عدة وجوه للحزن.. اختفى وجهي بينها

964

 

بقلم/ رضوى علاء الدين

 

أصبحت الكلمات هشة تمامًا، لا تستطيع أن تحتملني، ربما رؤية ما يدور في عالمي أصعب من وصفه في تلك الكلمات، لذا دعوني أحدثكم عنه..

 

الزمن متوقف عند الخامسة مساءً، الذي يوحي باقتراب الليل، فيجعل الجو العام في استعداد للظلام وانتظاره للتستر به، والبوح بحزنه، ولكنه لا يأتي أبدًا.

 

في الأحياء الشعبية الفتيات عاريات ووجوههن مشفرة، وذلك ليس لأي داعٍ سوى لعنة لكل معايير الجمال في العالم، وددت لو أرسم أدمغتهن على وجوههن لتصبح الأمور أكثر منطقية، لكني وجدت شيئًا مشابهًا. لوَّنت أجساد النساء حسب حالتهن النفسية، تلك الزرقاء هي صافية لم تتلوث بعد من أخطاء البشر، وتلك البرتقالية هي دافئة لديها عاطفة تغمر العالم، وتلك الأرجوانية تعرضت لأذى لم تستطيع تخطيه بعد.

 

لا أعرف كيف بدأ الأمر حتى، لا أستطيع تفسيره؛ إنه أشبه بانجذابك لداومة وتحسب أنك ولدت جزءًا منها، لم تنتمِ يومًا لشيء سوى الفوضى والقبح، ربما ذلك كان السبب في اختبائي؛ أخاف أن يكشف أحد ذلك السر أني وحشًا قبيحًا وُلِدت في عالم لا يهمه سوى تزييف الحقائق حتى يصل إلى الجمال المتفق عليه.

 

إني في ذلك العالم الممل لا أفعل شيئًا سوى أن أستمع للأشخاص، وتستهلكني تفاصيل حكاياتهم، حتى لو شخص حكى لي عن ذهابه إلى البيت لقتل حبيبته الخائنة، ربما كل ما سيشغل تفكيري حينها كيف ذهب إلى البيت بقطار متهالك حتى استنفده التفكير من بطء القطار، أم استقل سيارة أجرة فكانت سريعة حتى أنه رأى حبيبته مع عشيقها؟! ثم أتخيل تكملة القصة وأبدأ تغيير الأحداث بناء على رغبتي، وجعلها أكثر دراما وألمًا، ذلك يجعلني أشعر أني في آخر فصل في حياتي سأكتب:” أضعت حياتي محاوِلة أن أعيش حياة الآخرين “.

 

أنا قتلت شخصين البارحة، وذبحت عائلتي، وشتمت الشيوخ، واعتديت بالضرب على مارة، وألحدت عده مرات، هل أكون قاتلة وأستحق الموت أم أنا بريئة من كل ذلك لأنه حدث في خيالي فقط؟ أنا مشوَّشة كثيرًا، لا أستطيع أن أعرف إن قد جننت أم أفرطت التخيل.

 

ربما أريد أن أكتب قصص حياتي كلها المرتبكة التي لم أعشها يومًا، ولكني وددت لها كثيرًا حتى أنني أعرفها أكثر ممن عاشها، ولكني أعرف أني في نهاية المطاف سأمزقها وأنثر رفاتها في نهر صغير، وأصلي على جسدي فى كل قصة أردت أن أعيشها، وأطلب له السلام.

 

يجب أن أنهي ذلك الحديث الآن، لقد فقدت السيطرة على أفكاري، ولكن لديَّ عتابًا صغيرًا على الزمان الذي حصرني في ذلك الوقت؛ أنا لا أشبه تلك الحقبة الزمانية، ربما كان يجب قتلي في الحرب العالمية التانية لكوني يهودية، أو يُقبَض عليَّ بعد الحرب لأني نازية لا تعرف الرحمة.

 

قتلت شخصين البارحة وذبحت عائلتي وشتمت الشيوخ

 

المقالة السابقةقواعد الحب العشرة لكل المحبين أهم قواعد في الحب للمحبين
المقالة القادمةالحب حقٌ للوحيدين والمنبوذين
كلامنا ألوان
مساحة حرة لمشاركات القراء

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا