بقلم: ماجي سراج
رواية تحبس الأنفاس من فرط الجمال، من فرط الإثارة والغموض، من فرط الروعة. رواية “ظل الريح” للكاتب الإسباني “كارلوس زافون”، من أكثر الروايات مبيعًا في الآونة الأخيرة على مستوى العالم، حيث ترجمت إلى الكثير والكثير من اللغات، وبالطبع متوفرة باللغة العربية. الرواية هي الجزء الأول من رباعية باسم “مقبرة الكتب المنسية”، ولكن كل جزء من الرباعية يمكن أن يُقرأ منفردًا، فالأحداث ليست مترتبة على بعضها، ولكنها مرتبطة بشكل ما، ولذلك كانت الرباعية.
ولكن من هو كارلوس زافون؟
كاتب إسباني مواليد الستينيات، بدأ مشواره الأدبي بالكتابة للشباب، young adult، ويا للعجب أن أول رواياته للكبار كانت تحفته الأروع “ظل الريح”! ترجمت رواياته لأكثر من 40 لغة، وتجاوزت مبيعات كتبه الملايين في أنحاء العالم. هي رواية مجنونة، هزلية وغير متوقعة، مشوقة لأقصى حد، حتى إن تركتها من يدك سيكون فراقًا أليمًا.
يأخدنا الكاتب في هذه الرواية إلى” مقبرة الكتب المنسية”، وهي مكان ستتمنى لو تذهب إليه وتتمشى بين أرففه الضخمة، وتأخذ في نهاية رحلتك كتابًا منها، يغير حياتك إلي الأبد . وهذا بالضبط ما حدث لبطل الرواية. بطل الرواية هو شاب صغير يدعى “دانيال”، يعمل مع أبيه في متجرهم لبيع الكتب “مكتبة سيمبري وأولاده”، يأخذه أبوه في أحد الأيام في مشوار غامض، يخبره أنه سر بينهما، ويعلمه بوجود مكان غريب لا يعرفه إلا القليلون، يسمى “مقبرة الكتب المنسية”، حيث يوضع بها النسخ الأخيرة من الكتب التي على وشك الاختفاء، أو الكتب المخشي عليها من الضياع للأبد.
وهذا تلخيص سافر لبداية وأساس الرواية، الذي سينطلق منه العبقري “زافون” لملحمته الأروع “ظل الريح”. تتصاعد الأحداث بعد أن يطلب الأب من الابن اختيار كتاب واحد من المكتبة/ المقبرة، ليصبح ملكه يتبناه ويحافظ عليه، ويختار “دانيال” رواية مجهولة باسم “ظل الريح” لكاتبها المجهول أيضًا “خوليان كاركس”. وتبدأ الرواية.
رواية كهذه لا يمكن أن تُلخص أو أن يشرح لك شخص محتواها، لا بد أن تغوص بداخلها بنفسك، لتلمس ذلك الجمال الباهر. تلك الرواية ستجد فيها جزءًا من روحك الضائعة، وستترك فيك هي أيضًا جزءًا منها، تلمست بين السطور روحًا “ديكنزية” تحلق، الأحداث تتعقد ومن ثم تبدأ في التكشف بطريقة مذهلة، وهذا ما سوف تجدونه بين دفتي “ظل الريح”.
كارلوس زافون.. أيها الشيطان الماكر، كيف تلاعبت بي، وأدخلتني مقبرة الكتب المنسية وجعلت جميع من في الرواية أصدقائي الأعزاء. وأنتم يا رفاق إذا دخلتم إلى هذا العالم، فستجدون فيه ما قد يكون عزاء لكم، صدقوني.. لا أُبالغ. سأدعو الله لك يا “زافون” أن يمسد على قلبك ويرسل لك الصحبة، كما منحتني إياها وقت حاجتي إليها.. وأن يرسل لك المتعة التي وهبتنا.
رواية تستحق أن تعاش.
اقتباسات من الرواية:
“ذات يوم كان أحد زبائن المكتبة يقول: لا شيء قادر على التأثير في القارئ أكثر من الكتاب الأول الذي يمس قلبه حقًا. إذ أن صدى الكلمات التي نظن أننا نسيناها يرافقنا طوال الحياة، ويشيد في ذاكرتنا منزلاً سنعود إليه عاجلاً أم آجلاً. لا يهم حشد الكتب الأخرى التي سوف نقرؤها، ولا عدد العوالم التي سوف نكتشفها، ولا حتى مقدار الأمور التي سوف نتعلمها ثم ننساها”.
“إنني أسعى لأن أكون رجلاً محترمًا مرة ثانية. ليس لأجلي، فأنا لا أنتظر احترامًا من قطيع القردة الذي يدعى بالجنس البشري، ولكن.. لأجلها”.
” كان لها رائحة كل الأشياء الطيبة في العالم”.
“إنه مصاب بمرض القلب، ولكنه في الواقع يموت من الوحدة. الذكريات لا تغيب عن باله”.
“نحن نستمر في الحياة في ذاكرة من يحبنا”.
“الكتب مرايا تعكس ما في داخلنا”.
“قال أحدهم: ما دمت تنفقين لحظة للإجابة عن حبك لرجل من عدمه، فأنتِ قد أجبت وقُضي الأمر”.
“ليتنا نستطيع اختصار آلامنا بصفعة كف واحدة”.
“ظل الريح” كارلوس زافون – ترجمة معاوية عبد المجيد – دار مسكلياني للنشر والتوزيع 2016 – عدد الصفحات 527 – التقييم على موقع goodreads 4.26.