تذكرة سفر

1257

 

بقلم/ رودينا عادل

 

سافر يا صديقي تجد عوضًا عما تفارقه.. حينها لن تشتكي الوحدة، لن تفتقد شخصًا ما تحن إليه. سافر لكي تشفي.. سافر يا صديقي ودوِّن كل ما تمر به من لحظات ومواقف. اكتب عن ذكرياتك.. عن حلمك وشغفك.. عبَّر عن كل ما تشعر به في كل مدينة.. التقط الصور للمعالم.. للمتاحف.. للحدائق.. والأهم من كل ذلك لأهل المدن.

 

اجعل من كل مدينة وطنًا لك.. سر في شوارعها.. تذوق مما تشتهر به من أطعمة.. اشترِ التذكارات والرسائل.. استنشق رائحة المدينة.. اخلق من ذكريات السفر قصة تشتاق أن تقرأها.. اخلق من ذكريات السفر عشقًا تحن إليه.. اترك بصمة في كل مكان تذهب إليه، والأجمل أن تفتح قلبك لكل سكة سفر لتجد عوضًا عما تفارقه.

 

ستدرك يا صديقي أن السفر شفاء.. السفر بين البلاد والمدن.. السفر بين الأماكن والطرقات.. السفر بين الحكايات والتاريخ.. عشق من نوع آخر يجتاح روحك حين ترحل إلى أماكن بعيدة.. تشعر وكأنك قد ملكت العالم بأكمله في قلبك.

 

في السفر ستدرك يا صديقي أن الأماكن تشبه البشر كثيرًا.. هناك مكان ترتاح إليه.. تركن إليه.. وهناك مكان تختنق به ولا ترتاح فيه أبدًا.

 

في السفر تقرأ الكثير من الوجوه وتتعلم الكثير من الكلمات.. كلمات تدلك على أسماء الأماكن والطرقات.. أسماء المتاجر والشراء.. كلمات يعرفها كل رحَّال بين البلاد جعل من السفر قِبلته وملاذه، وليس مجرد زائر لمدينة ما لبضعة أيام فقط، بل يمكث فيها ما يلزمه من الوقت لكي يملأ عينيه بروح تلك المدينة أو ذاك.

 

كم أتمنى أن أكون دائمًا على سفر! اشتقت لأن أكتب عن كل طريق مررت به.. اشتقت لأن ألتقط الصور لكل ما تقع عليه عيناي من جمال.. اشتقت لسحر بيروت وحضارة باريس وتيوليب أمستردام وجمال إسبانيا وقلب إسطنبول.

 

اشتقت لأن أرى بيروت من فوق مروجها الخضراء.. اشتقت للون الشمس الذهبي ساعة عصاري على كورنيش الروشة.. اشتقت لتناول المثلجات والحلويات والتنزه في شارع الحمرا.. ففي بيروت كل شيء يضج بالحياة.. مدينة لا تمل منها أبدًا.. أجمل ما فيها أنها تشبه الإسكندرية كثيرًا، ثمَّة رابط ما بين المدينتين، في الطرقات والبيوت القديمة، في الشرفات والمقاهي الكلاسيكية، ففي لحظة ما ستنسى أي مدينة تفضل، فإن كانت الإسكندرية عروسة البحر فبيروت يا صديقي عشق لا ينتهي.

 

أما عن إسبانيا فلن أستطيع وصف جمالها في بضع كلمات، فكل شبر فيها ينطق بالفنون والعمارة والحضارة، أكثر ما أحببته بإسبانيا هو شارع الرمبلا ببرشلونة واللغة الإسبانية، فكل كلمة بها تشبه إيقاع رقصة الفلامنكو الشهيرة.

 

وفي أمستردام.. تلك المدينة بالنسبة إليَّ هي أزهار التيوليب، أقسم أنني لأول مرة أدرك المعنى الحقيقي للألوان، أشعر أن نصف ألوان الكون قد توزعت على تيوليب هولندا.

من محطة أمستردام أستقل قطارًا يذهب بي إلى باريس مدينة النور، لم تكن الأحب إلى قلبي لكني أحببت فيها الصخب، من هدوء أمستردام إلى صخب باريس تشعر كأنك انتقلت إلى زمن آخر، مزيج من الكلاسيكية والتمدن يجتاح تلك المدينة الغامضة.

 

أما إسطنبول يا صديقي فتلك مدينتي الأولى، ولن تكفي السطور والكلمات لكي أصف جمالها كما رأتها عيناي وكما أحببتها، يكفي أن أقول إنني أتمنى أن أذهب إليها بدلاً من المرة مئة مرة.

 

تذكرة سفر يا صديقي هى كل ما تحتاجه لكي يتحرر قلبك، سافر لعلك تجد مدينة تشبهك وحكاية ترويها وعشقًا تلتقيه.

 

كم أتمنى أن أكون دائمًا على سفر!

 

المقالة السابقةالقاهرة – غزة 3 : بعدك على بالي
المقالة القادمةصغيرتي.. أكتب عن الرحلة منكِ إليَّ
كلامنا ألوان
مساحة حرة لمشاركات القراء

1 تعليق

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا