بقلم/ وفاء مرزوق
ما زلت تلك الفتاة التي تأمل وترجو وتتوقع بالرغم من كل شيء. بالرغم من إجهاض الكثير من الأحلام، وولادة البعض منهامشوهًا مبتور المعنى. ما زلت تلك الفتاة التي تثق بالرغم من خبرات الخيانة والخذلان. تلك الفتاة التي ترى بصيصًا من النور وسط الظلام الحالك. الفتاة التي تُغمض وتفتح عينيها عشرات المرات في محاولة لرؤية الجمال في نفس المشهد المشوَّه.
ما زلت تلك الفتاة التي تلد مئات الأفكار وتجرب مئات بل وملايين المحاولات في تلك الحياة، التي توئد الأفكار في مهدها. تلك الفتاة التي تستسلم للتيار أحيانًا لتلتقط أنفاسها حتى تقف منتصبة مرة أخرى لاستكمال معافرة المسير.
ما زلت تلك الفتاة التي تخترق صدى ضحكتها أحزان الحياة. التي تنكسر وتقوم دون أن يدري بها أحد، فهم لا يرون غير تلك الابتسامة. تلك الفتاة ذات الأسوار العالية التي ترغب في إسقاطها. تلك الفتاة التي يظهر منها جانب واحد فقط هو قوتها.
ما زلت تلك الفتاة التي تبحث عن الخير في الأشياء وفي الإنسان. التي ترى أن الطريق المباشر أقصر الطرق للوصول. تلك الفتاة التي تعتمد في الفهم على معاني الكلمات وليس على تأويل النوايا.
ما زلت تلك الفتاة ذات الأحلام الوردية وسط واقع رمادي اللون. ما زلت تلك الفتاة الناضجة التي تحمل طفلتها داخلها حتى ترى بعينيها، فهي بمثابة البراءة والنقاء ومعاني الخير والحب، هي الإنسانية التي لا تعترف بخلاف الاختلافات.
ما زلت تلك الفتاة التي يرق قلبها لمشهد تشابك الأيدي، وللنظرات المُحِبة الودودة، ولكلمات الحب الصادقة المعاني. فكل تلك الأشياء هي التي تُحوِّلنا من كوننا على قيد الحياة لتجعل بداخلنا نبع حياة.
ما زلت تلك الفتاة المراهقة التي تأمل في بريق ووهج الحب في أول لقاء. في تلك النبضة الاستثنائية بداخل القلب. في ذلك النداء الخفي الذي يهمس في أُذنها ويأسر قلبها. في ذلك التوافق وليد الاختلافات.
ما زلت فتاة الكلمات والتعبير التي تتلعثم عند الإفصاح عن شعورها. الفتاة التي تقول كلماتها في عجلة من أمرها حتى لا تُلاحَظ. تلك الفتاة المتحدثة عن الحريات وفي ذات الوقت تحمر خجلاً في العديد من المواقف.
ما زلت تلك الفتاة التي يتصارع داخلها الموت والحياة، العقل والقلب، الكلمات والصمت، حنين الذكريات وشغف المستقبل. تلك الفتاة التي تحتضن أحلامها الملونة لعلها تراها رأي العين في يوم ما.
ما زلت تلك الفتاة بالرغم من كل شيء