ أيضًا: الصحة النفسية للطفل: أسباب الاضطرابات وكيفية علاجها

العلاقة بين المرض النفسي والإبداع

الفنان رايان جوزلينج، أحد نجوم هوليود الذين قد لا يبدو عليهم الإصابة باضطراب ADHD، وهو المرض الذي وصفه بالصعب، مؤكدًا أنه وإن كان يجعل الحياة والتحقق أمرًا عسيرًا لكنه بالوقت نفسه لا يجعل النجاح مستحيلاً. أما النجم جيم كاري صاحب الأداء الاستثنائي بمجال الكوميديا، فصرَّح بأن اضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط طالما طرد من عينيه النوم ليلاً وجعله على وشك الانفجار، بجانب تسببه في معاناته من صعوبة التركيز، وإن كان هذا الاضطراب كان هو نفسه ما جعله مبدعًا ولا يخشى الاستكشاف أو الانفتاح على التجارب غير التقليدية.

نجم آخر اختبر معاناة الـADHD، هو الممثل ومغني الراب ويل سميث، الذي أجمع على حبه الكبار والصغار، ومع أنه لم يتم تشخيصه صغيرًا، لكنه اكتشف ذلك بنفسه في الكبر، حين لاحظ ظهور الأعراض عليه، مثل عدم قدرته على البقاء ساكنًا لفترة من الوقت، بجانب رفضه الدائم لفكرة الجلوس، وعدم قدرته على التركيز، وهو ما سبق أن انعكس بوضوح على معدل تحصيله الدراسي بالصغر.

أما الممثلة جينيفر لورانس فأكدت أن هذا الاضطراب كثيرًا ما وضعها بمواقف محرجة وتسبب لها بفوبيا الطيران، وهو ما حاولت حله من خلال العلاج النفسي المكثف. ومن النجمات المصابات بالاضطراب نفسه إيما واتسون، وهو ما قد يجده البعض غريبًا كونها تخرجت بتفوق من الجامعة، وتعمل سفيرة بالأمم المتحدة، لكنه كذلك يؤكد أن المرض النفسي ليس وصمة عار والأهم أنه ليس نهاية الدنيا.

العلاج بالموسيقى

ومن المجال الموسيقي، نذكر مغني الراب ويل آي إم، الذي أكد أن موسيقاه ساعدته على التعامل مع مرضه، خصوصًا أنه كان سببًا في ضخ الأفكار الإبداعية داخل ذهنه، للدرجة التي تجعله يظن أنه كان سيفشل تمامًا إذا عمل بأي وظيفة أخرى غير الموسيقى. أما المغني الشهير آدم لافين، فصرَّح بأنه طالما كان يواجه صعوبة، سواء في الجلوس والتركيز أو إنجاز واجباته المدرسية، غير أن دعم أهله له ساعده على تلقِّي العلاج. لكن -للأسف- استمرت بعض الأعراض معه بعد البلوغ، إذ عاني أحيانًا أثناء كتابة الأغاني والتسجيل في الاستوديوهات، الأمر الذي أكد له أنه لم يشف بالكامل ولا زال يعاني من أعراض الـADHD، مما دفعه للجوء للعلاج النفسي.

اقرأ أيضًا: دليلك الكامل: كل ما تود معرفته عن العلاج بالرقص والحركة

تحطيم الأرقام القياسية

على مستوى الرياضة، هناك رياضيون معروفون أصيبوا بهذا المرض، لكن ذلك لم يمنعهم أبدًا من تحقيق نجاح ساحق في مجالهم، على رأس هؤلاء لاعب السلة مايكل جوردان، الذي صنف كأفضل لاعب سلة في التاريخ، بجانب فوزه بالعديد من الجوائز الأخرى وحصوله على الكثير من الألقاب الاستثنائية. وهناك أيضًا السباح الأمريكي مايكل فيليبس، الذي حطم الأرقام القياسية في لعبته، وتحول إلى بطل أسطوري لا يُعوَّض.

المثابرة  هي الحل

أما المثال الأخير والأبرز بتلك القائمة، فهو رجل الأعمال ومؤسس مايكروسوفت بيل جيتس، أحد أغنى مشاهير العالم وأكثرهم حنكة وذكاءً، ومعرفة أنه من المصابين باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه قد يمنح الأمل لمئات المصابين الآخرين، بأن نجاحهم محض قرار ولا يفصل بينهم وبينه سوى خطوة واحدة عليهم فقط أن يتخذوها.

اقرأ أيضًا: كيف أعرف أن طفلي عنده فرط حركة.. الأسباب والأعراض

المقالة السابقةحلقات السرد
المقالة القادمةبعد عامين من الأمومة: ما زالت لدي قائمة أمنيات
ياسمين عادل
امرأة ثلاثينية متقلبة المزاج، أعشق الرقص على السطور كتابةً، أُحب الفن بمختلف أنواعه وأعيش عليه. والآن كبرت وصار عليّ أن ألعب في الحياة عشرات الأدوار طوال الوقت، لأستيقظ كل صباح أُعافر حتى أستطيع أن أُحاكي بهلوانات السيرك فأرمي الكُرات المُلونة بالهواء ثم ألتقطها كلها في آنٍ واحد.

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا