الداعم الأول

868

 

بقلم/ سارة محفوظ

 

مر عيد الأم من أسابيع قليلة، ورغم إن معاده محفوظ كل سنة، لكن ده ممنعش تكرار الجدل حول فكرة الاحتفال بعيد الأم، والانقسام ما بين إننا لازم نحتفل بصمت مراعاة لكل شخص فقد أمه، أو الاحتفال بكل المظاهر الممكنة للتقدير، لأن الأمهات اللي بينتظروا اليوم ده من السنة للسنة ذنبهم إيه؟

 

طب ما تيجوا نقف عند نقطة تانية خالص، وهي الأقرب للواقع.

الناس اللي لسة أهاليهم عايشه بس ولا مرة حسوا بحبهم، ولا مرة كان عندهم الثقة والإيمان الكامل إنهم في ضهرهم بيحبوهم بيدعموهم مهما كان هما إيه، بيعملوا إيه، طباعهم إيه. الناس اللي كتير فكَّروا إن فيه حاجة غلط، مستحيل يكونوا هما دول أهلي! ليه مش بيحبوني كفاية؟! ليه فيه رفض دائم؟!

الأسف الحقيقي هيحس بيه الناس دي.

 

إيه نوع الأسف اللي هيحس بيه شخص فقد والده أو والدته بس سابله كتير ذكريات قادر معاها يكمل سعيد ومتطمن، سابله تفاصيل قادرة تلمس روحه، تفاصيل بتديله كل الدعم بالرغم من غيابهم، الدعم الكامن في الحب غير المشروط وغير المبرر.

 

بس الشخص اللي فقد أهم إحساس في أول سنين عمره وهو “الأمان”، إنك دايمًا متطمن إن فيه شخص واحد على الأقل في الكون بيحبك بصدق وفي ضهرك، مهما عيشت من قلق ومخاوف وفشل وإحباط، في كل مرة هتقع هيكون جنبك وفي ضهرك، مهما شفت إنك متتحبش ومش جميل كفاية تلاقي إنه بيحبك وإنك أحسن وأهم وأعظم إنسان في الكون بالنسباله .

 

مع كل إحساس بيعيشه، حياته بتتحول إما إنه يكون شخص مهزوز عنده شك في كل كلمات الدعم والحب والفخر، وإنك في كل مرة بتمدحه بتثير جواه سؤال: الكلام ده بجد؟!”.. وإما إنه يكون دايمًا بيحاول يبقى أنجح وأحسن وأسعد إنه يصرف عن عقله كل اللي بيعيشه، وإقناع نفسه إنه شخص كويس كفاية ويستحق يتحب .

 

بس النقطة اللي بتكون صعب يتجاوزها، انكساره الداخلي، وسؤاله لنفسه دايمًا: هما صح ولا أنا؟

فيه حوالينا كتير بيعانوا، بيحاربوا كل يوم في حروب هما بس اللي عارفينها، في كل وقت قدرت قدم كل الحب وكل الدعم لكل إنسان بيعافر، لكل إنسان بيقع وبيحاول لسة إنه من تاني يقوم.

 

بكل الحزن والأسف.. أواسي كل شخص فقد أمانه، فقد ثقته بنفسه، اتهز بسبب خذلانه من أهم أشخاص في حياته، واللي مفترض يكونوا الداعم الأول له.. في يوم هتلاقي كل ده وبكل سخاء، هتلاقي تعويض عن كل انكسار في روحك، عن كل انهيار عِشته ومكانش فيه حد جنبك.

لكل شخص فقد أمانه وثقته بنفسه واتهز

 

المقالة السابقةالتوثيق لانكسارنا وانتصارنا.. لماذا أحب الكتابة؟
المقالة القادمةالسيدة الصامتة أخبرتني.. لا شيء محض صدفة
كلامنا ألوان
مساحة حرة لمشاركات القراء

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا