إلى صغيرتي “غزل”

1257

بقلم: إسراء حسني

بدايةً.. أرجو من الله أن يُبارك فيكِ وفي صحتك، وأن يُطيل في عمرك أنت ووالدتك لأن الحياة بكن وجدت لقلبي طريقًا.

دعيني أخبرك يا “غزل” بأنكِ دائمًا ما تكونين أحد أهم أسبابي للاستمرار في تلك الحياة التي تزداد رتابة يومًا بعد يوم. أخبرتني أمكِ بنبأ الحمل وأنا أستعد لاختباراتي في الثانوية، مرحلة دراسية يقولون عنها إنها مصيرية، وكان القلق والخوف حينذاك تمكنا مني بشكل لا يدع لي قدرة على الحياة. تغلبت عليهما وتحمست، وصرت أتعجل الأيام كي أراكِ وأحتضنك وأرى تلك الطفلة الشقية التي أوسعت أمها ركلاً، أرى الطفلة التي طالما تمنيت أن أصير لها صديقة قبل أن أكون خالة، كنت أتمنى أن أحضر يوم مجيئك لدنيانا، ولكنك تسرعتِ قليلاً في القدوم، وأتى والدتك المخاض فجرًا، وهي -سامحها الله- لم تخبرني كي أحضر ما تبقى من محاضراتي استعدادًا لامتحانات قادمة.

بكيت كثيرًا عندما أخبرتني جدتك أنك أتيت إلى دُنيانا وأن أختي ما زالت ترقد من آثار البنج. أقسموا عليَّ جهد أيمانهم ألا أسافر وأن أقدم غدًا لأراكِ. طاوعتهم، ولكن يعلم الله أني لم أنم ليتلها من فرط حماسي واشتياقي، كنت أشتاق لرؤيتك شوق الكل للجزء الذي فارقه، وأنتِ الطفلة ذات اليومين تخيلتُكِ تخبريني باهتماماتك وأحلامك وبقصة حُبك الأولى، بل والأدهى تخيلتُك عروسًا بفستان زفافها الأبيض! وما أن رأيتك حتى صرت أتوق للحظة حبوك الأولى، وما أن حبوتِ حتى حلمت بخطواتك، وها أنتِ تخطي وها أنا أنتظرك  لتذهبي للمدرسة، وأعلم أن أمنياتي بكِ تفوق السماء، تُرى كيف ستنطقين اسم خالتك؟

حبيبتي “غزل”.. أنا مدينة لكِ، ومدينة لكل ضحكة صادقة كانت بصحبتك، لا أبالغ إن قلت إنكِ غيرتِ مفاهيمي وأسرعتِ من نُضجي، وأدعو الله كثيرًا أن أكون خالة صالحة قوية تفتخرين بها. ها هي فتاة العقرب تُكمل عامها الثاني وتشغل أكبر حيز في قلبي، وها أنا أقطع على نفسي عهدًا في ذلك اليوم بأنني لن أسمح لأحد أن يكسر لها خاطر أو أن يُشعرها بأنها غير مرغوب فيها أو ليست كافية.

لن أسمح أن تتوه وتتشابه عليها الطرق، أو أن تحمل الهم، أو أن تُسرق ضحكتها الساحرة منها، ولن أقبل أن تُخذل وتذبل تلك العينين البنيتين الساحرتين، سأكون بجوارها في معاركها متى استطعت وسمحت هي لي. سأخبرها الكثير عن الله وعدله ورحمته وأن تعبده بطريقتها، وسأخبرها بأن الله وحده هو الأمان في فوضى تلك الأرض.

إلى “غزل” التي صالحتني على الحياة ودفعتني للاستمرار والمعافرة دون أن تدري، وتمنحني ضحكة خالصة متى ما رأتني، أحبك بمقدار حُبك لإعلان “كوكاكولا” و”جلاكسي فلوتس” و”كندر”.

خالتك المُحبة

اقرأ أيضًا: رسالة إلى شمس

المقالة السابقةالونس
المقالة القادمةاضطراب الاكتناز القهري عند الأطفال
مساحة حرة لمشاركات القراء

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا