بقلم/ ندى عصفور
“الحياة ما هي إلا متعة كبيرة لا بد أن نستمتع بها”.
مقولة دائمًا ما كنت أرددها وأؤمن بها. نعم، الحياة ممتعة بكل ما فيها، ولكن نحن من نراها ممتعة بما نؤمن به ونبدع فيه ونستمتع به، ونراها قبيحة بما نعجز عن فهمنا إياه ونظرتنا الدائمة إلى وجهها المعتم.
في بداية مقالي تلك الكلمات القادمة لست أكتبها لكم فقط قرائي الأحباء، ولكن أكتبها لذاتي قبلكم، التي تملكها الاكتئاب واليأس خلال الشهور الماضية، نعم أصابها الاكتئاب بالرغم من نجاحها في حياتها بشكل كبير، ولكن ما جعلها تذبل وتحزن أنها سجنت نفسها في سجن طموحات الماضي، طموحات عمرها عشرون عامًا، ولكن القدر والواقع الجميل جعل محور حياتي ينحني عن تلك الطموحات، وقد عشت حياتي الجديدة بروحي وكياني بكل سعادة، ولكن ما زال جزء مني متشبثًا بتلك الطموحات، فقد كانت دائمًا سبب حزني وكآبتي، ولكن ذلك هو أكبر خطأ في حياتي الذي اكتشفته مؤخرًا، فكل شيء حولنا يتغير ويختلف، حتى حياتي اختلفت كليًا عما مضى، فأنا أم وزوجة ولديّ أجمل طفلتين ومنزل جديد لم أولد فيه، بل أوجدت الحياة بي وبزوجي، فكيف ستظل طموحاتي وأحلامي كما هي؟
نحن المتزوجات وربات البيوت نشعر بالحزن في بعض الأوقات، وخصوصًأ إن كنّا من العاملات قبل الزواج وخريجات كليات قمة ولدينا الكثير من الشهادات والكورسات، نشعر بأن كل ما مضى من عمرنا ليس له معنى، وأن طموحاتنا دفنت مع زواجنا وخلفتنا، ولكن الخطأ أننا لا نجد طموحات جديدة نبدع فيها، فكل منا موهوب ولديه موهبة في ركن ما من أركان عقله، فلما لا نبحث عنها ونجدها ونبدع فيها ونشعر بنجاحنا ونؤمن بأن الله قد غيّر مسار حياتنا من أجل أن نجد أنفسنا الحقيقية، وأبعد عنا حلمنا الزائف الذي كان قد يرهقنا؟ فأنا أجد من يعملن من المنزل مثلاً مشرفة لربات البيوت اللاتي خذلهن طموحات الماضي، فأدرن له ظهورن وبدأن من جديد، فمنهمن الطبيبات والمهندسات وخريجات كليات، وقررن أن يجدن أنفسهن في صنع الحلويات والأكل المنزلي وأعمال التريكو والكروشيه والمصوغات والأعمال اليدوية.
فتحية لهن ولإبداعهن ولجرأتهن على خوض تلك التجربة وكسر طموحات الماضي وبدء طموحات جديدة تناسب حياتهن الزوجية بشكل مبدع وقيم. فلنبدع جميعنا ونردم على طموحاتنا القديمة التي أردمتها الحياة قبلنا، ونبنى طموحات أجمل نبدع فيها ونحيا بشكل أفضل.