أوقاتي بتحلو

1919

بقلم: روداينا عادل

“أوقاتي بتحلو” هو عنوان غنوة رائعة للراحل سيد مكاوي، لكن بالنسبالي هي تفاصيل وشغف وحياة وسؤال بيطرح نفسه دايمًا جوة قلوبنا، إمتى هي أوقاتي الحلوة؟

الحقيقة إن السعادة عبارة عن بحر كبير وعميق مليان أسرار وكنوز ملهاش آخر، مينفعش نحصرها في حاجة معينة، بالعكس السعادة عاملة زي لوحة بازل كل قطعة فيها ليها سحرها وجمالها، مينفعش نتغاضى عنها حتى لو الجزء ده بسيط، لأن قطع البازل دي ببساطة هي الأوقات الحلوة.

الأوقات الحلوة هي اللي بتكمن في التفاصيل، هي الشغف بالتفاصيل، التفاصيل اللي ممكن نكون بنشوفها صغيرة أو بسيطة، بس في الحقيقة هي اللي بتشكل حياتنا وبتخلق منها صورتها الحلوة والمميزة من وسط ألف صورة.

أوقاتي الحلوة بشوفها في اللون الأزرق مع كل قعدة ع البحر لساعات من غير ملل، لما أستمد القوة من الموج المتلاطم، وأشوف نفسي حرة مع امتداد البحر لما لا نهاية، لما أشوف لون البحر بدرجاته وأحس إني شايفة الدنيا كلها في عينيا.

أوقاتي الحلوة بحسها مع كل سفرية لمدينة بعيدة، لما أروح أماكن لأول مرة، لما أمشي في شوارع كتيرة وأتوه فيها، لما أتكلم مع ناس بلغتهم وأجرب أنطق كلمات جديدة، لما أشوف قد إيه الدنيا واسعة وفيها بلاد وثقافات وفنون ولغات تستاهل إنها تتحب.

أوقاتي الحلوة بتزيد مع كل كتاب أقراه، لما أشوف نفسي بين صفحاته، لما أتلقى رسايل من بين سطوره، لما أقرأ عن حكايات حقيقية جميلة لناس مبقوش بيننا، لما أقرأ روايات حقيقية عن العشق والسفر والتاريخ والوطن، وأعرف إنه موجود ع الأرض ما يستحق المغامرة.

أوقاتي الحلوة بتفضل مع الناس الحلوة اللي بحبهم، الأصحاب الحقيقيين اللي بتكلم معاهم من غير ما أحس بحاجز، اللى بحس معاهم إن هي دي أنا من غير قيود، اللي معاهم الضحكة بتطلع من القلب والعين بتدمع من الفرحة.

أوقاتي الحلوة بتبتسملي لما أمشي تحت المطر من غير شمسية، وأحس إن أبواب السما مفتوحة، وأسمع حبات المطر ع الأرض وأشم ريحة الورد والشجر، وأحس إن الكون كله ارتوى بمطر الشتا.

أوقاتي الحلوة بشوفها في لون الغروب، كأنها باليتة ألوان فيها الأرجواني والبرتقالي والسماوي، مرسومة على صفحة وردية بيتأملها كل عاشق وفنان وعين بتحب كل جميل.

أوقاتي الحلوة بلمسها في صور عفوية وجوابات بخط إيد الغاليين وهدايا قريبة من القلب.

أوقاتي الحلوة بلاقيها في طعم الشوكولاتة وفطار الشاي بلبن وأكلة بطاطس محمرة في نص الليل.

أوقاتي الحلوة بسمعها في أغنية لفيروز وموسيقى كلاسيكية وكلمات لغنوة إيطالية وصوت داليدا ومعزوفة بيانو.

تفاصيل كتيرة لو ركزنا فيها وفي حياتنا بشكل أفضل هنلاقي إن الأوقات الحلوة موجودة في لحظات كتيرة بنتجاهلها، وفرص كتيرة بنضيعها، وأحاسيس جميلة مش بنعيشها، وبنفضل نتوه وندور عليها، وهي ممكن تكون جوانا وقدامنا وحوالينا وإحنا مش حاسين.

السعادة مش معناها إن الحياة تكون كاملة، أو إن كل اللي بتمناه يحصل، السعادة هي إني مع كل حاجة بعملها بشغف أو كل تفصيلة تخلي عينيا تبتسم وقلبي يفرح هو إني ساعتها بعرف إن أوقاتي بتحلو.

اقرأ أيضًا: 9 خطوات تعمليها لو زهقانة من العزل وعايشة وحدك

المقالة السابقةكيفية التخلص من الملل والاكتئاب عن البنات في الحجر المنزلي
المقالة القادمةالمرأة المعنفة والقضايا النسائية في مسلسلات رمضان 2020
كلامنا ألوان
مساحة حرة لمشاركات القراء

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا