بقلم: ولاء عيسى
مع مرور السنوات كان قد تراكم لديَّ كومة من الأحلام كنت قمت بتأجيل كل منها حتى يسمح الوقت أو تسمح الظروف، وكنت دائمًا لا أجد أي صعوبة في خلق مبرراتي لجعلها لعدة سنوات في طور الانتظار، لعل وعسى أجد الوقت والظروف والوسائل المناسبة لتحقيقها.
فكان مبرر انشغالي بالعمل على أساس ادِّخار جزء من راتبي لدعم الوسائل المساعدة لتحقيق أحلامي مريحة ومنطقية نوعًا ما، وكانت كافية بالنسبة لي، لتسكين تلك الوخزات الليلية التي تجتاح صدري عندما يقارب يومي على الانتهاء، دون التقدم بخطوة واحدة تجاه أي حلم، والشعور بشيء من التخاذل بفقدان شيء باهظ الثمن، وهو ذلك اليوم الراحل من عمري بلا رجعة، وتحدثني نفسي بأن شيئًا ما كان يتوجب عليَّ فعله، فتقاطعني بأن هذا الوقت ليس مناسبًا للتفكير في كل ذلك، لأنه ببساطة كل ما يتوجب عليَّ الآن هو النوم استعدادًا لاستقبال يوم عمل طويل ومرهق كذلك اليوم. أطمئن أن ما زال بحوزتي بعض من المبررات وما زالت قادرة على تخدير ضميري، فأنام وأصحو أعيد نفس السيناريو بحذافيره.
ولكن منذ شهور ولظروف ما اضطررت إلى ترك عملي، فلم يستغرقني الأمر وقتًا طويلاً لأكتشف الحقيقة الصادمة.
لديَّ الكثير من الوقت قد يصل حد الفراغ، وبعض من السبل والوسائل الأخرى، ولكنني ما زلت غير قادرة على العمل أو التقدم ولو بخطوة واحدة تجاه ما رغبت دومًا.
وظللت حائرة ولا أعلم أين تكمن مشكلتي الحقيقة، خصوصًا بعدما فقدت كل مبرراتي.
فوجدتني للمرة الأولى بمواجهة التفكير بصدد هدر العمر والطاقات دون أي أسباب مقنعة، والأخذ بالتفكير بأن مبرراتي ما كانت إلا أحد الأسباب التي عرقلتني وأخرتني كل ذلك العمر، أو بالأحرى هي ليست أحد الأسباب، بل في اعتقادي أنها كانت كل الأسباب، فهنا أدركت الآتي:
– أدركت أنني دومًا كنت متعبة بشأن ما لم أفعله وليس بشأن ما كنت أفعل.
– أدركت أن الأحلام المعلقة هي أثقل الأشياء على الإطلاق، التي من الممكن أن يحملها المرء معه، فتظل لعنتها تلاحقه دومًا وأينما ذهب بها.
– أدركت بأن أسوأ أنواع التخاذل من الإنسان تجاه نفسه هو أن يبرر عجزه وتأخره بحجة الظروف. وذلك لأنه ببساطة كلما ربط نفسه بسلاسل المبررات والظروف لن يتحرك خطوة واحدة.
– كل ما كان ينقصني قبل الوقت أو الوسائل هو القرار الذي يتبعه الإقدام، قبل زوال الحماس وصدأ الرغبة، وفي علم المنطق “لكل شيء مقدمة“، وما دامت لم تأتِ المقدمة أو البدء فبالطبع ستبقى مكانك كثيرًا حتى تقرر.
أخيرًا..
الأحلام هي أصل الحياة والشعور بالوجود، ويستحق منكِ الاهتمام بالقدر الذي يليق بإحساس الرضا تجاه ذاتك. ثقي بنفسك لتكتشفي فيها ما لم تعرفيه بعد، واستعيني بالله لا غيره، دون اعتماد على أحد، لأنه مشوارك أنتِ وذاتك هي الشخص الوحيد الذي لن تضلك ولن تخذلك أبدًا.
اقرأ أيضًا: هل يجب أن تحققي كل ما تحلمين به؟