تجاربي العنيفة والرقيقة مع الريجيم

625

 

بقلم/ منى مجاهد

وهل من فتاة على وجه الأرض تتسم بزيادة الوزن لن تفكر ولو مرة بأنها تفقد وزنها؟! أشك. فكل فتاة بطبعها حب الظهور بأجمل صورة أمام الناس والمجتمع، أو حتى أمام مرآتها الصغيرة. وأنا كفتاة حلوة وشيك بناءً على كلام صاحباتي الحلوات المجاملات، فدائمًا ما ينتابني هاجس “التخن”، حقيقة أنا أقتنع بالفتاة التي تتبع فكر أنه أنا ومن لا يعجبه “يخبط دماغه في الحيط”. وأيضًا أقتنع تمام الاقتناع بكل فتاة تسعى لحلم الرشاقة وأشجعها حتى النخاع.

 

واقتناعي بالفكرتين نابع من اقتناعي بأن كل إنسان حر وما دام إنتي مبسوطة كده فاستمري. وبما إني متأرجحة بين القرارين، فأحيانًا أكون هكذا وغالبًا أكون كذلك.
ومن كثرة هاجس الرشاقة قررت عمل الريجيم أكثر من مرة، ما بين طرق فاشلة ومحاولات محبطة، لكن فعليًا أخذت الأمر بجدية في 3 مرات تستحق أن أرصدها لكم.

الأولى، وهي من كثرة كلامي مع إحدى صاحباتي مهووسات الريجيم، وعلى كلامها إن الريجيم ده رائع وأنا خسيت من 90 لـ75 كيلو، مع رؤيتي لرشاقتها التي وصلت لها واقعيًا، فلن أتردد لحظه أن آخذ هذا الريجيم وأنفّذه بحذافيره.

وبعد المواظبة والإصرار وصلت لوزن لا بأس به، وخصوصًا أني دائمًا أقصى أحلامي أن أفقد من 10 لـ15 كيلو على الأكثر. فبعد 3 أسابيع فقدت 8 كيلوات. كانت نتيجة رائعة ومغرية، ولكن إذا بي أنهار وأصرخ بأعلى صوتي “لااااء مش قادرة أكمل”. فقد كمية كالسيوم لا بأس بها.. تعب.. إرهاق.. انهيار تام في قوايا الجسدية، وإذا بالصدمة، ده ريجيم كيميائي، وصدمتي نابعة من صدمة الآخرين، وإذا بي بكل سذاجة، مش فاهمة يعني إيه كيميائي أصلاً. كيميائي ده يعني تاكلي حاجة واحدة فقط لمدة يوم أو يومين متتاليين، فتحرمي جسدك من باقي احتياجاته. فكان واقعيًا أن أصل لهذه المرحلة المرضية، والتي لا أكون مبالغة في الأمر إذا اعترفت لكم أنها بعد 8 سنوات ما زالت آثارها السلبية تقتحم صحتي.

استمرت رشاقتي لسنة كاملة، وبعدها بنكسة يزداد وزني ضعف الـ8 كيلوات في أقل من شهر. وبعد صراع داخلي وكلمة “بقيتي تخينة.. كنتي مزة.. هي الجيب ضاقت عليكي؟” مع نظرات سخيفة. قررت -بعد معاناة لخوفي من تكرار مأساة الكيميائي- أن أذهب لدكتور عاقل رشيد يلهمني بالصواب. فأذهب لهذا العاقل لأجد بناتًا طوابير. يا نهار! كل دي بنات عاوزة تخس؟! أومال كل محلات الأكل دي مين اللي بياكل منها؟!

وتجربة عيادة الدكتور تختلف تمامًا عن الريجيم الفردي، لأنك بتعرفي قد إيه إنك مهما كنتي تخينة فإنتي رفيعة، لأن دايمًا هتلاقي اللي أزيد منك في الوزن.

مع بعض التعليقات الإيجابية مؤقتًا، مثل “إنتي مش تخينة. شوفتوا؟ أهو أنا مش تخينة” ليه الهاجس مسيطر علي؟ّ ويكون ردي “الجيب عشان سوداء اللون تخبي ما تفضحه البيجاما القطيفة في منزلي وعلى سريري وفي وسط عائلتي”. أدخل لدكتور يحاول تخفيف دمه مع رشيقات المستقبل، وإذا به يطبع لي ورقة لا تختلف كثيرًا عن ورقه الريجيم السابق، فإذا بي “كيميائي؟ لاااء أبسولولتي” وبكل هدوء “مش عاجبك؟” فيغير الورقة بريجيم آخر.. ده بجد عادي يعني؟!
وآخد  الورقة اللي عاملة زي الواجب اللي لازم أعمله عشان متعاقبش في الزيارة التانية للدكتور
وأستمر في الزيارات وأستمر في الخسسان، إلى أن أصل لأفضل أسبوع لي على الإطلاق، شعور بمعدة مرتاحة وتعوّد على أكل بلا مسبِّكات أو لب أو بيببسي أو فينو أو أي من متاع الأكل التي ملأت قائمة الممنوعات.

لكن أعود لأنهار، فقد فقدت شهيتي للأكل بعد كل الممنوعات وربع الرغيف في اليوم، ألا أني أيضًا فقدت كل الطاقة المتبقية لديّ بعد بواقي الريجيم الكيميائي.
فقررت للمرة الثانية أن أتوقف، ولكن العودة للأكل لم تكن بالسهولة، وإذ يومًا بعد يوم تنفتح شهيتي وتمتد معدتي إلا أنى بكل بساطة أعود لنفس وزني بعد شهرين فقط وزائد عليه 2 كيلو فوق الميزان.

كان لا بد من وقفة مع نفسي، أنا كده، ومش عاملة ريجيم، ومش هخس، أنا جميلة كده.
استمر الوضع على ما هو عليه، إلى أن زاد وزني 5 كيلوات أخرى، مع زيادة خشونة الركبة وكسل الحركة وضيق التنفس.
ومع محاولات فاشلة من ريجيم لمدة يومين وأعود.. “هذا عشب رائع سينحفك”، أرتويه ثلاثة أيام ولا أستطيع الاستمرار.. “إنه السموزي، ينظف المعدة” وإذا بكل قوايا تنهار من أول يوم.. “الرياضة أفضل حل” أجري أجري أجري.. ثم ماذا؟!

لا جدوى مع قراءة يومية للمقالات والفيديوهات بلا فائدة، إلى أن هداني الله إلى طريقي الأخير والناجح.
ما يسمى بعلم اللقيمات.. الأكل متعة، فكلي كل شيء، ولكن لا تنسي فقط احترام معدتك، كُلْ كُلَّ ما تشتهيه ولكن بكميات قليلة، بلقيمات تقيم صلبك وتعينك على عملك، ومع الرياضة الخفيفة walking at home، أيوه في المنزل، فيديوهات شهيرة على الإنترنت تعلمك كيف تتمشى في منطقة مترين في متر خلال ربع ساعة تشعرين فيها بالحيوية والطاقة.

فقط احترم جسدك ومعدتك وعقلك، فالريجيم هو نظام حياة، ليس عقابًا ولا حرمانًا. كلي شوكولاتة ومانجة، بس افتكري وإنتي بتاكليها إن معدتك هتاخد كفايتها منها سواء تناولتي جرام أو 1000 جرام،

فمتعة الأكل شيء واقعي لا بد أن تحترميها، مع معادلة بسيطة، وهي احترام أن متعة الأكل لا تتحول إلى شهوة تقضي على متعة الرشاقة والصحة.

 

 

 

 

 

المقالة السابقةلقاء بعد فراق طويل! لحظات اللقاء بعد الفراق، كلمات عن اللقاء
المقالة القادمةافترقنا ولكن.. قصة قصيرة
مساحة حرة لمشاركات القراء

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا