كتبت: رنا مسعد
خفقان قلب لا يهدأ. بكاء صامت مكتوم. لا أحد معها. هي ضعيفة لكن ترفض الشفقة والمواساة، رغم أنها تتمنى وجود أي شيء أو شخص يتحدث معها ويحتضن ثورتها العصبية، لكن لا يوجد، وإن وُجِد لن تسمح، ولا يوجد جرأة بداخلها للطلب، فتظل وحيدة تحمل هذا العناء النفسي.
تشنج وبكاء ورغبة في أذى كل من حاول الهجوم عليها. هي من تستشعر ذلك وحدها، فتهاجم هي، تدفع كل شيء، تصرخ، بركان غضب يثور رغم مظهرها الرقيق. عند هياجها المخيف لا تعرف هل هي قوية أم ضعيفة، كل ما تعرفه هو الصراخ في وجه كل من حولها. هي لا تعرف حقيقتها، مجنونة أم عاقلة؟ عبقرية أم غبية؟ اجتماعية أم منعزلة ومنطوية؟ من هي؟!
لا تعلم، هي فقط في الفراغ. ولكن ماذا إن لم يكن معها بالفراغ إلا الشعور بالخزي والرغبة في التبخر؟! غير قادرة على التخلص من ذلك بالقتل الصريح، فتحاول قتل نفسها بالعمل، بالسهر، بالأكل، بالقراءة، بالقهوة. هذه ليست نشاطات عادية، لكن محاولات مستميتة للتخلص من نفسها بإقحام ذاتها وسطها. سوف تكون نشاطات طبيعية إن لم تكن تزيد عن الحد، لكن القراءة لثماني ساعات، وشرب القهوة خمس مرات وكأنها صلاة، والسهر الذي تتعمد مصادقته، والطعام الذي تمنت كثيرًا أن يخنقها.. ليس هذا طبيعيًا.
هو عمل يخفي نية كبيرة للتخلص من صاحبته، فالرغبة في البكاء أو الشعور بالاشمئزاز حين ترى فعلاً طيبًا، مثل حب أم لأولادها، أو هدية من أب لبناته، أو علاقة متوهجة بالحب، كل هذا لا تتحمله، تهرب منه، تهرب بالهدف السامي الذي تريد تحقيقه، ترغب بالتأثير الطيب بالناس وتتمنى قتلهم جميعًا. ترغب في الشيء وعكسه، و هذا يؤرقها.
لقد خذلوها كثيرًا، فلم تعد تثق، هي متعبة ولا تعرف أين تذهب، شعور بالخزي والحزن منفر يسيطر عليها، يجرحها، مثل المكوث بصندوق ضيق، في كل جوانبه إبر حادة تتحرك وتخدش الجسد الصغير المحبوس فيه. حتمًا الجروح ستصبح أعمق، وسيُقتَل هذا الجسد يومًا ما.
كيف يثق الشخص بأي من الناس بعد خذلانه في أبيه وأمه وعائلته؟ كيف يعيش الإنسان بشفافية حرة ولكنه خَجِل من أعماقه المعتلة؟ كيف يحيا حياة طبيعية وهو يحمل بداخله وحشًا ثائرًا هو المُسيطر عليه؟ كيف يكون كالبيضة الشهيرة التي يذكرونها بالأمثال كدليل على القوة، حيث توضع البيضة البطلة في المياه الساخنة فتتحول إلى الصلابة بدلاً من الهشاشة؟
كيف يمتلك الإنسان درعًا نفسيًا يستخدمه كالطوق للوحش الداخلي الساكن به؟ لماذا لا نولد ويجمعوا كل الأطفال معًا حتى يكبرون ويكون لهم الحق في اختيار الأهل الذين يحبونهم؟ أزمة الثقة القديمة لا تنتهي عندما تقابل هي شخصًا طيبًا، بل تبدأ. إنها لا تثق ولا ترضى مهما فعل، لأنها على يقين بأن الكذب والخيانة هما حقيقة البشر، رغم أنها تفعل كل الخير الذي تقدر على تقديمه، وتخطئ أيضًا، ولكنها لا ترى شيئًا سوى البشاعة في الناس، حتى لو لم تقل ذلك صراحة.
الحياة بالنسبة لها عبث بيّن، أي مجرد هروب ومشكلات، حتى تصل لشيء ما، ولكن هي تعلم أن حتى بعد تحقيقها لهدفها أنها لن تفرح، ولكنها تفعل الشيء لفائدته المحتملة، ربما لبشر آخرين، ولكن بكل الأحوال هو مجرد لا شيء.
من ضمن السقطات دائمة الحدوث لها، جاءت واحدة وقضت على إرادتها، فأصبحت كما العاجزة الحقيقية، لا تشعر، لا تسعى، لا تتكلم، لا تنتمى، لا شيء. فقط لا شيء. أصبحت في الفراغ الأبدي بعد أن كانت في الفراغ المؤقت.
ان ما عبرت عنه الكاتبة صراعات داخلية بنيت جميعها علي الارتياب و الشك قي كل شئ اري من الكلمات فقدان تام للاطمئنان وشعور بالخزي لا تعلم هي مصدره ولكنه شعور يرافقها في مشاعرها .. ولكن الدنيا لا تقف عند شعورنا الذاتي و حسب فما نحن ألا ذرات متناهية الصغر في هذا الكون السحيق ولو ان حزن العالم كله اجتمع في شخص واحد ما قضي ذلك علي الحزن ولكنها الدنيا جزء من الحزن و جزء من السعادة .. ونصيحتي لكي ايتها الكاتبة المكبوتة .. عيشي كما انتي واتركي تلك المشاعر المتمحورة بذاتك فقط و انظري الي الجزء المضيئ في حياتك فقدرتك علي الكتابة هي نعمة و صحتك نعمة وحتي عمرك و سنواتك هي اشياء يمكن ان يكون محروم منها اشخاص كثر لذلك ادعوكي ان تتفكري في كل ما تملكين فقد يحدث احيانا اننا لا نري ما نملك ولا نستشعر قيمته
مش ممكن بجد وصفك اكثر من رائع ازاى طلعتى كل المشاعر اللى انا حسه بيها كده فعلا حسه انى مش لوحدى