بقلم/ رودينا عادل
كيف حالك صديقي؟ كم اشتقت لأن أكتب إليك! فقد مضى وقت طويل منذ آخر رسالة بيننا. كنت أكتب لك دائمًا عن الذكريات، عن الأحلام والشغف، عن الفرح والخوف، عن العشق والأمل، كنت قد أدمنت الكتابة، حتى أنني أصبحت أكتب رسائل إلى الله حين يعجز لساني عن الدعاء.
لكني لا أعلم لمَ توقفت فجأة عن القلم. شعرت أنني لم أعد أستطع أن أعبر عن نفسي كما كنت، كنت أظن خطأ أن الكتابة تكون حكرًا على من يمتلكون تلك الملكة، لكني أدركت أن لنفسك حقًا أن تكتب عنها ولها. لنفسك حق بأن تزيح كل الزخم المتراكم بداخلها، فكم من المشاعر تحتاج لأن تسطرعلى الورق! مشاعر يصعب على لسانك النطق بها، ولا سبيل لها إلا القلم.
منذ أن أهدتني صديقتي تلك الأجندة الزرقاء قررت أن أعود للقلم مرة أخرى، قررت أن أكتب لكي أتنفس، لكي أتحرر.. قررت أن يكون لي عالمي الخاص حتى وإن كان مجرد حبر على الورق.
أدركت أن القلم هو طوق النجاة بالنسبة إليَّ، فالكتابة شفاء لمن أشقى الدهر قلبه، وأمان لمن أثقل الدرب روحه، فحين نكتب عما يدور في خواطرنا نزيح ولو جزءًا مما يحمله القلب من خيبات النفس وإرهاقات الروح.
كم اشتقت أن أكتب رسائلي كما أحب! أن أسجل بقلمي كل لحظة أريدها أن تظل حية! أن أخلق من قلمي قصتي كما أحب أن تكون! أن أكتب عن لحظات ماضٍ أريد أن أذكرها دائمًا.
أعلم أن الكتابة لن تعيد الماضي إليَّ، ولكن لعلها تعيد إليَّ نفسي التي أفتقدها كثيرًا، فالكتابة بوح صامت تكشف لنا عما نشعر به وعما نريده، لأن الكلمات حقًا مرآة القلوب، تكشف لنا ما تخبئه بين ضلوعها.
الكلمات هي أحلامنا التي لا قيود لها على الورق، فنكتب عن كل ما عجزنا عن تحقيقه. وفي أوقات أخرى تنقذنا تلك الكلمات من الاستمرار في حيرة البحث عن الشغف، وحيرة البحث عن الحقيقة، فالقلم يكتب ما يمليه عليه القلب، حتى وإن لم ندرك ذلك فالقلب يصدق وإن لم نصدقه.
مع الوقت أدرك أهمية القلم في حياتنا، أدركت أن السطور التي تملأ ببحر من الكلمات هي بمثابة دليل على ما نعيشه من أقدار مُسيِّرة وطرق مخيِّرة.. وشئنا أم أبينا فكل لحظة نعيشها تسطر بالقلم، فالقلم يا صديقي هو خير شاهد وخير رفيق، فإن كنت تبحث عن الأجوبة فاكتب لكي يرتاح قلبك، وحينها ستدرك أن القلم كان طوق نجاة.