عشق صالونات

1186

 

بقلم/ نرفين أسامة أبو هاني

 

زمان كانت عبارة “جواز صالونات” بتتقال على علاقة الجواز اللي بيتم لما أهل العريس يزوروا أهل العروسة، ويتقدموا من غير ما تكون العروسة شافت العريس، ولا حتى تعرفه. ولو الأهل وافقوا عليه تتم الجوازة وييعيشوا مع بعض. وكانت الكلمة الشهير “بكرة يعرفوا بعض أكتر ويحبوا بعض”.

 

زمان أغلب الجوازات جواز صالونات، لكن الأيام اللي بنعشها حاليًا أغلب البنات مبقوش يعملوا كده، لأنهم بقوا يعتبروا ده بيلغي معظم شخصيتهم، وبيكتشفوا عيوب الأشخاص بعد الجواز، وبيلوموا الأهل بعد كده.

 

أنا سمعت عن علاقات كتيرة نجحت وعلاقات فشلت من جواز الصالونات التقليدي، بس محدش اتكلم عن عشق الصالونات. حاجة كده زي الحب من أول نظرة وأفلام أبيض وأسود بتاع زمان. بتبدأ الحكاية بعريس بيتقدم مع أهله، بيروح يشوف عروسة يا تعجبه يا متعجبوش. متطلبات العروسة معروفة وسهلة لأن غالبًا كل البنات كانت نفس التفكير، وعشان كده كنا بنشوف معظم البيوت شبه بعض في صورنا القديمة. وييجي العريس بيشرب القهوة وتبدأ أول نظرة إعجاب بالعروسة، وأهلهم موافقين ومتفقين.. حبوا بعض.. ارتاحوا لبعض.. بعدها بمدة قصيرة تم الفرح بسلام.

 

اتجوزوا، وبعدها بمدة قصيرة خلفوا وشالوا المسؤولية مع بعض. محدش اتخلى عن التاني وساعدوا بعض، وجات شوية مشاكل بس مرت بسلام من الطرفين، كل واحد فيهم اتنازل عشان التاني وعشان البيت ميتهدمش. بدأت طباعهم تبقى واحدة ونظرة العين بنهم مفهومة، تكاد تكون محفوظة، وكل واحد فيهم بيعمل اللي بيحبه التاني. بدؤوا يريحوا بعض، مش عارفين ده الحب اللي بنهم ولا دي عشره السنين اللي بيقولوا عليها.

 

بتمر بيهم سنين وعمر بيجري، عيالهم كبرت قدام عينيهم، جرحه بيوجعها وضيقته بتخنقها. مبيبعدوش عن بعض بأي طريقة، بقت طرق سعادتهم واحدة والضحكة على نفس السبب. مفيش حاجة بتشغلهم عن بعض غير أولادهم. البيت فيه هدوء غريب كأنه فاضي، وفي حقيقة الأمر مليان بحب الدنيا. يمكن طول الوقت البيت متكركب ولكن يفضل الصالون هادي وشكله لسة جديد عشان ولادهم على وش جواز.

 

ده اسمه إيه؟! مش اسمه حب ويمكن مش عشق، بس الأكيد إن الجواز قسمة ونصيب، سواء كان جواز صالونات أو غيره. منقدرش ننكر إن معظم أهالينا كانت جوازاتهم صالونات أو معرفة أو صلة قرابة، ونسبة الطلاق أيامهم كانت قليلة بالمقارنة بالزمن اللي عايشينه حاليًا. كانت العلاقات سهلة أيامهم وبسيطة وحبهم بيظهر بالأفعال، وكلامهم قليل. حكاياتهم جميلة وشيقة. أيامهم فيها رضا غريب. كانت الستات قوية وقيادية وحنينة وصابرة وسعيدة وملهمة في نفس الوقت، والرجالة كانت شقيانة ورحيمة وروحهم حلوة وعندهم ثقة في النفس غير عادية.

 

عشان كده جواز الصالونات زمان كان بينجح جدًا، كانت الناس صريحة معندهاش نقص ولا أمراض العصر اللي أصبحت وباء زي الغرور والأنانية والخيانة والكدب والنفاق وغيره. زمان كانت الناس قلوبها صافية وعارفين بعضهم، عارفين الوحش قبل الحلو، كان الحب بييجي بعد الجواز بالنسبالهم، ولكن حبهم بالنسبة لزمانا أنا بسميه “عشق صالونات”، لأن نادر لما يكون الحب صادق جدًا لدرجه يظهر كل شيء كامل بينهم كأنهم واحد.

 

حب زمان كان بينكتب عشانه قصايد وروايات ما زلنا بنقرأ فيها ونتعلم منها، كان مبني على تفاهم أصبح نادر الوجود حاليًا.

سلام على زمن كان فيه الحب له معنى، والعشرة ليها طعم، والجواز أجمل نعمة، وراحة البال بكنوز الدنيا. كان فيه خوف من الكبير والرحمة على الصغير، كان فيه حياء وكسوف وخجل بالرغم من وجود حرية في كل شيء، لكن كان فيه تربية سليمة ونفس سوية وسهولة في التعامل، كان فيه حزن وفرح وسعادة ويأس، بتفكير منطقي وعقل رزين.

 

عشان كده جواز الصالونات زمان كان بينجح

 

المقالة السابقةما هو الحب الحقيقي اللي بيدوم ويستمر؟ ما معنى الحب الحقيقى بين الزوجين
المقالة القادمةأفضل نصائح لنجاح العلاقة العاطفية بينك وبين شريك حياتك والمسافة الآمنة بينكم
كلامنا ألوان
مساحة حرة لمشاركات القراء

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا