من وأنا في 3 ابتدائي

883

 

بقلم/ رضوى الصحن

 

وأنا في 3 ابتدائي كان فيه ولد معايا في المكان اللي بروحه لما يكون ماما وبابا في الشغل، جه قاللي إنه بيحبني، انبسطت وحسيت إن أنا كمان بحبه، وقعدنا نعمل زي ما بنشوف الناس في الأفلام الأبيض وأسود. كتبتله جوابات وحطيتله فيها استيكرز كارتون وقلوب. كنا نقعد نتكلم ونحكي لبعض ع الحاجات اللي بتضايقنا وكنا نقعد نبص لبعض ونضحك ونتكسف، وبعدين نكمل لعب مع بعض عادي. وفي يوم من غير أي مقدمات لقيته جاي بيهددني إنه هيوري الجوابات دي للمديرة، حاولت أفهم ليه معرفتش، حاولت أخليه ميعملش ده، معرفتش.

 

كانت أول مرة أحس فيها بحاجات كتير قوي مش مفهومة جوايا، مش عارفة أعبر عنها لحد، أحاسيس وحشة كتير، مش عارفة حتى أساميها، كنت خايفة، مكنتش فاهمة ليه هو عمل كدا، كنت حاسة بغدر واستغراب. كنت صغيرة قوي وكان جوايا مشاعر كتيرة أكبر مني بكتير، مكنتش عارفة أعمل فيها إيه. مش عارفة أقول لمين، حاسة إني مكسوفة من نفسي قوي عشان أنا اللي عملت كده في نفسي، عشان عملت حاجة غلط وحاسة إني أستاهل ده. مينفعش أكيد أحكي لماما، ولا أصحابي، حاسة إنها حكاية مخجلة، حاسة إني قليلة عشان سابني، ما أنا لو مكنتش قليلة كان هيحبني ومش هيعمل كده. مكنتش عارفة أعمل إيه، فطلعت أجندة وقعدت أكتب.. لحد ما هديت.

 

ومن ساعتها.. كل ما أحس إن جوايا زحمة ودوشة وحاجات مش قادرة أفهمها ولا عارفة أعبر عنها، بكتب.

قعدت شوية شايفة إن الولاد دول كائنات غدارة وأنا مش عايزاهم في حياتي، وطبعًا زودها عليَّ كلمتين من أمي لما قفشت الأجندة وقرت اللي فيها، “احمدي ربنا إنك لسة صغيرة، لو كنتي كبيرة وحد عرف الكلام ده كان زمان سمعتك بقت وحشة ومحدش كان هيرضى يتجوزك”، وبعد شوية نسيت الموضوع ورجعت تاني أتعامل معاهم وأحبهم وأدخل في علاقات وأتخطب وأتجوز. بس دايمًا حاسة من جوايا كده بحتة عدم أمان للي معايا، كنت متفقة مع نفسي إني أحب بس بشرط، لو سيبنا بعض مش هزعل عليه، عشان مفيش حد يستاهل إني أتوجع عشانه.

 

بالرغم من إني كنت ببقى عاملة كل اللي ف إيدي عشان يحبني وميقدرش يستغني عني ولا يعيش من غيري، وبالرغم من إن معظم العلاقات كان الطرف التاني فيها بيحبني فعلاً ومفيش جواه نية غدر، بس دايمًا من جوايا حاطة خطة بديلة صغيرة كده على جنب، وعاملة حسابي إن فيه حاجات تانية موجودة تأمنني لو مبقيناش مع بعض، وكنت ببقى متمسكة بيها قوي، يمكن أكتر من شريكي نفسه.

 

قريب كنت في واحدة من جروبات الدعم، وكنا بنتكلم عن الصدمات اللي قابلناها في حياتنا، الناس قعدوا يحكوا حاجات صعبة جدًا وعميقة جدًا، طول ما هما بيحكوا وأنا عمالة أحاول أدور على صدمة كبيرة حصلتلي في حياتي كده وسايبة أثر جوايا، مش لاقية، كل ما ييجي حاجة في دماغي أحس إنها مأثرتش فيّ قوي وإني قدرت أتجاوزها، بالرغم من إنها فعلاً حاجات كبيرة. لحد ما افتكرت موضوع الولد ده. اكتشفت إنه سايب جوايا علامة أكبر بكتير من اللي أنا كنت متخيلاها، وإنها فعلاً كانت صدمة بالنسبة لي أثرت في رؤيتي للرجالة لحد دلوقتي، وفي إحساسي بالأمان معاهم.

 

أنا كل ما ببقى مع حد، بيبقى جوايا حتة كده بتقوللي إنه ممكن فجأة من غير أي سبب يهددني إنه هيوري جواباتي للمديرة، بس المرة دي أنا كبيرة، فالخوف أكبر، وعشان كده الاحتياطات والحسابات اللي بحسبها في أي علاقة ممكن تكون زيادة عن اللازم.

 

بعد ما اكتشفت إني واصمة الرجالة كلها بذنب عيل في ابتدائي كان بيلعب، ابتديت أحاول مخدش حد بذنب حد. بحاول آمن للناس أكتر وأديهم فرصة كاملة مش مشوهة. لسة باخد على دماغي طبعًا، بس مبقتش بقول عشان هما كلهم غدارين ولا عشان أنا قليلة. بقيت شايفة إن دي حالات فردية، ده شخص ندل، بس مش كلهم أندال، وابتديت أحب من غير الشرط القديم، بقيت بتضايق وأتوجع وأتعب لما علاقة كويسة تبوظ. بقيت عارفة إن الوجع هييجي يوم عليه ويخلص.

 

عارفة إن مشاكلي مش هتتحل في يوم وليلة، وإن السكة طويلة، بس بقيت شايفة إن ما دام أنا عارفة أنا عايزة أروح فين، كل خطوة صغيرة بمشيها في الاتجاه ده بتقربني، وإني في يوم من الأيام هوصل.

الولاد كائنات غدارة وأنا مش عايزاهم في حياتي

 

المقالة السابقة10 شخصيات أوفر تعشقها الدراما المصرية
المقالة القادمةميجيل.. فان جوخ.. بارنوم وأشياء أخرى
كلامنا ألوان
مساحة حرة لمشاركات القراء

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا