بقلم/ آلاء السقا
لم يكُن من حظي أن أحظى يومًا بنتائج دراسية باهظة، اعتدت دائمًا أن يكون يوم النتيجة حالك السواد من كل جانب، أصدقائي أدوات الرسم منذ طفولتي، لم أكن أعلم بوجودِك وقتها، علِمت به في بدايات الصفوف الابتدائية وكنت أنبهر بكل من كان فيكِ، تفاصيلك المرسومة في مخيلتي، مجرد اسم يصف جمالِك، حَلِمت مِرارًا وتكرارًا بيوم اللقاء الأعظم.. بيننا.
حبيبتى كلية الفنون الجميلة..
اشتقتُ لجمالِك، أعلم أنك أيضًا تشتاقين لتلك الروح الجميلة التي أذهبها بعض ساكنيكِ الآن، أنتِ لي.. وخُلِقت لكِ، يسري في روحي شيء غريب أعلم أنه أتاني من الله، وهبني إياه لكي أصبح يومًا منكِ، أتعلم وأُعلم فيكِ، أستنشق هواءك بكل حب، وتداعب شمسِك عيني فأبتسم برِضا كبير عن حالي، أجلس في حجراتي الكثيرة.. المدرجات والأتيليه، بين الأشجار، والجلسات في الساحات الكبيرة الجميلة، أمام منحوتاتِك، ومحبينِك، نستمع للموسيقى أو ما نحب، ونرسم تحت الأمطار مرة، وتحت الشمس مرة أخرى، في كل زمان ومكان، يكبر الفن بداخنا.. فيصبح كل شيء جميلاً.
خُلقنا من أجل بعضنا بعض، فبأي عقل نفترق بهذه الطريقة غير اللائقة؟!
بعد فترة طويلة من السير في طريق الحلم، معاناة، سقوط، نهوض، سقوط مرات أخرى كثيرة، ملل، فتور، لا مبالاة، صحوة… إلخ، يأتي مرض النسبة المئوية الذي يهدم أحلامًا كثيرةً، أُختَبِر في مواد ليس لها أي علاقة بكلية الفنون الجميلة، أبذل مجهودًا مُرهِقًا للغاية، أعاني بين المناهج التي تُنَسَّق للببغاء، تخرج نسبتي المئوية كالعادة حزينة بين النسب الأخرى لبعض المُوَّفقين المستحقين أو غير المستحقين، لا يهم، الذي يهم هو أنكِ الآن لستِ بين يدي، ولستُ بداخلِك، أضاع حلمي الآن أم إلى أين أنا ذاهبة؟
أحاول دائمًا أن أكون لطيفة مع الجميع، حتى كادت روحي أن تتمزق -مثل بوكوفسكي- كنت أرسم الابتسامة في المباركات لزملائي المقبولين بكِ، المحتفلين، المستحقين وغير المستحقين، سعدت من أجلهم لكن حزني كان أكبر بكثير على فقدِك، على وجود البعض الذي لا يحبك داخلِك، وأنا ليس لي ذلك الحق، ذلك الحلم الذي حققه غيري، بالرغم من عدم حبهم لكِ، البعض يدَّعي حبك، والآخرون يقنتونك، وأنا أحبك.. وأقلاء فقط، بعضهم حالفه الحظ والتوفيق والبعض الآخر يجلس حزينًا، بعيدًا عن روحِك الجميلة المفقودة.
أعلم أنك تشعرين بحرقتي، تعلمين ببكائي سرًا، ودموعي المحبوسة عند ذكر اسمك أمامي، كلما رأيت أي شيء تربطه بكِ صلة، بكيت، بكى قلبي، حتى الآن وأنا أبكي، وتمر عليَّ لحظات ضعف كثيرة أمام ذلك البُعد بيننا، تحتبس أدمُعي لكن بثقة العودة لكِ يومًا ما.
أتدرين؟ أعدك أني سأعود مرة أخرى، ونبني نعًا تلك الروح التي حُرِمت منها بأسباب ليس لها قيمة، لكنها تهدم أحلامًا، وأحلامي لا تُهدَم، اعذريني مؤقتًا، واسمحي لبعض من بكِ الآن أن يتعلم كيف يصبح فنانًا. لا تقلقي على من يحبك، فإني أنتظر موعد اللقاء حتى لو أغلقوا جميع أبوابك رغمًا عنكِ، سنعود يومًا ما ونبني مجدًا هنا من جديد، ستذهب أجواء النادي، وتعود روح الفنانين حولِك، تعيد فنِّك وروحِك.
أنا الآن مستمرة، أرسم دائمًا، أعيش بروحي التي تشبهِك كثيرًا، سنلتقي قريبًا جدًا، وذلك اللقاء سيكون أقوى من لو كان حدث من قبل، لأنك ستجدين فنانة روحًا وإبداعًا، تحبك جدًا كعادتها. سأتعلم وأقرأ وأرسم وأنمِّي موهبتي الثمينة، حتى نلتقي، ونبدأ طريقًا جميلاً، أرقى مما يحدث الآن، لا يوجد التزام بالنص، نحن فنانون يا جميلة؛ لا تُقيدنا قواعد وسطور، لا نفتقد الكثير من الفن كما يفتقدون، ولا نجتمع معًا حتى نلهو فقط، سنطيح بالغيوم، وننشل الغبار منكِ.
تزيد أحلامى يومًا بعد يوم، وأنتِ حلمي الثابت، الأول دائمًا، سأكون يومًا ما أريده، سأحقق كل ما بداخلي من أحلام، ستخرج جميعها مُحَققَة للواقع يومًا ما، لا أعلم موعده، لكني أثق بالله، أشعر أنه بجانبي دائمًا، فيطمئن قلبي، ويزيد سعيي وسيرِي للأمام، ولكِ، ولكل ما أحلم به.
أنتِ لي، وخُلِقَت روحي لكِ؛ اطمئني سنلتقي يومًا ما.
أحبِّك بشدة.
مرض المجموع الذي يهدم الأحلام ومواد ليس لها علاقة بالفنون