ما تعرف عن ذوي متلازمة داون؟

882

 

بقلم/ هايدي كارم

 

حيث إننا في الشهر الخاص للاحتفال بمتلازمة داون، أردت أن أشاركك بعض مُقتطفات من حياتنا اليوميه كأُسر لهولاء الأطفال، بشكل إنساني بحت.. على سبيل المثال وليس الحصر.

 

هل تعلم أن ليس شرطًا أن يكون الأب والأم قريبين حتى يُرزقا بطفل مُصاب بمتلازمة داون، بل إن من الممكن أن لا يكون السبب وراثيًا على الإطلاق، ولكن طفرة جينية؟ هل كنت تعلم؟! فلِذا نرجوك الكف عن السؤال الأول الذي تواجهه كل أم: “هو إنتو قرايب؟ طب فيه حد في العيلة كده؟

 

هل تعلم أن طفل متلازمة داون قادر على التَعَلُم واكتساب العديد من المهارات، كالقراءة والكتابة والأعمال اليدوية وغيرها، كل حسب قدراته والدعم المقدم له على مدار الأعوام، وليس فقط قادر على الاندماج في الألعاب الرياضية؟ هل تعلم؟! لذا كف عن النصيحة المعتادة التي تسمعها أي أم “لاعبيه رياضة بقى”. نعم فهم مميزون في الألعاب الرياضية، ولكن لمَ لا نتيح لهم الفُرصة للتعلم؟!

 

هل تعلم أن حياتنا كأسر لأطفال متلازمة داون مليئة بالأحداث اليومية والصراعات التي لا تتحملها أنت في أعوام، من نظرات اعتراض وعبارات تنفيرية ورفض وتَمييز؟ هل تعلم؟! لذا حاول أن لا تكون عبئًا إضافيًا على حياتنا، فإن لم تنفع فلا تفسد.

 

هل تعلم أنهم ليسوا ملائكة بأجنحة وأن هذه العبارة تُبكي البعض منا؟ نعلم أنها من ضمن عبارات المواساة ونيتك الصالحة نعلمها ويعملها الله عز وجل، ولكن هذه العبارة تحمل الكثير والكثير من اليأس في رحلتنا المرهقة.

هو ليس بملاك، وليس بركة البيت، هو طفل كأي طفل له الحق في التعليم والتربية والاندماج في حدود قدراته واختلاقه (الذي نتقبله نحن)، وليس في حدود توقعاتك التي لا شأن لنا بها على الإطلاق.

 

هل تعلم أن مُعظمنا يتحلى بالصبر والرضا التام، والبعض الآخر يحاول أن يصل ليرضى؟ هل تعلم؟! فلذا إن رأيت أحدنا يبكي فليس بكاء السَخَط، ولكنه بكاء التعب، وربما الحزن أو الخوف من مستقبل لم تُرسم ملامحه بعد، فلذا كف عن عبارتك “إنتي لازم ترضي باللي ربنا كتبه” فأغلبنا قادر على وصف الصبر كما لم تعرفه أنت من قبل.

 

هل تعلم أن حُكمك المسبق على مستقبل أولادنا هو ظُلم بيّن، لأنهم خُلقوا في زمان غير زمانك وفرصهم أفضل من فرص من سبقوهم، فمن أجل هذا دعهم ودعنا نحاول ونحاول، ربما يصل إلى ما لم يصل له مثله من قبل.

 

الأمر ليس محصورًا فقط على أطفال متلازمة داون، فإن استمعت إلى أحداث ٢٤ ساعة فقط من حياة أسرة لديها طفل مصاب بالتَوحد أو غيره من الإعاقات الحركية أو الذهنية سوف تُذهل.

 

إحدى الأمهات كانت تصف لي وقع هذا الكلام على نفسها، وقالت نصًا “شعرت وكأن أحدًا يمسك مشرطًا يجرح به قلبي، فلا يقتله لكنه يتركه ينزف حتى الموت”، ومع كل كلمه تسمعها يضاف جرح جديد. أما العجيب في هذا الوصف أنه تمامًا ما كنت أشعر به في السنوات الأولى من حياتي، عندما كنّا نتعرض للتنمر اليومي.

 

ليتك تعلم أن كل ما نريده منك هو التقبل رغم الاختلاف.. وكل ما نريده من مجتمعاتنا هي الفرصة الحقيقية وليس ما يُنص عليه.

 

 

المقالة السابقة10 أسئلة وجودية تحددلك طريق حياتك
المقالة القادمة5 روايات اتحولت لأفلام مينفعش تفوتهم في الحالتين
مساحة حرة لمشاركات القراء

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا