بقلم: إيمان عادل الصبروت
لو دخل كل منا قلب الآخر لأشفق علية.. ولرأى عدل الموازين الباطنية رغم اختلال الموازين الظاهرية – مصطفي محمود.
من وقت ما اتفرجت ع الحلقة الثالثة من مسلسل modern love والجملة دي بترن في ودني. إحنا عمومًا كبشر قاسيين جدًا، اتعودنا نحكم على الناس من الظاهر بس، من غير ما يكون عندنا أي فكرة عن ما في دواخلهم أو ما يعانوه.
“ليكسي” / آن هاثاواي، المحامية الشاطرة المبتسمة المنطلقة، اللي كلها طاقة وحيوية، اللي لما تشوفها عمرك ما تصدق إنها bipolar (عندها مرض اضطراب ثنائي القطب)، وبتعاني منه بقالها سنين، ومفيش حد من المقربين منها يعرف بمرضها ده، لأنها قررت إنها تعيش ضعفها وتتحمل آلمها لوحدها. وبسبب المرض ده خسرت وظائف وأصحاب وعلاقات اجتماعية وعلاقات عاطفيه كتير جدًا، لأن ببساطة المرض من أعراضه إنها أيام بتبقي كلها طاقة وحيوية وإقبال على الحياة، وأيام تانية كتير ممكن توصل لأسابيع بتكون مكتئبة، منعزلة عن العالم، فاقدة القدرة على الحركة وفاقدة إحساسها بكل حاجة حواليها. حاولت تقاوم كتير وتتعالج بكل طرق ووسائل العلاج الممكنة عشان حياتها تبقي طبيعية زي باقي الناس، لكن للأسف مفيش نتيجة.
في مشهد من المشاهد وهي بتحكي عن معاناتها مع المرض، بتقول إنه عامل زي الوحش اللي بيجري ورا الأميرة في أفلام الأبيض والأسود، مهما جريت منه ومهما كانت سريعة فهو في الآخر هيلحقها. وبتستمر محاولاتها لتقبل المرض والتعايش مع نوبات الاكتئاب، وتعويض الوقت اللي بتغيب فيه عن شغلها بدون مبرر. لحد ما بتفوق مرة من نوبة اكتئاب بتلاقي نفسها خسرت كل حاجة، خسرت حبيبها وخسرت شغلها.
بتتقبل الأمر ببساطة جدًا وبتمشي، وهي ماشية مديرتها بتطلب منها إنهم ياخدوا مع بعض قهوة ويودعوا بعض. وهي قاعدة معاها بدون مقدمات بتحكي كل حاجة، بتحكي عن مرضها وألمها، وكل الناس اللي مقدروش يتحملوها وخسرتهم، وقد إيه هي شايفة نفسها سيئة مش قادرة تنجح في حاجة، وبتبكي وبتنهار وهي بتحكي. وقالت إنها كان ممكن تصارح كل أصحابها وكل اللي دخلوا حياتها، وحتى الشركات اللي اشتغلت فيها بحقيقة مرضها، وتسيبهم يقرورا تبقى موجودة معاهم ولا لأ، لكنها خافت من إحساس الرفض، عشان كده قررت تخبي مرضها وتظهر جانب واحد بس من شخصيتها.
طول ما هي بتتكلم مديرتها ساكتها وبتسمعها بتركيز، وبعد ما خلصت رد فعل مديرتها كان رحيم بيها جدًا. قالتلها إنها مبسوطة جدًا إنها حكتلها، وإنها من زمان نفسها يبقوا أصحاب ويقربوا من بعض، وإنها متقبلاها ومتقبلة كل حاجة فيها، ومقدرة حالتها جدًا، وإنها أحسن شخص عرفته، وإنها هتبقى أحسن وحياتها هتكون أفضل طول ما هما مع بعض، وسألتها حاسة بإيه بعد ما حكيتي؟ قالتلها حاسة إن رجل فيل ضخم اتشالت من على صدري، ودلوقتي بس أنا قادرة أتنفس.
المشهد ده من أحلى المشاهد في Modern love ولمسني جدًا بشكل شخصي. التقبل هو واحد من أرقى المشاعر الإنسانية اللي الإنسان محتاج يحسها من دايرته المقربة، وتأثيره بيكون دافئ ومطمئن، ومهما كان الإنسان قوي وقادر يتحمل لوحده، بيحتاج اللي يطمنه ويقوله أنا جنبك حتى لو مش حاسس بألمك، بيحتاج اللي يدعمه ويتقبله بكل عيوبه ومشاكله، ويحبه حب غير مشروط ويساعده، حتى لو كانت المساعدة دي إنه بس يسمعه.
التقبل اللي بنقدمه للناس حوالينا ممكن في وقت من الأوقات يساعدهم إنهم يتعافوا، ويستعيدوا ثقتهم في نفسهم، ويحسوا إنهم كاملين، زي ما حصل مع “ليكسي” كده لما اطمنت، حبت نفسها وبقت تقول بشجاعة وبساطة لأي حد يدخل حياتها: “Take Me as I Am, Whoever I Am”.
آن هاثاواي جميلة، وكانت مقنعة في الدور، وحبيتها وتأثرت معها جدًا، بتقدر تنقل إحساسها للمتفرج بكل سلاسة وبساطة، قادرة في مشهد إنها تخليك تبتسم وتتفاعل معاها، وفي المشهد اللي بعده تبكيك على ألمها وتعبها. كوينسي تايلر عملت دور المديرة كويس قوي، وخصوصًا في المشهد الأخير. نظرة الرحمة في عينها وتعبيرات وشها كانت كافيى توصلي هي عايزة تقول إيه من قبل ما تتكلم.
مسلسل “modern love” مسلسل هادئ ولطيف، بيقدم تجارب إنسانية حقيقية وبسيطة. المسلسل عبارة عن 8 حلقات منفصلة كل حلقة بأبطال وعناونين مختلفة. موسيقى المسلسل وأغاني الحلقات جميلة ومبهجة.
اقرأ أيضًا: Ben is back: الأمومة التي لا تعرف الاستسلام
