الجنس وأنا.. عن الحكايات الجنسية الشائكة

1748

 

 

بقلم/ هيا حسن

 

“أخاف ألا أقيم حدود الله”.. ترددت هذه الجملة كثيرًا في أذني عندما كُنت في المرحلة الابتدائية، قالتها الفنانة داليا البحيري أمام قاضي المحكمة كسبب منطقي لقبول دعوة الخلع التي رفعتها ضد زوجها. قد عُرض المشهد في فيلم “محامي خلع” 2002، وكُنت أحاول تفسير تلك الجملة لكي أستوعب المشهد عند كل مشاهدة له على مدار تسع سنوات، حيث كانت خانة عمري تزيد رقمًا تلو الآخر كل عام، بينما لم تزِد خانة ثقافتي الجنسية أكثر من الصفر، حتى بلغت عقدي الثاني.

 

حينها تبين لي أن هناك عالمًا شائكًا مُخيفًا، مغلقًا لأجل غير مسمى، من تقترب منه الساقطة، بينما كُنت أرى الذكور من نفس عمري، يجاهرون بمعرفتهم الجنسية الخاطئة، يشاهدون أفلامًا إباحية، يتحرشون بالنساء سواء لفظيًا أو جسديًا، عالم ممتع، مباح طوال الوقت، ويُلقب من له علاقات نسائية سواء كانت جنسية أو عاطفية بـ”الدنجوان”.

 

الجنس بالنسبة لي كان لغزًا كبيرًا، يجب فك شفراته قبل أن أقع في فخٍ أكبر مني، لم أتعلم شيئًا عنه في مدرستي الراهبات غير المختلطة. علمونا حينها أن الرجال أشرار، خوفونا منهم في الشوارع، كانوا دائمًا يحذرونا إن حدث لنا شيئًا ما نحتفظ به لأنفسنا، كانوا مُعتقدين أن هكذا تُبنى القيم والأخلاق داخل عقول الفتيات، لم تشرح مدرسة العلوم درس الأعضاء التناسلية لنا، واكتفت بإلغاء هذا الفصل من الامتحان حتى لا نسألها عن شيء محرج، أكبر من عمرنا.

 

لم أستوعب الثقافة الجنسية كاملة إلا بعد عُمر العشرين، لم أكن أعلم الكثير عن جسدي، وعملية الإنجاب، وعن سبب البلوغ الحقيقي عند الفتاة، لم أكتشف أن هناك أنواعًا لغشاء البكارة إلا منذ عام واحد فقط، بالإضافة إلى أنني كُنت على علم أن ختان الإناث شيئًا يضر السيدات لكن سبب ضرره كان غير معلوم.

 

وكثير من المعلومات الشائكة التي لا يجب أن تسأل الفتاة عنها حتى وإن كان من باب العلم بالشيء، اعترفت لي إحدى صديقاتي منذ فترة أنها لم تكن تعلم شيئًا عن الجنس وعن جسدها، إلا بعد ليلة الدخلة، حيث مدها زوجها بالمعلومات الكافية بالنسبة له، وسألتني صديقة أخرى، تبلغ من العمر 23 عامًا، عندما قرأت منشورًا لي على موقع فيسبوك عن ختان الإناث، حيث أرسلت لي “هو يعني إيه ختان إناث؟ وإيه ضرره؟!”.

 

إذا كان يخشى المجتمع المصري مبدأ الفضيحة إلى هذا الحد، وإذا كانت المرأة بالنسبة إليكم عورة، ومعرفتها بالثقافة الجنسية ستؤدي إلى كوارث كونية، وإذا كانت غرائزها بالنسبة إليكم لا قيمة لها، فتقطعون من لحمها وجسدها حتى لا تفضحكم غريزتها وتعجب بأحدهم فتخطئ معه، فلماذا إذًا توقفتم عن وأدهن حيَّات؟ لماذا تتمنون إنجاب الفتيات؟ الفتاة ليست إشباع غريزة، وليست ملك يمين الرجل.

 

أتعلمون أن عدم تثقيف الفتيات خصوصًا في مرحلة متقدمة من العمر، هي التي قد تدفعها للانحراف وتفضحكم؟ الفضول يا سادة، الفضول سيدفعها لاكتشاف ذلك العالم الشائك الذي تخشاه ولا تتحدث فيه جدتها وأمها وخالتها وعمتها، وغالبًا ذلك ما يحدث الآن.

 

سمعتُ قصصًا كثيرة عن فتيات صغيرات لا يتعدين الـ15 عامًا، فقدن عذريتهن، بل ويتباهين بذلك، وقصص هروب مع صديقها والإقامة معه، كُلها أفكار غربية لا تمت لنا بصلة، تحقق حلم التحرر عند هؤلاء الفتيات، تُشبع رغباتهن في المعرفة حتى إن كانت معرفة عملية.

 

في وجهة نظري وصف الشاعر نزار قباني لهذه القضية بـ”الخرافة” هو أفضل ما قيل عنها:

“«حين كنا  في الكتاتيب صغارًا، درسونا، ركبة المرأة عورة، ضحكة المرأة عورة، صوتها من خلف ثقب الباب عورة، صوروا الجنس لنا غولاً بأنياب كبيرة، يخنق الأطفال، يقتات العذارى، خوفونا من عذاب الله إن نحن عشقنا، هددونا بالسكاكين إذا نحن حلمنا، شوهوا الإحساس فينا والشعور، فصلوا أجسادنا عنا عصورًا وعصورًا، فنشأنا ساذجين.. وبقينا ساذجين، نحسب المرأة شاهًا أو بعيرًا، ونرى العالم جنسًا وسريرًا”.

 

أرجوكم.. لا تبخلوا على أطفالكم بالمعلومات الصحيحة في وقتها المناسب، لا تُنشئوا جيلاً جديدًا عديم الثقافة الجنسية، كثير المعاصي. الجنس أمر طبيعي وغريزة إنسانية وضعها الله -عز وجل- عند المرأة قبل الرجل، لا تنجبوا نسخًا جديدة من جيلنا الذي لا يعلم شيئًا عن أي شيء في هذه المنطقة، والذي يجمع المعلومات كلها من الإنترنت صحيحة كانت أم خاطئة، ويصدم عند الزواج أو يقرر الانحراف، صدقوني المعرفة ستحميهم أكثر من عدمها.

 

من المهم أن تفهم الفتاة الكثير عن جسدها، لا تبخلوا على الفتيات بمعلومات مثلها مثل طريقة عمل المكرونة بالبشاميل التي تحرصون على تعليمها إياها لتكون ست بيت شاطرة.

الجنس بالنسبة لي كان لزًا كبيرًا

 

المقالة السابقة2017 عام الأحداث الكبيرة
المقالة القادمةأنا حلوة
مساحة حرة لمشاركات القراء

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا