خواطر من العزل المنزلي

935

بقلم: العصماء محمد هاني

عرفت الآن.. ربما كان العزل المنزلي فرصة ذهبية لنعيد التعرف إلى بعضنا البعض.

خواطر عن الحب وأشياء أخرى

أن تتذكر لذة الكنافة الخاصة بي، وشغفي بالتصوير، وأن الدردشة معي ليست مملة إلى هذا الحد. أن السيفون الذي لا يعمل منذ عصر الهكسوس لم يؤثر في حبي لك، وأن اللمبة التي لا تعمل منذ هجوم التتار لم تطفئ حبك في قلبي، وأن ضلفة الدولاب المكسورة لم تكسر ذرة واحدة من عشقي وأنت متلبسًا دور البطل منقذ الكوكب، أنني لا زلت أذوب في بحّة صوتك، هل تتذكر أول مكالمة بيننا؟ أنا لا أتذكر سوى صوتك.. صوتك الذي جعلني “ألبِس” في كل تلك الفوضى.

أغاني سبيستون تبعث فيّ سعادة طفولية لذيذة، أحب تشغيلها كل فترة للصغار ونغني معًا، هم يحبون كوني أغني وأرقص معهم ولا يكترثون للكرتون، عندما كانت سبيستون تذاع لفترة معينة في اليوم على قناة البحرين انتبهت أذني إلى ذلك الصوت العميق الدافئ الحنون جدًا ذي النبرة المميزة والمثالية، كنت أسمعه في معظم مسلسلات الرسوم المتحركة، في يوم تعمدت قراءة التتر لكل مسلسل، حسنًا هذا هو صاحب الصوت الفارسي الجميل “طارق العربي طرقان”.

أنت لا تعرف سبيستون أصلاً، ولا تعرف بابار ولا عهد الأصدقاء ولا ريمي ولا كونان ولا أنا وأخي، حسنًا ما رأيك في مشاهدة حلقة إسعاد يونس عنهم؟

هل عرفتَ لماذا أغرمتُ في البداية بصوتك؟

أنا أغرم بالأصوات في الأساس.

لقد عرفت الآن

مشاعر مختلطة

سأنفض التراب عن الكاميرا، لم أصور منذ زمن، يبدو أنني نسيت التصوير، سأخبرك عن أول دورة تصوير انضممتُ إليها، وأول معرض فزتُ فيه. للتصوير تقنيات، هناك فتحة للعدسة وسرعة إغلاق وحساسية ضوء ونقطة تركيز، وتفاصيل كثيرة يتحكم فيها المصور ليحدد كمية الضوء الداخلة، هل تعرف أنني لم أتحكم مرة في كمية الضوء الخارجة مني إليك؟ أبدًا.. أبدًا حقًا.

لقد عرفت الآن

تذهب إلى عملك في السادسة صباحًا وتعود في السادسة مساء، وقتك معنا محدود جدًا، لا تعرف شيئًا عن الصغار سوى الساعتين اللتين تقضيهما معهم في تناول الغداء وأخذ الحمام والنوم وبعض من الفيديوهات التي أرسلها لك وهم ينجزون شيئًا أو تظهر منهم مهارة جديدة، الآن أنت تعيش معهم عن قرب، منذ أن نستيقظ حتى النوم، أعلم أن الأمر مُجهِدًا عليك كثيرًا ولكننا سنتذكر هذه الأيام ونضحك، ربما هذين الأسبوعين كفيلين بجعل تجربة الأبوة تستحق فعلاً.

الجلوس مع الأطفال باعث على الانهيار.. أليس كذلك؟

لقد عرفتَ الآن

حب من نوع خاص

في العزل المنزلي لن أفقد الأمل في حضور حفلة أنيقة معك في الأوبرا، أو أن تأخذني إلى السينما من غير ماما ما تعرف، أو تناول آيس كريم في المطر، أنت لا تحب الأوبرا وترى أن الفيلم ما دام ينفع نشوفه في البيت خلاص، وتكره المطر عشان بيغرقك وبتبرد، ولكنني يا عزيزي زهقت.

زهقت.. لقد عرفتَ الآن.

تيجي تلعب معايا في التيك توك؟!

أحبك بقدر حبنا الآن للكلور والصابون والخل والليمون.

اقرأ أيضًا: الحظر هدنة نرى بها قيمة الحياة

المقالة السابقةالخفافيش والبرد والجري بسرعة: تصورات الأطفال عن كورونا
المقالة القادمةأثناء العمل من المنزل: لم يعد للأفكار متسع في رأسي
مساحة حرة لمشاركات القراء

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا