أنا عايز أتشاف

1824

بقلم: روكسان رأفت

“ماما اتفرجي عليَّ”. جملة اتعودت أسمعها كل أسبوع من ابني اللي عنده 7 سنين، وهو بيتمرن سباحة في النادي. ابتدا ابني يتمرن سباحة وهو عنده 5 سنين، ورغم إننا غيَّرنا أماكن التمرين خلال السنتين دول، إلا إني فضلت فعلاً في معظم المرات أتفرج عليه طول وقت التمرين. بس لأن دلوقتي بقى فيه طفل تاني، وأخوه برضو بيتمرن سباحة، فبقى الوقت مقسوم بينهم. كمان مش مقسوم بالتساوي، عشان الصغير لسة بيبتدي، فمحتاج اهتمام ومشاهدة أكتر علشان يتطمن ويتشجع.

مكانش التمرين بيحتوي على تمارين جديدة كل مرة، لكن كان عبارة عن بعض الحركات المعينة اللي بتتكرر كل تمرين، وبتتغير أو بيتضاف ليها بعض الحركات كل فترة، على حسب عمر الطفل ومستواه، لكن مع ذلك كان ابني بيصمم كل مرة إنه عايزني أفضل قاعدة ومركزة معاه وبتفرج عليه، زي ما هو متعود يقول، طول التمرين.

احتياج الرؤية

باستثناء إن الأطفال أنانيين، حسب ما إحنا بنسمع، وأوقات بيكونوا زنانين أو عنديين، ويمكن أوقات بيكونوا محتاجينلنا عشان يحسوا بالأمان، إلا إني لما فكرت لقيت إن اللي بيطلبه ابني طبيعي ومشروع من أي إنسان، وخصوصًا لو طفل صغير زيه.

“ماما اتفرجي عليَّ”، اللي هو دايمًا يقولهالي دي بتترجم في اللغة المفهومة لأطباء وعلماء علم النفس على إنها احتياج للشوف. احتياج للشوف يعني احتياج للرؤية، يعني إنك تحس من اللي حواليك إنك موجود ومهم، وجودك له قيمة ومعنى وتأثير، إن فرحتك مهمة وزعلك كمان مهم، إن اهتماماتك تهمنا وأفكارك مُقدَّرة.

فاكرين لما كنا صغيرين وكنا نلبس فساتين ونطلع نجري نوريه لماما، أو نستنى جدو وتيتة ييجوا عشان نوريهم اللعبة؟ مش بس كده، فاكرين لما كان يبقي عندنا تكريم من المدرسة ونبقى متحمسين قوي وإحنا بنشوف أصحابنا ومدرسينا بيصقفولنا؟ أنا واحدة من الناس كنت وأنا صغيرة لما أجيب طقم جديد أفضل لابساه وأوريه للي في البيت واحد واحد، وأفضل أتكلم وأضحك وأكشر وأتمشى وأنا لابساه، وكأني بشوفني بيه، بجربه عليَّ، بتخيل شكلي وأنا جواه. ولغاية دلوقتي وأنا أم وكبيرة لما أجيب طقم جديد أحب أخرج بيه خروجة مع ناس بحبهم، مفضَّلش أخرج بيه لوحدي، لكن ببقى عايزة أوريه للي بحبهم وبهتم برأيهم. وده في رأيي مش عدم ثقة بالنفس، أو اهتمام مبالغ فيه برأي الآخرين، على قد ما هو احتياج طبيعي جوة كل واحد وواحدة فينا.

احتياج طبيعي للبشر

قصصنا مكتوبة عشان تتقري، وأغانينا وألحاننا معمولة علشان تتسمع، حكاوينا بتتقال في وجود ناس تسمعها، حتى دعاؤنا فيه رب سامعه. كلامي اللي بكتبه ده هفرح قوي لو اتقرأ ولمس قلب حد أو ساب علامة في فكر قارئ. معظم الكتب وعلماء النفس بيقولوا إن الاحتياج للشوف هو الاحتياج الأصلي اللي بتتفرع منه باقي الاحتياجات النفسية، وبناء عليه كل صعوبة نفسية وراها احتياج إنساني غير مسدد، هو الشوف.

كل واحد متسددلوش الاحتياج ده، ممكن يفضل وقت طويل جدًا من عمره يعاني ويتألم، ومش بعيد يكون مستعد إنه يدفع أي تمن عشان يحس إنه متشاف، موجود، عايز يلفت الأنظار بأي طريقة عشان الناس تصقف وتعجب بيه.

اتعلم تشوف حواليك

عشان كل ده، نفسي أتعلم يعني إيه أشوف، خصوصًا الناس القريبين المهمين اللي في حياتي. يمكن نكون مش هنقدر نشوف كل الناس لأننا في الآخر بني آدمين وطاقتنا محدودة، لكن على الأقل نحترم ونقدر ومنستقلش بقيمة إنسان، خصوصًا لو هو مش شايف نفسه أو حاسس إنه ميستاهلش يتشاف، رغم احتياجه لده.

نفسي اللي في حياتي يحسوا إنهم متشافين، مهمين، حلوين، متقدرين. كل اللي بيعملوه ويحبوه ويفكروا فيه له قيمة، كلامهم وتعبيراتهم ومشاعرهم مش قليلة ولا فارغة، لكن مهمة وكبيرة وتستحق النظر. ولو لسة مجاش في طريقك حد يشوفك، شوف وشوفي نفسك ودوري عليها واهتم واهتمي بيها، لأنك تستاهل.

عارف/ـة ليه؟ لأنك مهم، إنسان، بني آدم مفيش منك اتنين. بصمتك فريدة، شكلك مميز، طريقة لبسك مميزة. مجاش ولا هييجي حد زيك تاني، يمكن ولادك يطلعوا شبهك، لكن إنت بذاتك ونفسك واهتماماتك وأفكارك وكلامك وطريقة تعبيرك و… مفيش منك اتنين. لو مش مصدقني أو مصدقاني دوّر على ذاتك واكتشفها وصدق فيها وحاوط نفسك بناس إيجابيين.

شوف إنت شاطر في إيه، بتحب إيه، بتنبسط لما يحصل إيه، إيه اللي بتفضله في علاقاتك، بيبص للحياة والعلاقات إزاي. حاجات كتير هتميزك وتبين تفردك وحلاوتك. ربنا يرزقكم ويرزقنا حلاوة الشوف.

اقرأ أيضًا: هوس التمارين الرياضية: هكذا يصنع الآباء أبطالاً من ورق

اقرأ أيضًا: كيف أعرف أن طفلي يعاني فرط الحركة أو اكتئاب الأطفال

المقالة السابقةدروس عرفتها من تعلم الكروشيه
المقالة القادمةكورسات اونلاين مجانية: أهم 5 مواقع لتبدئي مشروعك من المنزل
كلامنا ألوان
مساحة حرة لمشاركات القراء

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا