الأربعون الربيعي

792

بقلم: هند ممتاز

الأربعون هو سن أعلى المنحنى لأنه في الأغلب لن تعيش بقدر ما عشت. خط سير حياتك قد اتضح، أولوياتك، اتجاهاتك وطريقك في الحياة. نظرة الناس لك، منهم من يراك بطلاً منجزًا متفردًا، منهم من ينظر لك ويسأل سرًا أو علنًا ماذا حققت؟ لكنك أنت في هذه السن يكون في الغالب آخر همك نظرة الناس وتقييمهم لك، ولكنك تقف في منتصف الطريق وتقول ماذا حققت أنا؟

لكني تأكدت بعد ما مر بي أنه لا ضمان لأي شيء دنيوي، وضمانك هو نيتك، والتي إن لم تكن صالحة فعليك إصلاحها. وهنا يجب تأكيد أن المهم هو نيتك وليس عملك.

هنا يجدر بنا ذكر أن شعورك أنت هو ما يحدد عمرك، فأنا أرى نفسي ما زلت عشرينية الروح وثلاثنية الشكل، أحرص على إسعاد نفسي بنفسي ولا أنتظر شيئًا من أحد. أشجع نفسي عندما أنجح في شيء وأوبخها عندما تخفق. كان من أهم أمنياتي أن أحصل على الدكتوراه قبل الأربعين، والحمد لله قد كان، وقبلها بأيام. من أجل ذلك لا بد أن تضع لنفسك دائمًا أهدافًا وتسعى بجهدك أن تحققها. ليس كل الأهداف لا بد أن تكون أهدافًا دنيوية أو حتى أهدافًا بعيدة. احرص على إسعاد نفسك بنفسك، ولا تنتظر رأي أحد، بمعنى “كل اللي يعجبك والبس اللي يعجبك برضو”، ارسم حدودًا لعلاقاتك، ألِن قلبك وابقِه مفتوحًا. معادلة صعبة لكن ستتعلمها عندما تصل للأربعين.

أنا مثلاً كثير من الناس من الممكن أن تراني شخصية شديدة وقد تكون صعبة أيضًا. لكني تعلمت من الحياة أن أكون نفسي، لا أجامل على حساب أحد، وإن احترامي لنفسي هو أهم شيء، ولا أدني نفسي لشيء مهما كان.

نصيحة: لا تحاول أن تخدع البشر بشيء ليس بك ولا بهم، الخط المستقيم فعلاً أقصر مسافة بين نقطتين.

في الحقيقة إذا كان شكلي لا يظهر سني الحقيقية، وهذا أعتقد أنه من أهم أسبابه أني أتجنب قدر المستطاع ما لا يعنيني، وأحاول أن أحافظ على هواية أستمتع بها. القراءة غير أنها ممتعه إلا أنها سلاح ضد أي شخص يحاول تغيير تفكيرك إلى اتجاهات دينية أو دنيوية معينة، وتجعلك من الصعب أن تقع في الفتن.

وأنا في العشرين أو قبلها كنا على مشارف الألفيه الثالثة، وهذا كان حدثًا كبيرًا وهامًا، كلنا كنا لدينا هذه الأحلام، أن العالم سوف يتغير. مسلسل النهاية الحالي لا يضاهي هذه الأحلام، ولكن مرت عشرون عامًا أخرى ولم يحدث ربع ما حلمنا به كجيل، لا أصدق أنه مر نصف عمري في هذه الألفية. حتى لو كانت الأربعون في نظر بعض الناس أو حتى بعض جيلي أنه بداية نهاية المطاف، فأنا أرى أن حياتي لم تبدأ بعد. حتى لو أن بعض الأحلام صعب تحقيقها إلا أنني ما زلت أملك حق الحلم، والحمد لله بعض القدرة على التنفيذ.

لذا إياك أن تفقد القدرة على الحلم ولا تستسلم لأي من الإخفاقات. الحياة ليست فقط رحلة، لا، هي قد تكون عدة وصفات لأكلات مختلفة، مهما كنت ماهرًا في الطبخ قد تفشل في إحداها أو تحترق. لا تيأس وداوم على المحاولة.

الأربعون تكون معها قد صادقت كثيرًا من الخيبات والخيانات أيضًا، ولكنك تكون قد تعلمت أن أصعب خيانة هي خيانة جسدك لك. عندما ترتكز بقدمك أو تفرد ذراعك فلا يسعفك، ويخون عهدك به، فتشعر بالخيانة العظمى. فعليك بالاهتمام بالصحة ثم الصحة. حاول أن تحب نفسك كما هي لأنك إن استطعت ذلك ستجد أنه من السهل جدًا حب الآخرين.

اقرأ أيضًا: كيف يحسن التعلم الذاكرة ويحميك من أمراض الشيخوخة

المقالة السابقةصدق أو لا تصدق: الأصدقاء ودوائر الدعم ترفع المناعة
المقالة القادمة“الرجالة مبتعيطش”: دموع الرجل كيف يراها الآخرون؟
مساحة حرة لمشاركات القراء

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا