احتفل بكل يوم وعش ملء الحياة

1785

بقلم: وفاء مرزوق

يا عزيزي معضلة الحياة هي في اعتيادها، اعتياد وجود الحياة بكل ما فيها من تفاصيل. اعتياد وجودنا إحنا شخصيًا “البنى آدم”. اعتياد الأماكن والأشخاص، وضمان وجود يوم تاني، ضمان وجود بُكرة والسنة الجاية. لكن خلينى أقولك إن أغلب الحاجات إن لم يكن كلها مش مضمونة البقاء، وبالتالي تحتاج للانتباه ليها، مش الاعتياد عليها. فكل يوم فيه أكثر من ميلاد وأكثر من موت. الكثير من الاستقبال والمزيد من الوداع.

اعتياد الحياة يقتلها ببطء

الفكرة في إننا اعتدنا.. اعتدنا إن من الطبيعي نصحى من النوم، وجسمنا يتحرك بشكل طبيعي، وناكل كل أنواع الأكل اللي عايزينها من غير أي عائق، وإننا بنسمع كل الأصوات اللي حوالينا، ونشوف كل الألوان، وإننا نقدر نلمس أوراق وردة ونشم ريحتها.

عارف يا عزيزي الاعتياد بيعمل إيه؟ الاعتياد بيقتل الحياة! أيوة بيقتلها، لأنه بيضيع علينا فرضة ملاحظة أي تغير بيحصل حوالينا. لو اتعودنا على الشارع اللي بنعدي منه كل يوم، مش هناخد بالنا لو شجرة جديدة اتزرعت، بالأكتر مش بناخد بالنا لو اتشالت واتحول مكانها لكومة رمل حتى، علشان اتعودنا.

التأجيل آفة حياتنا

المعضلة التانية في الحياة هي التأجيل. إن بما إن الحاجات والناس اعتدنا وجودهم واعتقدنا إن فيه ضمان لاستمرارية الوجود ده، فبقينا نأجل كل حاجة. نأجل حاجات عايزين نعملها في حياتنا، لو الحاجة دي حتى إننا نغير ترتيب شوية حاجات في أوضتنا أو على مكتبنا، أو ننقل حاجة من مكان للتاني. بقينا نأجل كل حاجة تحت شعار: اللي متعملش النهارده يتعمل بكرة. بقينا نأجل إننا نشوف بعض، لبكرة وبعده وبعده، لغاية ما بيجى يوم ونكتشف إن مبقاش فيه بكرة للناس اللي أجلنا مقابلتهم. أو يمكن ميكونش فيه بكرة لينا إحنا شخصيًا.

انتبه للحياة قبل ما تمر

دي مش دعوة للاكتئاب، لكنها دعوة للانتباه للحياة، إننا نعيشها بكل ما فيها ونحتفل بكل تفصيلة في يومنا، وكأننا بننبهر بالأشياء للمرة الأولى. إننا نفتح عينينا على كل تغير بيحصل حوالينا، سواء في الأشياء أو الأشخاص. إننا نحتفل بميلاد الحياة كل لحظة وكل يوم. وإننا منأجلش حاجة عايزين نعملها، إن جاز تعبير إننا نعيش ملء الحياة.

تكلفة ده إيه؟ مش سعادة بس الحقيقة. لكن سعادة وألم، لأن زي ما نحتفل بميلاد الحياة هنحتفل بتوديع شوية حاجات أو أشخاص منها. بس هي صورة على بعضها لازم تتشاف وتتعاش. أتمنى أنا شخصيًا أفتكر كل يوم إني مأجلش احتفالي بكل تفاصيل الحياة، وأعيش ملء الحياة.

اقرأ أيضًا: في ديسمبر تنتهي كل الأحلام.. لتبدأ أخرى

سوف تلهو بنا الحياة وتسخر

المقالة السابقةكورسات أونلاين مجانية تساعدك في تغيير مهنتك.. مهنة جديدة من منزلك
المقالة القادمةلكل “لا” ثمنها.. فكوني مستعدة للدفع
كلامنا ألوان
مساحة حرة لمشاركات القراء

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا