يوم من عمرى.. في معرض الكتاب

407

 

بقلم/ دينا جمال بدر

دائمًا ما يأتي معرض الكتاب بالوعود المختلطة، وعودي التي أعدها لنفسي في غير وقت، أشياء جميلة أحلم بتحقيقها على الدوام، متمنية ميعاد المعرض القادم لأرى إن كنت سأراها حقيقة أم لا أم سيتجدد ميعادها للمعرض الذي يليه؟

منها على سبيل المثال وأهمها كتابي الذي أحلم به، أول أبنائي الذي أنتظره، كتابي الذي -إلى الآن- لم أحدد هل سيكون قصصًا قصيرة، أم رواية -ما زالت قيد الكتابة- أم شيء أحبه وقريب من قلبي كالكتابة للأطفال والرسوم لهم.. أفكاري ما زالت مشتتة عن تلك الفكرة لها حلمي الكبير الذي سيساعدني فيه الله على تحقيقه لتكون بداياتي الحقيقية في عالم الكتابة، فأنطلق من بعدها على أرض صلبة حالمة بالطيران فوق أرضي الخصبة، متحلية بصبري وابتساماتي لما هو آت ومحتضنة ما هو بيدي لأعلو فأسمو.

دعونا نرجع لأرض الواقع، أرض المعارض التي تقام على أرضها كل عام في ميعاد معلوم “عُرس الثقافة” معرض الكتاب. والذي هو بالفعل بمثابة الكعبة -ولله المثل الأعلى- التي يلتف حولها القراء الذين يأتون من كل حدب وصوب.

لنجدهم يختارون بكل حرية واقتناع ما يحبون ليقرؤوه بكل أريحية فيما بعد، الكثير والكثير جدًا من الاختيارات لك أن تتميز بها عند الشراء، كل حسب أهواك فقط. كذلك الكثير من المقالات والحكايا قالت كيف ننمي حاسة الشراء (وهي حاسة سابعة يتميز بها من يهوون اقتناء الكتب فقط)، لتكون في أرض المعارض كمن يعرفها سلفًا، فتتفتح لكِ كل خباياها، لتعرف قبل مضي كل خطوة إلى ماذا ستقود.

ودور النشر التي تعلن عن قائمة كتبها وكاتبيها قبل المعرض بفترة، تبتغي الحماسة وشد القارئ إليها من خلال المؤلفات الجديدة، التي بعضها تكون عظيمة بالفعل وبعضها متوسط القيمة، لكنها حتمًا ممتعة، لي أن أضمن لكم هذا.

أنا من ضمن الجماهير الغفيرة التي تنتظر قدوم المعرض، وأستعد له كقارئة محبة كشوقي لأيام العيد، الكثير من مدخراتي أدّخرها من أجل مشترياتي في المعرض الحبيب، ليس مفترض أن يكون مبلغًا كبيرًا، إلا أنه كما أظنه يكفي لاحتياجاتي التي سأقتنيها من دور النشر التي تقدم خصومات وعروض رائعة أو أصلاً أسعارها في متناول الجميع، أو أنني تربيت على دار نشر معينة، فمهما علت الأسعار فيها سآتي بكتبها لأني تربيت على كاتبيها.

الحقيقة أنه بالرغم من رحابة موعد المعرض إلا أني -كمواطنة غير قاهرية- فمتاح لى المعرض ليوم واحد فقط، هي رحلة تقام كل عام بواسطة مجموعة تتألف من الأصدقاء والأحبة، فيكون يومي هذا المفروض أن يكون مزدانًا بالشراء ولقاء أصدقائي الروائيين القاهريين -المتاح لهم المعرض في كل أوقاته- وغيرهم، والمكوث مع المجموعة التي جئت معها حتى لا تفترق بنا الطرق، فيصير التوهان صاحبي.

هذا ما أتخيله، أن أتمسك بكل أطراف اللعبة ليكون يومي رائعًا ومفيدًا، إلا أنه مع ضيق الوقت لا يكون في مقدروي إلا القليل، مثل ذهابي لدور النشر الشهيرة، والمكوث مع مجموعتي الحبيبة، إلا أن ملاقاة أصدقائي القاهريين تكون صعبة جدًا، وغالبًا لا أراهم للأسف، هذا ما يجعل يومي مرادفًا للمثل الشعبي القائل “الحلو ميكملش”.

تأتي دور النشر التي أحرص على الذهاب إليها والبحث عنها في مقدمة اهتماماتي في تلك الرحلة اللطيفة، فأنا منذ الصغر أود أن أجمع مجموعاتي لمؤلفات كبار الكتّاب كنجيب محفوظ ويوسف السباعي ود. مصطفى محمود، وذلك من أجل أن تصير حياتي رائعة، فأحرص كل عام على وضع قائمة بالأعمال التي سوف أقتنيها، أيّما كانت دار النشر التي تقدمها، كالشروق ومكتبة مصر، فأحيانًا تصيب بأن لا أنسى القائمة فآتي بما لذ وطاب من الكتب، وأحيانًا أخرى -حدث بالفعل- أنسى قائمتي، وحضرتني أيضًا ذاكرة السمك التي تعتريني لفترات فتقوم بكامل الموضوع، فلا أتذكر ما الذي عندي وما الذي ليس عندي لأشتريه.

فأشتري ما تقع عليه عيني ويجذبني بمجرد الإحساس به، ويناسب ميزانيتي كذلك، فتقع أحيانًا الأخطاء بتكرار ما عندي سابقًا، وأريد ما لم آتي به، إنها دوامة الحياة فقط لأنني قمت ونسيت القائمة المرجوّة، ألوم نفسي كثيرًا واعدة إياي بقائمة أكثر طولاً العام القادم.

 

 

المقالة السابقةغزة – القاهرة 5: لسه جوة العتمة ضي
المقالة القادمةهي…
مساحة حرة لمشاركات القراء

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا