سي السيد “نيولوك”

364

 

بقلم: نسمة الجارحي

ســي السيد “نيولوك” وعُدّل ليواكب شباب الألفية الثالثة، تعلم وقرأ الكتب وتناول من الثقافة ما لذ وطاب، إلا أن ثقافته كانت أشبه بوجبة غذائية دسمة تناولها وصَعُب على معدته هضمها.

فلم يعد سي السيد يفرض البرقع والحجاب على وجه محارمه من النساء، وسمت حياتهن ليلهث خلف فائض أنثوي على حواف الطرقات لنساء مشبوهات، بل أصبح يفرض الحجاب على أفكارهن، ويُلبس البرقع لعقولهن، ثم يخرج إلى المقاهي الثقافية ويتجول عبر الشبكة العنكبوتية لتبادل أطراف الحديث والنقاش مع إحداهن في شغفٍ وانبهار !

ففي مجتمعاتنا الشرقية ثقافة المرأة وذكاؤها للإعجاب فقط لا للزواج، وفي مجتمعاتنا الشرقية المرأة المثقفة والذكية ممنوعة الاقتراب مع إمكانية التصوير، وفي مجتمعاتنا الشرقية المرأة المثقفة والذكية مرآة عاكسة لمواطن ضعف الرجل.

فلا يرى الرجل من ثقافة المرأة غير مجادلته، ولا يرى من ذكائها غير مكائد النساء، ولا يرى من قوة شخصيتها وقيادتها غير التمرد والنمردة !غفل أن نتاج ثقافتها هو ما ستسقيه لأبنائه في تربيتهم، وأن ذكاءها ما سيمكنها التنوع والتفرد في فنون إسعاده، وأنه في وجود رجل يحق له القوامة في حياتها ستسخر قوة شخصيتها وقدرتها على القيادة -وغيرها من صفات- فقط لدعمه ومؤازرته.

سي السيد الألفية الثالثة.. لم يعد ديكتاتور في قرارته فحسب بل ديكتاتور في مشاعره أيضًا!

“one way” فهو لا يعترف بسياسة الأخذ والعطاء، ولكن لديه وبالطبع العطاء في اتجاهه هو فقط! فإن عانت المرأة افتقارها لعطائه، ومن ثم نضب نهر عطائها تباعًا اتهمها بـالندية، ومن تطلب منه الاهتمام والتعبير عن المشاعر ولو للحظات فحسب.

فهى امرأة لا علاقة لها بالرومانسية، حيث إن رومانسيته تُفهم من بين السطور وفك رموز شخصيته، ولربما تُفهم من غيرته غير المبررة أحيانًا كثيرة، ونهيه عن أفعالٍ يأتي بها مرارًا بلامبالاة لمشاعرها ويحظر عليها الإتيان بذات الأفعال، مبررًا ذلك بـالحب والغيرة!

أما من تشكو له ضعف حيلتها في معاملته وضجرها فهي امرأة جزوعة، ومن تضع له علامات استفهام ويسبقها الكثير من علامات التعجب لسلوكياته، فهي امرأة سطحية قليلة الفهم فيرى أن المرأة كائن خارق للطبيعة، عليها تحمل واستيعاب سخافات منطقه وردود فعله المبهمة بتكهن واستنباط دون شرحٍ أو بوح!

فقط لكونها أنثى.. ولأن الأنثى بمفهومه وُجدت كي لا تكون غير ذلك للرجل، وجدت كي تكون مانحة غافرة مصدر للسعادة والسكينة غير المشروطة كـحق له، ومن ثم قد يكون لها فُتات مما قدمت كهبة منه! عليها أن تتحمله في كل وقت وأي وقت -فهي السَكن- هكذا يردد، ولكنه محظور عليه أن يستوعب سأمها وعدم تحملها ما لا طاقة لها به، فيغفل ما شرعه الله من مودة ورحمة لعلاقةٍ سوية.

والكثير والكثير مما تعانيه المرأة مع هذا النموذج المليء بالمتناقضات والعقد الذكورية أحيانًا، لربما يندر ذاك النموذج ولربما هو في ازدياد، ولربما لا يوجد كل ما ذكر أعلاه مجتمعًا في شخص واحد، ولربما كان هناك المزيد مما لا يخطر على قلب بشر، ولكن على كلٍ.. وقبل أن تنتقل العدوى ويتفشى المرض، نداء إنساني إلى السادة الرجال من يرى في نفسه أيا مما ذُكر أعلاه، فليتوجه مسرعًا لأقرب طبيب نفسي منعًا لتدهور الحالة.

 

 

المقالة السابقةإزاي أصاحب الألم؟ عن الاكتئاب والقلق
المقالة القادمة5 خطوات للمحافظة على صحتك النفسية
مساحة حرة لمشاركات القراء

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا