آخر مرة قصيت فيها شعري٬ جوزي بص لي كده وقالي “هاه.. مش هتتصوري وتبعتي الصور لأختك وصاحبتك؟!”٬ ساعتها قعدنا نتكلم شوية وقعد يسألني هو إنتو بتبعتوا لبعض كل حاجة؟ وبتحكوا لبعض كل حاجة؟
وده كان السؤال اللي بيتكرر بيننا كل فترة٬ وكل مرة بقوله إننا فعلاً بنحكي لبعض كل حاجة٬ وبنفرج بعض كل حاجة بنشتريها أو بنعملها٬ والمكالمات اللي بيننا مبتكونش غالبًا ليها هدف عاجل لكن بتبقى دردشة وفضفضة عن اللي بيحصل معانا٬ ومؤخرًا مع وجود الفيسبوك والواتس آب بقت الدردشات مدعومة بالصور والفيديو والسكرين شوتس والتسجيلات أول بأول.
في كل مرة بفتح لجوزي شباك على العالم بتاع الستات بينبهر جدًا٬ إزاي بتقدروا تحكوا لبعض الحاجات دي٬ وإزاي مش بتتحرجوا تكشفوا نفسكم ومشاعركم الحقيقية قدام بعض! وإزاي عندكم المساحات دي من البراح والحرية! بيكون مستغرب إزاي بنشارك بعض كل التفاصيل٬ وإزاي لما بكون متضايقة أو متخانقة معاه مثلاً بجري أفضفض! وليه مبتكسفش أو أخاف إن صورتي تتهز قدام الصاحبة اللي فضفضتلها! تفاصيل كتير قوي بيستغربها مخلياني متأكدة إني لو كنت راجل٬ هتمنى أرجع تاني واحدة ست.
طبعًا حاجة غريبة إن واحدة ست تتاح ليها الفرصة إنها تكون راجل وترفضها٬ بس في الحقيقة لما قربت من عالم الرجالة قوي اكتشفت إن أغلبهم غلابة جدًا، وعايشين في وحدة مريعة، رغم إن عدد أصحاب الراجل بيفوق عدد أصحاب الست٬ وعلاقاتهم بأصحابهم قوية وعميقة وحقيقية٬ بس رغم كده مفيهاش حرية وراحة.
الراجل كل ما زادت نسبة احترامه ورُقيه زادت نسبة وحدته٬ طول ما هو مش من النوع اللي هو وأصحابه بيتكلموا في العلاقات النسائية والمغامرات إياها، فكل علاقته هو وأصحابه هتتمحور حوالين المناقشة في الكورة والسياسة واحتمال يدردشوا في الشغل٬ لكن مشاعرهم وعلاقاتهم وحقيقتهم من جوة وحتى خناقاتهم مع مراتتهم مش مجال أبدًا للمناقشة.
الراجل غالبًا ميقدرش يتناقش مع صاحبه مثلاً في نوع وسيلة منع الحمل المناسبة٬ ميقدرش ياخد رأيه في أي حاجة تخص العلاقة الخاصة بينه وبين مراته٬ مينفعش يكلمه عن مشاعره “الحقيقية” تجاه جسمه أو أدائه في العلاقة الحميمة أو التغير اللي طرأ على مراته بعد حمل أو ولادة٬ طبعًا ده غير الكلام عن المخاوف والتأويلات والمشاعر العميقة واللي مش واردة أبدًا في كلامهم مع بعض٬ واللي كلها بديهيات بالنسبة للستات بيتكلموا فيها طول الوقت.
الكلام بين الرجالة بينقسم لحاجتين٬ إما كلام مكشوف بيتسم بالوقاحة بيدور عن الجنس والستات والبطولات اللي معظمها كدب٬ وده بيكون في الطبقات الدنيا أو الشباب الصغير اللي لسة معندوش مسؤوليات حقيقية٬ وإما كلام بيكون رغي للتفاخر أو الشكوى، وبيتقال بشيء من الكوميدية٬ مفيهوش عمق أو حقيقية أو حاجة تلمس القلب٬ وعمره ما بيكون مترتب له٬ مفيش راجل بيكلم صاحبه يقوله أنا عايز أحكيلك حسيت بإيه امبارح وأنا باصص لمراتي وهي نايمة مثلاً٬ ده مستحيل أكتر من استحالة إن الشمس متبعتش نور والميا تخلص م البحور على رأي لطيفة.
رغم صداقات الرجالة القوية ببعض٬ والعمر اللي بيقضوه سوا٬ إلا إن مساحات البوح بينهم ضيقة٬ آه بيقفوا جنب بعض وبيسلفوا بعض فلوس وبيرشحوا بعض لشغل وبيعاينوا لبعض عربية لقطة عشان يتأكدوا إنها كويسة٬ بيحضروا أفراح بعض ويحزنوا لبعض وبيجيبوا لبعض حاجات من برة لو حد فيهم مسافر٬ بس كل ده بيحصل في صمت٬ رغم كل القوة دي في العلاقة إلا إنهم بيخجلوا يبوحوا بمشاعرهم الحقيقية. والنتيجة إن جزء كبير منهم مش ناضج عاطفيًا بسبب إنه متبادلش خبرات كفاية٬ فمبيعرفش إزاي يفرح أو يزعل أو يحب.
على الجانب الآخر.. الستات بيحكوا مع بعض في كل حاجة٬ كل المشاعر والأفكار والشكاوى والتطلعات والإحباطات٬ كل مخاوفنا ونظرتنا لنفسنا وللدنيا وأفكارنا وهواجسنا٬ حتى أحلامنا بنحكيها لبعض٬ بنسمع بعض ونتكلم مع بعض، فبنكبر سوا٬ قلوبنا بتستوي ومشاعرنا بتنضج بالتجارب اللي بنتبادلها دي٬ كل حكاية بتكبَّرنا٬ وكل حاجة بنقولها لبعض بتبني جوانا حاجة زيادة بتخلينا أقدر على الحياة وعلى الحب. الستات عندهم مساحات واسعة من البراح في قلوب بعض٬ والكلام بينهم عمره ما بيخلص زي ما التجارب والمشاعر مبتخلصش.
أنا لو كنت راجل٬ كنت اتمنيت أكون ست قادرة تفضفض وتفكر وتسمع٬ قلبها واسع وعقلها بيوسع كل يوم٬ ست قادرة تبكي بحرية وتضحك بحرية وتحكي بحرية٬ ست بتتكلم كتير، بس قصاد الكلام ده عندها مخزون أفكار ومشاعر تقدر بيه تفهم الراجل اللي مبيعرفش يعبر زيها.