من فترة وأنا كل ما يبقى نفسي في حاجة أشتريها أو أشوف حاجة تعجبني.. بيحصل حاجة من اتنين: يا إما أشتريها فعلًا وأشيلها للزواج أو الناس تنصحني إني أنتظر لما أتزوج عشان أحطها في بيتي ويبقى شكلها حلو وجديد مش مستعملة. الصراحة بدأت أحس بقهر، وإن كل حاجة مربوطة بفكرة الزواج وكأني مش من حقي أستمتع بأي حاجة خالص لأني مش متزوجة.
طب وبعدين؟ افرضوا متجوزتش؟
أحرم نفسي ليه من حاجة نفسي فيها وعندي مقدرة أجيبها؟ أنا فاكرة إن الموضوع ده بدأ معايا لما كان نفسي أشتري مشاية أجري عليها في البيت، وفعلًا اشترتيها، بس الكارثة إني ركنتها فترة على اعتبار إني كنت مخطوبة وهتجوز بقى وكده.. بس محصلش نصيب وفسخت.. وساعتها بقى حدث الانقلاب وطلعت كل ملابسي وشنطي وجزمي اللي كنت شايلاها للزواج وبدأت أستخدمها، وأصحى كل يوم الصبح أجري ساعة على المشاية.. ومن ساعتها بطلت أشيل حاجة للزواج.
من كام يوم اكتشفت إن المكتبة بقت صغيرة على كتبي، وأنا من فترة نفسي أشتري مكتبة كبيرة وقيمة.. بس المرة دي أنا مش بتكلم في حاجة شخصية.. أنا بتكلم في حاجة كبيرة واحتمال تغير في ديكور البيت. حسيت إني لو فكرت كتير هترسى في الآخر إني مش هشتريها.. قررت أجيبها الأول وبعدين أفكر مكانها فين. نزلت مع نفسي على إيكيا واخترت مكتبة كبيرة وقيمة.
الصدمة الأولى كانت أول ما شفت المكتبة مفككة ومحطوطة في كراتين.. وإني مش هاخدها زي ما هي معروضة. والصدمة التانية إن الخدمة هناك ذاتية، يعني أنا اللي هنزل أجمع قطع المكتبة من المخزن. أما الصدمة الثالثة إني معنديش شبكة على العربية من فوق أنقل عليها المكتبة.. وكانت أكبر من شنطة العربية. من الآخر.. كله بيتقضي.. عامل من هنا ساعدني أجيب الكراتين، على سواق تاكسي تطوع واتبرعلي بحبل وربطلي الكراتين على العربيه، على راجل عجوز قالي امشي بالراحة ودعالي ربنا يستر طريقك.
ولما روحت البيت كملت الليلة، ولقيت البواب مسافر ومفيش حد يشيل معايا الكراتين.. كلمت البواب وقلته أكيد تعرف حد في الشارع ممكن يساعدني. الصراحة في اللحظة دي كلمت نفسي شوية وقلت هو أنا هفضل لحد إمتى من غير راجل؟ مش لو كان معايا راجل دلوقتي كان زمانه طلع المكتبة وخلصنا؟! بس فيه حد رد جوايا وقالي إنتي ليه مش قنوعة؟ إنتي مش جبتي المكتبة اللي كان نفسك فيها والمفروض تكوني فرحانة بيها؟
لما وصلت الكراتين بسلام للبيت.. بصيتلها بلهفة عايزة أشوفها متركبة وجاهزة والكتب مرصوصة فيها كمان، معقول لسه هستنى لما ألاقي نجار وييجي يركبها وأدفع فلوس زيادة! استنيت أخويا الصغير لما جه وقعدت أقرأ لأول مرة في حياتي الكتالوج الخاص بتركيبها.. وفضلنا نجرب بقى ونجيبها يمين ونجيبها شمال. وكنت كل ما أركب جزء وأحس إن معالمها بدأت تبان كنت بحس بنشوة وسعادة غريبة زي ما يكون أنا مش بس بركب المكتبة، أنا كمان بكوّن بازيل الفرحة في قلبي مع كل جزء بيتحط في مكانه الصحيح.
بس برضو تخيلت لو كان اللي بيساعدني ده زوجي مش أخويا أكيد كانت هتبقى حلوة برضو وكان هيبقى فيها مداعبات من نوع آخر.. بس رجع الصوت اللي جوايا يرد عليّ تاني ويقولي إنها كانت تجربة لطيفة مع أخويا وهنفضل نفتكر إننا جرينا المكتبة في أرجاء البيت عشان نثبتها في مكان مناسب، بس من غير ما نحسب المسافات خالص.. كنا بنجرب وخلاص. وإن الضحك والهزار ده هيبقى ذكريات لطيفة، وإن زوجي ممكن أكوّن معاه ذكريات تانية مش لازم المكتبة.
كانت لحظة اكتشاف عظيمة إني بحب أعمل الحاجة بنفسي حتى لو كانت صعبة.. فيها متعة من نوع خاص مش هنحس بيها إلا لو جربنا فعلًا.. وفكرة إنجاز الشيء بنفسك بتديكي ثقة كبيرة وتبعدك عن فكرة الاعتمادية. أنا مش بتمنى الوضع ده يستمر.. بس من هنا لحد ما ينتهي أنا هستمتع بكل لحظة في حياتي، إن شاء الله.