عشان تبطل تخاف

2238

 

بقلم: شروق عبد النعيم

كثيرا ما كنت أقرأ أو أسمع عبارة “الحاجة اللي خايف تخسرها.. اخسرها عشان تبطل تخاف”، في البداية لم أكن أفهم لها معنى واضحا، ثم تحول الأمر إلى أنني كنت أحتقر وبشدة من يتبنون تلك النظرية، لأنني كان لدي تصور دائم أن تلك العبارة تعني الخذلان والضعف والتنازل عن أشياء أردناها لكنها صعبة المنال بعض الشيء، بل ولم يكن لدي تصور كيف يمكن للخسارة أن تصبح أفضل من الخوف؟ كنت معتقدة أنه مبدأ في منتهى السلبية، وأنه يجدر بنا أن نتفانى تعبا وإخلاصا من أجل ما نريد.. كانت بالنسبة لي عبارة بعيدة كل البعد عن المنطق بل وعن التطبيق!

إلى أن مررت بعدد لا بأس به من المواقف والخسائر، أو بمعنى أصح خسائر كنت أحسبها ذات قيمة، رغم أنها في الواقع لم تكن كذلك، لكنه طبع البشر، فكثيرا ما نرفض الاعتراف لأنفسنا بأمورٍ ستؤلمنا فيما بعد، لكنها على أي حال كانت خسائر أفضل كثيرا من الشعور الدائم بالخوف من الخسارة! إن فكرة “البتر” عامة فكرة جيدة ولا بأس بها، إنها ستؤلمك ولكن لمرة واحدة وانتهى الأمر وشكرا و”ألم ساعة ولا كل ساعة”.

تغيرت نظرتي لتلك العبارة لأنني وجدت أننا في الخوف من الخسارة نخسر أجزاء من أنفسنا، ولا نخسرها مرة واحدة، بل بالتدريج وببطء، وكلما خسرت جزءا من نفسك تألمت وانكسرت، وتغيرت فيك طبائع كثيرة، ونقصت ثقتك بنفسك وبالاشياء تدريجيا، وفي الواقع لا شيء يستحق ولو خسارة أصغر جزء من نفسك، لا شيء إطلاقا.

هؤلاء الأشخاص أو الأشياء أو المواقف التي تخشى خسارتها إلى هذا الحد من الرعب، إن كانت ذات قيمة حقيقية ما كانت تسببت في ألمك وإيذائك وخوفك طوال الوقت، الأشياء والأشخاص ذوو القيمة الحقيقية لن يسمحوا لك بخسارة نفسك أبدا، حتى وإن كان في سبيل الحفاظ عليهم.. إنه الوهم الذي نطلق عليه اسم التضحية، وهو في الواقع ليس سوى ذل وخذلان، ومن أجل من؟! من أجل ماذا؟!

الأشياء/ الأشخاص الذين يستحقون التمسك بهم حقا ليسوا أبدا هؤلاء من يجعلوا من حياتك سلسلة خوف متواصل لا تنتهي، ولا يُعرف لها بداية أو نهاية، وبالتالي من تشعر دائما أنك في تهديد مستمر لخسارته، مسببا لك ألما وخوفا.. اخسره.. “اخسره عشان تبطل تخاف”.

 

 

 

 

المقالة السابقةلماذا تحتاج الأرواح الحساسة للطقوس؟
المقالة القادمةأنا محتاج صدمة
مساحة حرة لمشاركات القراء

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا