بقلم: آلاء السقا
في أزمة كورونا عرفت أن تلك الحياة المملة التي كُنا نحياها ولا نعلم قيمتها، ثمينة بشدة، اللحظة البسيطة التي كانت تمر في هدوء دون توجس ورهبة وقلق من القادم المجهول، كانت أجمل النعم. الفترة التي كانت تأتي وتمر عليَّ مرور السلحفاة فوق القَشِّ، شعوري بجسدي يكاد ينفجر من الملل والبغض لتلك اللحظة الهادئة، لماذا كنت ألوم بالي على صمته؟! الآن لا أستطيع جعله يكف عن الشِجار مع عقلي وأفكاري وهواجسي. اليوم العادي هو نعمة كبيرة، ترهبني فكرة اشتياقي للأشياء البسيطة، لسلام الأيدي، لعناق عائلتي. إن من عاداتي اليومية قبل الذهاب إلى النوم؛ أن أذهب لكل فرد في بيتي وأقبله بعناق طيب، فكرة أن يأتي يومٌ يمنعني من فعل تلك العادة، ترهبني.
كيف سأشتري ملابسي؟ أختارها وأرتديها لأشاهدها فوقي، هل ستصبح جلسة المقهى مع الأصدقاء فِعلاً نادر حدوثه؟ أين تُقال الأسرار وتتناثر أيضًا الضحكات المستمرة المتبادلة بينهم بعد مزحة قالها أحدهم بتلقائية، حين كان كل شيء عاديًا، وكان ذلك الشيء العادي شيئًا مكروهًا ومملاً؟
المساجد والكنائس الفارغة، الآن نشعر بقيمتها، قيمة الصلاة بداخلها، والشعور الدافئ الذي استهترنا به حين إتاحته باستمرار أمامنا. لا أتخيل لحظة أجلس فيها وكلي حنين لمقابلة شخص أحبه ولا أقدر على ذلك. أتساءل: هل سنفتقد التجمعات التي كنا نستثقلها؟ سنندم على كل لحظة ضاعت بين خصام ومكابرة، كل صراع حدث بين أشخاص لا تُعَوَّض على أشياء مادية تُشتَرى بأقل ثمن، كل لحظة هنيئة مرَّت ومضَت من أمامنا حين كُنا مغمضين الأعين عن كل ما هو جميل وبسيط وعادي. الشيء الهَيِّن أصبح صعب الوصول إليه، الأمان هو الهدف الحقيقي، أن تشعر بالأمان، الصحة، الرضا، والهدوء النفسي، في لحظة نتعلم أن الأشياء المعنوية لا تُشتَرى، وأن لحظة دفئنا وشعورنا بالأمان بين أسرنا وبيوتنا يعتبر أكبر نعمة.
الوعي والنظافة والاطمئنان مع الحذر والسير على نصائح منظمة الصحة العالمية وغيرها من المؤسسات الصحية العليا الموثوق بها، شيء كافٍ لمكافحة العدوى، أو بمعنى أصح الوقاية منها. كوفيد-١٩ لم يكن أول فيروس ينتشر في العالم، فجاء منذ عديد السنوات فيروسات قاتلة لأعداد مهولة، بالرغم من قلة وسائل الاتصال حينها، في حين أيضًا أن سارس وميرس اللذين اكتشفا في السنوات الماضية، نسبة وفياتهما أكثر بكثير من كوفيد-١٩. علينا أن نساهم في السيطرة على العدوى، كل من يريد العودة لحياته الطبيعية، ومساعدة الآخرين على هذا أيضًا فليطمئن ويحذر في آنٍ واحد، يؤمن أننا قادرون على التصدي أمام العدوى، وأن تلك مسؤولية تحتاج فقط الوعي، وعيَك ووعي غيرك.
فقط نصبر ونحترس باطمئنان، كي تمر أزمة كورونا قبل أن نصل إلى تلك الحالة التي ذكرت بعضًا منها، وأعلم أن كلنا نهابها.
بعض نصائح منظمة الصحة العالمية:
١. اغسل يدك بانتظام.
٢. تجنب ملامسة وجهك بيدك (العينان والأنف والفم).
٣. غطِّ فمك عند السعال بمنديل ورقي أو ثني المرفق عند الحاجة، وتغييره وتطهيره فورًا عند المقدرة.
٤. تجنب الأماكن المزدحمة.
٥. الزم بيتك.
٦. التمس الرعاية الطبية مبكرًا، ولكن اتصل بمقدم الرعاية بالهاتف أولاً.
٧. احرص على متابعة آخر المعلومات التي تصدرها منظمة الصحة العالمية.
أفكار إيجابية تملأ لحظات جلستنا في البيت
– فيلم حلو.
– جلسة مع العائلة.
– انتظار شمس الصباح والتأمل.
– ممارسة أي هواية أو عمل مُسلٍّ.
– يوتيوب مليء بفيديوهات ثمينة لم تشاهدها بَعد.
– اللعب مع أطفالك.
– الاهتمام بنفسك.
– التفرغ لكل ما كنت تنشغل عنه.
– القراءة.
– لعب الرياضة المناسبة.
– التلوين.
– تنسيق البيت.
– مشاهدة التليفزيون.
علَّمتني أزمة كورونا ألا نألف النِعمة، وأن نستقبل الأشياء بصدر رحب لنفوز بنفسية سليمة، لا نتجاهل الترفيه، فإننا نستطيع صناعة الرفاهية بتلقائية داخل منازلنا، نشتري معطرات وأشياء أخرى بدلاً من خزين البيت، لا شيء سيهرب منا، فلا نضيع أيامنا في القلق والتوتر، ونؤمن حقًّا أن كل مُر سيمر، كل الموضوع هو مجرد طفرة تحتاج منا وقاية، فقط مجرد وقت، ونعين المسؤولين على تخطي المرحلة بأكبر نسبة نجاح، بوعينا وحرصنا على الوقاية بأكبر شكل ممكن.
اقرأ أيضًا: فيروس كورونا: الوهم نصف الداء.. الوعي نصف الدواء