بقلم/ نانسي الشريف
يقول المثل المصري “الجري نص الجدعنة”، ولكن عند الشباب هذا المثل مختلف قليلاً، فقد أدخلوا إليه تعديلاً بسيطًا ليصبح بذلك “الرغي نص الروشنة”. نعم ففي زماننا أصبح الأبله عالم، والغبي فيلسوف، والشباب أصحاب تجارب حياتية يمكن أن يصنعوا منها مجلدات تعليمية، يعني مينفعش خالص مثلاً نلاقي حد مش فاهم ف حاجة ومبيفتيش. الفتي أسلوب حياة، وساعات تلاقي حد cute خالص كده تحسه ف حاله وساكت -طبعًا على غير عادة الشباب الروش في عصرنا الحالي- بس برضهوهتلاقيه “بُق” أو فتّاي لو جيت سألته على حاجة متعرفهاش، وممكن أوي يكون هو كمان ميعرفهاش، بس أهو رغي والسلام، أصله حتى لو ساكت قدام الناس وغلبان هيكون وهو نايم لسانه ساكت بس عقله رغاي -ع الأقل بيرغي في مشاريع نفسه يحققها بتجيله في الحلم- بس مبيعملش حاجة منها، يعني ف النهاية كلامنجي، ما هو مفيش حد مش كلامنجي في زماننا ده، آه وربنا!
بالرجوع للوراء قليلاً سنجد أن الفراعنة لما بنوا الهرم كانوا شباب، وذلك بالاقتباس من موقع إلكتروني أرشيفي لأعمار الفراعنة القدماء، والذين كانوا ذوي شأن عظيم في زمانهم حتى الآن! طب بلاش فراعنة والجو ده، عندكم أوباما مثلاً، أصغر رئيس أمريكي تولى الحكم وعمره 40 عام، ده برضو كان شباب، بس رئيس.
بلاش أمريكا وأوروبا، لازم برضو نراعي الفرق بين مجتعماتنا العربية المتقدمة اللي مش متخلفة والمجتمعات الغربية الكادحة الفقيرة، سوري بقى عدوها الله يكرمكم عشان النفسنة والبرستيج إنتم عارفين بقى.
خلينا ف العرب.. حلوين، لو جينا نتكلم عن شاب عربي معروف له بأس وشأن في وطننا العربي، والنبي ما هنلاقي غير ممثلين، مغنيين، سياسيين، أو بمعنى أصح مسيسين ماليين البلد، وطبعًا مع الاحترام الكامل لهذه الطبقات، ولكن موضوع البحث بعيد قليلاً عنهم، وإذا حدثت معجزة وعثرنا بعد جهود عظيمة ومتاعب قاسية على شاب عربي واحد ذي شأن سياسي حقيقي أو علمي مشرف فسنجده خارج وطننا العربي، وسيذيع صيته في مجتمعاتنا العربية الناجحة إما بعد أن يشيخ وإما بعد أن يكون قد قضى نحبه.
قصر الكلام.. إحنا مش شباب رغاي عشان وحشين، مش إحنا السبب في اللي وصلناله ده، مجتمعاتهم تدعم الفاشل حتى ينجح، أما عندنا فنقلل من الناجح حتى يفشل، أما عن رغينا اللي زهقناكم بيه، فدي كلها أحلام عايزين نحققها ونوصل باسمنا واسم بلدنا، عايزين نكون حاجة يفتخر بيها في كل الأقطار العربية والغربية، لكن مش طالع بإيدنا حاجة غير الحلم. إحنا نحلم ونتكلم ونرغي، وغيرنا يسرق أفكارنا وأحلامنا ويحولها لماديات ملموسة يفتخر بيها على أرض الواقع.
أما عن فتينا، فده برضو ناتج عن سننا اللي بقى أكبر من عمرنا، نتيجة للخبرات اللي عشناها أو عايشناها مع ناس في حياتنا، ونتيجة لحقايق عرفناها بدري قبل أوانها، ما هو دايمًا يقولك “الحقيقة مُرّة”، وإحنا جيل اتصدم واتعلم كتير ولسه ياما هيتعلم، من تطور تكنولوجي وعلمي لثورات وضحايا وظلم وفساد واستبداد.
بس عشان مكونش بظلم برضه، أكيد هنكون مشاركين في الخطأ. سامعاك ياللي بتقول: خطأ؟! خطأ إيه؟! هو الرغي بقى غلط؟! أكيد لأ، مش الرغي هو الخطأ، ولكن الاستمرار في الكلام والأحلام مع عدم تنفيذ أي منها هو ما يعتبر خطأ فادح. اسعى لحلمك بأي شكل من الأشكال.. اتعلم، اقرأ، اكتب، شارك في المجتمع، اسأل الأكبر سنًا وعلمًا، اخرج من دائرة الكلام لدائرة التنفيذ، فهمنا كل حاجة بدري يبقى نستغل ده في العمل وتجنب الوحش، وبما إننا كل اللي فهمناه وحش فده هيقصر علينا المسافة والثقة في أشخاص، عادية بقى أو اعتبارية أو حكومات مش فارقة كتير، وهيخلينا نحاول في اتجاهات أخرى مع بعض، خلينا نكون شيء يفتخر به قوة شبابية مش كلامنجية لم تجد في مجتمعها ما يبشرها بمستقبل كريم فبدأت بذاتها وسعت للأفضل.
المجد للشباب اللي بينفذ، اللي حابب يبقى مش كلامنجي وخلاص، المجد لكل من قرر بعد قراءة المقال أن يقف مع نفسه وقفة جدية صارمة يحدد خلالها أولوياته ويكيل رغيه وأحلامه بالعمل لتحويلها لواقع ملموس، المجد لكل شاب سيد قراره، أو سيد كلامه، المجد لكل حد هيساعدنا نبني ونعمر وأول حاجة هيعملها إنه يساعدني بالأخص في تحقيق ما جاء في مقالي حتى لا تكون العبارات السابقة كلمات على ورق لا قيمة لها تجعل من شخصي مجرد شابة كلامنجية.