اكتئاب ما بعد الولادة

943

بقلم: مروة إسماعيل

تبدأ رحلة الأمومة منذ اليوم الأول لمعرفتك بخبر حمل طفل صغير في أحشائك، تتشكل الكثير من المشاعر الجياشة داخلك: الفرح والترقب والشوق لوصوله معافى بين أحضانك. لكن ماذا يحدث الآن؟ هذا خارج الحسبان، خوف، حزن، ألم، شعور بالذنب أنكِ أم غير جيدة. إنه جرس إنذار عزيزتي، إنه اكتئاب ما بعد الولادة.

ما هو اكتئاب ما بعد الولادة؟

نوع من أنواع الاكتئاب، يصيب واحدة لكل عشرة من النساء في العالم، قد يبدأ ظهوره أحيانًا قبل الولادة، ليمتد بعد الولادة بأسابيع أو شهور. أحيانًا يختلط الأمر علينا بين اكتئاب ما بعد الولادة وكآبة النفساء، والذي يظهر بعد الولادة مباشرة، ويمتد بأقصى تقدير ثلاثة أو أربعة أيام. وسببه الأساسي هو انخفاض مستوى الإستروجين والبروجسترون في الجسم، ويختفي بمجرد زوال السبب. أما أسباب اكتئاب ما بعد الولادة نعرضها عليك في الفقرة القادمة:

أسباب اكتئاب ما بعد الولادة

هناك الكثير من الأسباب المؤدية لظهور اكتئاب ما بعد الولادة، بعضها نتيجة لمرض جسدي، مثل:

نقص في نشاط الغدة الدرقية.
قلة مستوى فيتامين ب 12.
نقص حاد في هرمون الإستروجين والبروجسترون.
كما توجد الكثير من الأسباب النفسية مثل:
وجود تاريخ مرضي سابق للاكتئاب.
وجود أعراض اكتئاب أثناء فترة الحمل.
عدم وجود دعم كافٍ للأم بعد الولادة من الأسرة أو الأصدقاء.
التعرض لضغط نفسي شديد أو صدمة موت شخص مقرب للأم.
شعور الأم بكبر حجم مسؤولية وجود طفل معتمد كليًّا عليها.

أعراض اكتئاب ما بعد الولادة

لا تختلف الأعراض كثيرًا عن أعراض الاكتئاب العادي، بدءًا من الشعور بالإحباط والتحسس الزائد، موجات من الغضب والبكاء بدون سبب، الشعور بالإرهاق الشديد من أقل مجهود، كما يصاحبها اضطراب شديد في النوم وأيضًا الشهية بفقدانها أو الشراهة والشعور بالذنب بعدها لاكتساب المزيد من الوزن. القلق الزائد على الطفل.

تتطور الأعراض بعد ذلك للشعور بالذنب وجلد الذات، لعدم قدرتك على رعاية طفلك بشكل جيد وتلبية كل احتياجاته، وتبدئين في لوم نفسك على شعورك بالحزن، على عكس باقي أقرانك من الأمهات السعيدات بأطفالهن، ويبدو الانعزال بالنسبة إليكِ هو الحل الأمثل. في أحيان نادرة جدًا قد يصل الأمر للذهان، تسمعين وترين أشياء وهمية، وتجد أكثر الأفكار السوداوية الطريق لعقلك، مثل إيذاء نفسك أو طفلك.

هل يتوقف اكتئاب ما بعد الولادة على الأمهات فقط؟!

لا عزيزتي، فقد يصيب أيضًا الآباء الجدد بنفس النسبة (واحد لكل عشرة)، ويعتقد أن سببه هو الإحساس بحجم المسؤولية الجديدة الملقاة على عاتقه.

كيفية التعامل مع اكتئاب ما بعد الولادة

تعد أكثر الأخطاء الكارثية التي ترتكبها الأم المصابة باكتئاب ما بعد الولادة، هو خوفها الشديد من البوح بما تشعر، وخوفها من رد فعل الوسط المحيط بها، سواء بالتقليل من معاناتها ولومها على ما تشعر به أو إقصائها عن مولودها، فتفضل الصمت. لكن هناك خطوات بسيطة يمكن بها تجنب اكتئاب ما بعد الولادة أو الحد من أعراضه، مثل:

استشارة طبيبك النفسي إن كان لك تاريخ اكتئاب مرضي.
انخرطي عزيزتي في نشاط تحبينه، مثل القراءة أو الكتابة أو أعمال يدوية.
لا ترفضي مساعدة عائلتك وأصدقائك لك.
لا تضغطي نفسك، لا بأس بتأجيل بعض الأعمال غير المهمة لوقت آخر.
تحدثي لقريناتك من الأمهات وستكتشفين أن ما تمرين به مررن به هن أيضًا وأنه مؤقت ويمكن تجاوزه.
مشاركة زوجك بعض الوقت في نشاط ما وقضاء وقت لطيف من شأنه تحسين حالتك النفسية كثيرًا.
ممارسة بعض التمارين الرياضية الخفيفة أيضًا يحسن مزاجك.
وأخيرًا إن وجدتِ أن الأمور لا يمكن السيطرة عليها لا تترددي أبدًا في استشارة طبيب.

هناك عدة طرق للعلاج يحددها الطبيب بناء على شدة الحالة، فيمكن البدء بالعلاج النفسي عن طريق تشكيل مجموعات دعم نفسي للأمهات المصابة، للتحدث عن مشاعرهن ومخاوفهن، مما يقلل من حدتها، وهناك أيضًا العلاج المعرفي السلوكي، وأخيرًا في الحالات الشديدة ينصح الأطباء بادوية مضادة للاكتئاب.

تذكري عزيزتي أنك مصدر الأمان والمسؤول الأول عن سلامة طفلك، والاهتمام بصحتك النفسية لا يقل أهمية عن الاهتمام بصحتك الجسدية وهما كان حجم ما تمرين به يمكن تجاوزه وعلاجه.. دمتِ بصحة وعافية.

المقالة السابقةقصة فيلم الفيل الأزرق 2 من وجهة نظر الطب النفسي
المقالة القادمةاضطراب كرب ما بعد الصدمة وعلاقته بتبلد المشاعر
مساحة حرة لمشاركات القراء

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا