حكاية 3 بنات ملهمات

2304

بقلم/ هند عزت

هل نظرتِ في المرآة ذات صباح واعتقدتِ أنك تأخرتِ كثيرًا في تحقيق أحلامك؟

نستيقظ من النوم أحيانًا عاجزين عن النهوض من الفراش، مكبلين بأحلام لا نعلم إن كانت ستتحقق أم ستمضي إلى حال سبيلها، لكن هذا الصباح قررت أن أنظر حولي، لعلي أجد دعمًا من بعض الجميلات اللاتي تجرأن على الحلم والتنفيذ، لعلي أجد في صوتهن القوة التي أبحث عنها، كي أنهض صباحًا، وأنا على يقين أن حلمي ليس بعيد المنال إلى هذه الدرجة.

النساء في بلادي طموحات وقويات يستطعن إنجاز ما يبدو للبعض مستحيلاً، ولا يعرفن معنى اليأس، وقلوبهن مليئة بشجاعة وحماس لا يضاهيهن شيء

أقتبس من قصيدة الجميلات للعملاق محمود درويش كلماتي لكن بتصرف، فأنا أراهن الجميلات بحق، فهن الضعيفات وهن القويات وهن الأميرات، فهن يأس يضيء ولا يحترق، هن نماذج ملهمة وأحببت أن أروي بهن ظمأ كل من تعطشَت لتحقيق أحلامها.

شيرين هنائي

كاتبة لامعة ذاع صيتها مع رواية “نيكروفيليا”، التي صدرت عام 2011، حتى وصلت اليوم إلى مسلسل “فرح” الذي لاقى نجاحًا وحبًا وقبولاً بين الأطفال والكبار أثناء عرضه العام المنصرم، وحتى الآن لا تزال تحصد نجاحه وحبه بلا توقف.

عندما تحدثت مع شيرين، سردت لي قصة نجاحها الملهمة ببساطة وتواضع شديدين، فتحدثت في البداية عن حبها للرسم منذ الصغر، لدرجة أنها كانت ترسم بدلاً من أن تكتب كسائر الأطفال، واعتقدت أن مصيرها المحتوم هو الرسم، والتحقت بكلية الفنون الجميلة، والتحقت بعمل مناسب لدراستها بالرسوم المتحركة، وأثناء عملها على مسلسل “سنوحي” (وهو كارتون مصري شهير)، شعرت أن لديها ما يقال بخصوص النص، وعرضت على مديرها فكرة كتابة سيناريو الحلقات التي تقوم بإخراجها، ووافق.

“كانت حلقات مميزة بحق، فشعرت أنني وجدت ضالتي المفقودة، وهي: لماذا لا أكتب لنفسي؟! وقد كان، فأطلقتُ في عام 2011 أول كتاب كوميكس مع أحد الأصدقاء، تحت اسم عجين القمر، لكن للأسف لم نستطيع توزيعه والترويج له لضيق الإمكانيات. وكررت المحاولة في كتاب خارج السيطرة، الذي شارك فيه الكثير من الكُتاب ذوي ثقل في كتابة الكومكس، ككاتب الكوميكس الشهير أشرف حمدي، لكن مع انعدام ثقافة الاهتمام بالكوميكس في مصر لم يحقق الكتاب النجاح المرجو منه، وفشلت التجربة مرة أخرى”.

في نفس العام 2011، التقيت مع أحد الأصدقاء بأستاذ هاني عبد الله مالك دار “الرواق” للنشر، وأعجب للغاية برواية “نيكروفيليا”، وقد كان، وتم نشرها في معرض كتاب 2012، وصمم الغلاف الكاتب والصديق أحمد مراد وقام د. أحمد خالد توفيق ود. نبيل فاروق ود. محمد المخزنجي بكتابة رأيهم في مقدمة الطبعات اللاحقة، وطبع من الرواية إحدى عشرة طبعة، وحققت نجاحًا أكثر من توقعي. وفي عام 2013 أصدرت الكتاب الثاني “صندوق الدمى” مع نفس دار النشر “الرواق” فإحساسي بإيمان الأستاذ هاني عبد الله بكتاباتي كان داعمًا كبيرًا لما أقوم به.

توالت الروايات بعدها، فكتبت “طغراء”، “ملاعيب الظل”، “ذئاب ويلستون”، “أسفار النهايات”، وحققت حلمي في كتابة مسلسل كارتون للأطفال وهو “فرح”، فكان في تصوري أن وجود كارتون مصري يخاطب الأم والأب كما يخاطب الطفل ويدعوهم لتهذيب أنفسهم أثناء تهذيب أطفالهم، فهو شيء ضروري.

“شيرين” نموذج ملهم للسيدات، فإيمانها بما تقوم به كان دافعًا للاستمرار في تحقيق حلمها، وقد نراها يومًا أديبة مصر الأولى.

الكاتبة شيرين هنائي
الكاتبة شيرين هنائي

د.أمنية خليل

بدأت الدكتورة أمنية حديثها: أنا اسمي أمنية خليل صيدلانية بوزارة الصحة دفعة 2007. أساس دراستي هو تصنيع المستحضرات الطبية والمستحضرات التجميلية، وأثناء فترة مرت على البلاد من عدم توافر أدوية كثيرة مهمة وارتفاع شديد في أسعار المستحضرات المستوردة، تساءلت: لماذا لا أقوم بإنتاج منتج مصري بأسعار أقل بكثير؟ ومن هنا جاءت فكرة “شهرزاد”، وبدأت بشراء المواد الخام والتصنيع من المنزل، وساهم مجموعة من الزملاء معي لتأسيس المشروع الصغير، واخترنا اسم “شهرزاد” رمزًا للمنتج المصري والمرأة المصرية.

أكثر الصعوبات التي واجهتني، هي كيفية إقناع الأهل والمجتمع بفكرة ترك الوظيفة الأساسية، وأنا أم لطفلين بحاجة للكثير من الاستقرار المادي، والتفرغ لمشروع قد يواجه صعوبات في البداية، لتحقيق الأرباح، لكن مع الوقت حققت الكثير من النجاح، ووفر المشروع فرص عمل للعديد من السيدات، وتعرف العديد على منتجات “شهرزاد” للتجميل حتى الآن، وأتمنى أن يأتي اليوم الذي تصبح به “شهرزاد” أكبر شركة مستحضرات تجميل بمصر والعالم العربي.

“أمنية” نموذج ملهم آخر، فها هي سيدة طموحة قررت تغيير وضع قد يبدو مستحيلاً، فإصدار منتج بنفسها ومنافسة الأسواق العالمية، قد يبدو ضربًا من الخيال للبعض، لكن “أمنية” كانت على قدر من الشجاعة لمواجهة مخاوفها وتحقيق حلمها.

د. أمنية خليل
د. أمنية خليل

غالية

“غالية ستور”.. هو اسم متجر “غالية” على وسائل التواصل الاجتماعي، فـ”غالية” لم تمتلك محلاً بعد، لعرض منتجاتها المصنعة يدويًا فائقة الجمال. قالت لي “غالية”: لقد تخرجت منذ أربع سنوات، وكالعادة لم أجد عملاً يتناسب مع شهادتي الدراسية، خصوصًا أن تخصصي يسيطر على العمل به الذكور، فأنا أخصائي مساحة، ولا بد من السفر للخارج حتى أجد فرصة جيدة.

سافرت إلى القاهرة حتى أشترك بكورسات تدريبية لتطوير نفسي، لكن سرعان ما عدت للإسكندرية، لتحفظ عائلتي من المعيشة وحدي في القاهرة. ذات يوم وجدت ورشة لتعليم العمل بالصلصال الحراري. جربت نفسي، وقد كان، أحببت العمل بالصلصال للغاية، فكنت أعمل سكرتارية بمستشفى، لكن قررت تركها وترك الراتب الثابت رغم أن في نفس اليوم قد زاد راتبي، لكن كتبت استقالتي وهربت من الوظيفة الثابتة.

أجَّرت مكانًا للعمل، ولم أخبر أهلي عنه، لأنهم كانوا سيرفضون، وكنت أنزل يوميًا كأني لا زلت في العمل الثابت، وبعد وقت أخبرتهم، وبدؤوا في تشجيعي عندما وجدوا أن عملي يكبر، وأنني أحبه بحق وأتقنه، وأحاول أن أطور من نفسي بشكل دائم. أتمنى أن يكبر مشروعي وأستطيع الاعتماد على نفسي طوال الوقت. أجمل شيء أنني أعمل في شيء أحبه، لدرجة أنني أواصل الليل بالنهار أحيانًا حتى أنتج المزيد، لأستطيع أيضًا إثبات نفسي، وأتمنى أن أتمكن من تحقيق هذا في يوم ما.

غالية
غالية

هل تعلمين عزيزتي أن “شيرين” و”أمنية” و”غالية” الملهمات الرائعات رقم بسيط جدًا لمن حققن مثل هذا النجاح، واستطعن تغيير مجري حياتهن؟! هل تعلمين أن عدد الناجحات في تحقيق أحلامهن والمثابرات أثناء بحثي عنهن فاق تصوراتي؟! لن يسعهن جميعًا هذا المقال ولا حتى عشرة مقالات. النساء في بلادي طموحات وقويات يستطعن إنجاز ما يبدو للبعض مستحيلاً، ولا يعرفن معنى اليأس، وقلوبهن مليئة بشجاعة وحماس لا يضاهيهن شيء.. أحبكن جميعًا وكلما شعرت باليأس سأفتح قلبي لقصصكن كي أتذكر أنني قادرة علي فعل أي شيء.

المقالة السابقة30 نشاطًا صيفيًا لإسعاد أطفالك
المقالة القادمةصيف سعيد بدون اختيارات
كلامنا ألوان
مساحة حرة لمشاركات القراء

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا