ما هي أضرار الحزن وتأثيره؟ تأثير الحزن على القلب والجسم

1823

 

بقلم/ مها متولي

في ليلة من ليالي الشتا الطويلة والكئيبة بالنسبة لي، قررت أعمل واحد من طقوسي الشتوية المبهجة، إني أقعد ع الكنبة وأتغطى وأشرب هوت شوكيلت وأتفرج على فيلم أنيميشن، ولحظي يومها كان فيلم“inside out”، والفيلم كان بيدور حول طفلة إزاي مشاعرها بتتحرك جواها من وهي بيبي، وهي بيبي أول ما اتولدت كان الإحساس الظاهر والباين والمتحكم هو الفرحة، وكل ما بتكبر تبدأ تظهر مشاعر تانية، زي الغضب والاستياء والخوف والحزن.

 

والبنت بتتعرض لكذا موقف بيحرك كذا إحساس جواها، وفجأة اتعرضت لموقف إنها تسافر مع أهلها وتسيب صحابها والمدرسة والبلد اللي اتربت فيها.

بدأ إحساس الحزن يظهر، بس إحساس الفرحة عايز يضغط عليه ويكبته، ويقنعها إن فيه حاجات حلوة زي إنها هتروح مكان جديد وهتتعرف على أصحاب جداد، وتاكل أكل مختلف.. وهكذا.

 

وبتروح المدرسة الجديدة ومش عارفة تتأقلم، ولسة إحساس الفرحة بيقاوم إحساس الحزن ويضغط عليه، ويبدأ يظهر أحساسيس تانية، زي الغضب والاستياء والشفقة على النفس، اللي بدورها بتسبب تصرفات غلط زي الكدب والسرقة.

 

فجأة إحساس الفرحة يعلن استسلامه ويقرر يسيب المساحة للحزن، وهنا البنت بتعيط وبتيجي لباباها ومامتها إنها حزينة إنها سابت مكانها وراحت مكان مش عارفة تتأقلم فيه، وهم بيتعاطفوا معاها وبيساعدوها، وإحساس الحزن بيختفي ويرجع مكانه الفرحة تاني.

 

الحقيقة الفيلم ده خلاني أفكر كتير، ولاقيت إننا فعلاً بنعمل كده، بنفضل نكتم حزننا ونداريه ونتظاهر بالفرحة وهي مش جوانا، أو إننا نعمل نفسنا مش فارق معانا ونكبت الحزن جوانا فينفجر جوانا ويولد غضب أو استياء أو شفقة ع النفس أو… أو…

 

والحقيقة إننا غالبًا بنعمل كده خوفًا من حكم الناس على مشاعرنا، وافتكرت نفسي لما خلفت ابني من تلات سنين، بعد ما خلفت بيومين حصلتلي ظروف خلتني حزينة من جوة فعلاً.. وبالرغم من كده كنت خايفة أبين حزني لحد، كنت خايفة من كلام زي “إنتي زعلانة ليه؟ إنت مش قد المسؤولية! إنتي هترضعي ابنك حزن، لازم تبقي قوية، إنتي عايزة تبقي أم ببلاش!”.

 

والحقيقة أنا عارفة مسؤولياتي كويس، وعارفة كمان إني مبقتش بطولي، وعارفه إني مسؤولة عن كينونة روح، بس حزني كان لأسباب تانية، وفضلت أقاومه لدرجة إن فجأة اكتأبت وبقيت مشفقة جدًا على نفسي وبعيط لأقل سبب، ومش عارفة أتحكم في ده.. وهنا كان لازم أطلب مساعدة من متخصص، وعملت كده فعلاً.

 

ولما عديت الأزمة دي فكرت إني لو كنت بينت حزني من الأول كان ممكن حد يساعدني والخساير تبقى أقل، أو كنت اعترفت بوجود حزني لنفسي فأبدأ أفكر في حلول للخروج من دايرة الحزن دي، وفكرت في كلمة قلتهالي مدربة السواقة اللي كانت بتعلمني، قالتلي “لو حسيتي نفسكك اتوترتي اركني، لأنك مش هتكملي الطريق صح وإنتي متوترة”.

 

والحزن أكتر حاجة بتعمل توتر، صحيح إن دلوقتي أحيانًا الركنة بتبقى رفاهية، بمعنى إن لو حسينا بالحزن يمكن بقى صعب نقعد على جنب يوم ع الأقل، لأن فيه مننا الأم اللي مينفعش تسيب ولادها، والزوجة اللي بتهتم بزوجها والست اللي بتشتغل وعندها مسؤوليات في شغلها.

 

بس ع الأقل نعترف بحزننا ده، ونبقى فاهمين إنه هياخد دورته ويعدي لأن مفيش حاجة ثابتة أو باقية. كمان ممكن نطلب مساعدة من حد قريب ونفضفض، وممكن منلاقيش الحد ده بس نخلينا واثقين إن فيه قوة أكبر وأعظم من أي حاجة، قادر يخلينا نتخطى حزننا ونبقى أقوى.

 

طول ما إحنا مؤمنين بقوة ربنا في تخطينا لحزننا، هو هيمدنا بقوة من عنده، ودايمًا بحاول أخلي المقولة دي قدامي “تُخلَق المنح من المحن”.. دمتم فرحين.

مفيش حاجة ثابتة أو باقية

 

المقالة السابقةبيقولك.. الجواز وسنينه     
المقالة القادمةذاكرة المشاعر 1.. “دهشة”
كلامنا ألوان
مساحة حرة لمشاركات القراء

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا