اسطور عودة الغائب أحد أيام ديسمبر ما حقيقتها

4481

بقلم/ آلاء السقا

في ليالي الشتاء الباردة، تدفأ القلوب، ويبدأ العام في الرحيل، يؤول كل شيء للنهاية، ليس كل شيء بالمعنى الحرفي، لكن تذهب بعض الأشياء الحزينة بعيدًا، ولا تعود، باختيارنا الشخصي تلك المرة.

أؤمن أن كل نهاية ما هي إلا بداية، حتى ولو لم يحدث أي إنجاز واضح، نملك الكثير من الإنجازات التي لم ننتبه لها قط، بمجرد أن يمر اليوم ونحن نشعر بأنفاسنا، نرى شيئًا أمامنا، أو نشعر بدفء كوب الشاي، فنحن على ما يرام، وذلك يعتبر إنجازًا لم يشعر به إلا من يفتقد هذه النِعَم الثمينة، بالفعل موجود من يشعر بإنجاز لمجرد مرور اليوم وهو على قيد الحياة. الشعور بالرضا هو أهم إنجاز يمكن أن تحققه، وتبدأ به أحلامك، وتنهي السيئ من يومك، ومن عامك الذي يوشك على الانتهاء.

على قدر حجم الصِعاب التي مرت علينا، أثَّرت بِنا، وأثَّرنا بها التأثير الأكبر، تغلبنا عليها، ويستمر البعض منهم لم نتغلب عليه بَعد. الفرصة أمامنا الآن كي نتخلص من كل ما يؤذينا أي أذى بأي شكل، نتحدى أنفسنا لنبدأ عامنا الجديد بنقاء تام، سلام داخلي ليعم في الخارج.

ما هي اسطورة عودة الغائب

تقول أسطورة لم أعلم لها أصلاً: “إن الغائب الأحب لقلبك سيعود إليك في أحد أيام ديسمبر”، أحدهم قال عنها خُرافة، يمكننا تحويلها لحقيقة، ليس بالضرورة أن ذلك الغائب هو شخص، يمكن أن يكون أمنية ستتحقق، سعي على وشك الوصول، أو تخلص من شيء داخلنا.

اقرئي أيضًا: 7 اساطير عن الحب أول مرة تسمعيها أساطير يونانية ويابانية قديمة

كثير من التخبُّطات والتشتتات بين أحلامي، الفن أم الكتابة أم السينوغرافيا، أم العيش حياة سليمة لنفسي ومن أحبهم… أحلام كثيرة ليس لسمائها حدود، بعد كل تلك الحيرة، قررت ألا أتخلى عن أي حلم، سأكمل في كل شيء أحبه، لماذا نتخلى عن حلم واحد حتى؟ كي لا نتشتت! لكن هل سنحيا حياة أخرى؟ أأنتظر البقية في الجنة؟ فأنا ليس لأحلامي نهاية، هي في تزايد مستمر، سأكتفي بما ألحق به في تلك الحياة القصيرة، وأترك ما لا يأتي ببالي للحياة الأبدية الأخرى.

بالفعل أنهيت كتابة ثلاث قصص قصيرة، شاركت بها في مسابقات مواهب فُزت بها، في طريقي الآن للقضاء على شبح الرواية، وإنهاء الأولى بالفِعل.

آمنت أيضًا بأن كثيرًا من القيود المنصوبة لنا ليست إلا وهم وفخ أُجبَرنا على الوقوع داخله، فمن يريد فعلاً يستطيع، حتى ولو شعرنا بالرفض من الجميع، فقط نحتاج أن نؤمن بما نريده.

التقبُّل، عدم قولبة نفسي أو غيري في قالب غير حقيقي، فكل مِنا لو تمسك بحقيقته بكل عفوية وتلقائية سيحظى بنفسه، ومن فعل العكس سيكون هو الخاسر الوحيد الآن.

اقرأ أيضًا: لقاء بعد فراق طويل! لحظات اللقاء بعد الفراق، كلمات عن اللقاء

الفرصة شيء مهم، نعطيه للبعض مِرارًا وتكرارًا. نحن الأحق بتلك الفرص المهدرة، من حق غيرنا أن يأخذ فرصة أخرى أو ثالثة، حتى نشعر أن لأنفسنا حقًا علينا، مثل تقديرنا للآن، فنحن نستحق التقدير، إذا وجدنا أنفسنا داخل علاقة -أيًا كانت- تحمل بذلاً دون رد فعل، أقله التقدير، فتلك العلاقة حتمية الزوال، زوال العلاقة أم زوال روحنا في شيء لم يستحق أبدًا، علينا الآن الانسحاب؛ الانسحاب أحيانًا يكون للشجعان.

الصمت لغة جميلة، من يفهمها سيرى جمال العالم من حوله بشكل أسهل، والكلمة أيضًا من أهم ما نملك، يجب مراعاتها، فإنها إما تكون كنسيم الزهور تُطيب الخواطر وتزهر الأرواح، وإما كالشوك المقذوف، تجعل ما حولها يذبل، وتمزقنا. الكلمة صاحبة التأثير الأكبر.

رزقني الله بنعمة كبيرة، هي القدرة على الحب، إنني أحب أسرتي الصغيرة، ومن يستحق حقًا، ذلك الشعور يجعلني وكأن بوسعي احتواء الكون بأكمله.

لدينا القدرة على العطاء، الاستراحة، جبر الخواطر، الفن، البحث عن الجمال في كل شيء وإظهاره، الاطمئنان، تهدئة النفس، تتبع أشكال السحاب، الجلوس على الرمال أمام الحطب المُتَّقِد مع من نحب في ليلة شتاء باردة، انتظار لحظة شروق الشمس وغروبها أمام السماء، تدبُّر سورة الفاتحة في بداية الصلاة، وكأننا في عالم آخر، وخلفنا تصلي الملائكة، التحيات في الخاتمة.

اقرأ أيضًا: معنى السذاجة في الحب، الحب من طرف واحد وعذابه للبنت

فلدينا القدرة على تغيير العالم، ونحن فقط في غفلة عن ذلك، كلما شعرنا أن ذلك مستحيل، فبالتأكيد لن يتحقق أبدًا إلا إذا آمنَّا به.

تخلُّصنا من أغلب العلاقات المؤذية في حياتنا يعتبر إنجازًا.

مساعدتنا للآخر لن تُنقِص مِنا شيئًا، بل تزيد، إلا لو تدهور بهم الحال إلى الاستغلال، فهم الآن لن يستحقوا، في كلتا الحالتين، من يتحلى بصفة العطاء فإنه أثمن الأرواح.

ليست سذاجة، العطاء، منح الثقة، والتغافل.

طمأنة الشعور بسيطة، وسائلها بسيطة بشدة مثلها، ممكن لحروف قصيرة أن تطمئن شعور كان مضطربًا بشدة، وهدأ بعدها مباشرةً.

قرأت جملة آمنت بها، بما فيها أن وردة واحدة لشخص على قيد الحياة، أفضل بكثير من باقة زهور على قبره.

الشُكر حق، كل شخص يعطي لنا خدمة ولو ضمن عمله، فنحن جميعًا نخدم بعضنا بعضًا، عندما نذهب لنشتري زهرة، أو باقة بطاطس مقلية، حافظة مناديل أو أي شيء آخر، شكرًا للبائع، شكرًا للسائق، لأصحاب المِهَن، للفنان، للأهل، للأب المحترم، وكل الشكر للأم التي تكمن الحياة بداخلها.

أنا الآن بكامل طاقتي، بعد تلك الإنجازات الصغيرة التي لم أعلم هل تشغل حيزًا من تفكير الآخرين أم لا، لكنها هي حافزي وصاحبة دافعيتي كي أضاعفها فيما بعد.

قادرة على التصالح مع الذات ومع كل شخص وكل شيء آخر.

شكرًا لمن يعلمون أنهم الحياة، ونعمة كل يوم. كل عام وأنتم أجمل انتصار.

تقول الأسطورة إن الغائب سيعود إليك في أحد أيام ديسمبر

المقالة السابقةفرش البيت و18 جواب
المقالة القادمةأثر الفراشة لا يزول
كلامنا ألوان
مساحة حرة لمشاركات القراء

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا