أنا بصراحة جاية في المقال ده أفضفض، مش عشان أناقش قضية معينة زي كل مرة.
تعالو أما أحكيلكم عن بنت عندها 27 سنة، بيقولوا عليها يا حرام اتأخرت في الجواز، وكل ما تكون تعبانة نفسيًا وعندها مشاكل في أي حاجة تانية، سواء في الشغل أو متخانقة مع صاحبتها أو حتى حاسة بوحدة أو شغلاها قضايا المجتمع، فهي من وجهة نظرهم برضو مكتئبة عشان هي مش متجوزة.
طيب.. عامة البنت دي هي فعلاً زعلانة، بس مش عشان هي مش متجوزة، لأ عشان هي مش لاقية فارس أحلامها اللي بتحلم بيه.. حاسة إن صفاته مش موجودة في جيلها، واللي حواليها بيحمّلوها عبء زيادة لما بتكتر محاولتهم في إنهم يجوزوها لأي حد وخلاص. وتبقى النتيجة لما يخلوها تقابل مثلاً واحد مستواه العلمي أقل منها، ولما طبيعي إنها ترفض يبدأ اللوم والعتاب وإنها مش بتدي فرصة للي قدامها وحكمها سطحي. طب قابلي اللي بعده.
اللي ممكن يكون غني جدًا وعايش في طبقة اجتماعية مختلفة خالص وطباعه مش متناسقة مع تربيتها مثلاً، ولما ترفض تاني، تبقى في نظرهم مجنونة، إزاي ترفض واحد عنده فيلا وعربيتين وهيعملّها فرح وهمي عمرها ما كانت تحلم بيه، وهيعيشها باقي العمر مرتاحة؟! تبتدي البنت تخاف وتحس إن المشكلة فيها، وإن طلباتها اللي هي معقولة جدًا وعادية جدًا، مستحيلة جدًا.
فلما ييجي الشخص اللي بعده، اللي هو برضو مش مناسب خالص تبقى خايفه تقول لأ، خايفة من نظراتهم ومن حكمهم عليها، وتفضل تعافر وتحاول إنها تتقبل الشخص ده لحد ما في الآخر بتنهار وتعيط لأنها مش عارفة تاخد القرار اللي هي متأكدة منه، وهو إن الشخص ده طبعًا مش مناسب.
يقوموا ساعتها يشفقوا عليها لما يشوفوها منهارة تمامًا، ويقولوها خلاص متضغطيش على نفسك، ويطلقوا سراحها. طب ما كان من الأول يعني! لازم البنت تنهار؟! المهم عارفين البنت دي حاسة بإيه؟ حاسة إنها بتشوف نفسها في عيون الناس على حسب العريس اللي متقدم، بمعنى إن لو جالها واحد شكله وحش وتخين فهي بتحس إنها كمان وحشة أوي ودميمة عشان كده الناس جابلوها العريس ده.
ولما بيجيلها واحد مستواه أقل منها بكتير سواء ماديًا أو اجتماعيًا أو علميًا، برضو بتحس نفس الإحساس، إنها قليلة عشان كده جابلوها واحد قليل. ولو شخص تافه مثلاً وشكله مش متحمل مسؤولية وبابي ومامي عايزين يفرحوا بيه، بتحس إنها مجرد سلعة وملهاش قيمة بمجرد ما تستهلك. مسكينة البنت دي، مليانة عقد ومكلكعة من جواها خالص، وعلى طول حاسة إنها أقل من اللي حواليها.
أنا اتكلمت مع البنت دي كتير، ومع الفضفضة قدرنا نوصل لشوية حاجات كده، منها إن الناس مش واخده بالها إن البنت اللي اتأخرت في الجواز وسنها كبر دي مش مشكلتها هي، دي مشكلة مجتمع وجيل كامل، ففكرة عقابها وتلقيح كلام يسمّ البدن كل شوية مش هيغيّر حاجة على فكرة، وده أشبه ما يكون بأم بتعاقب ابنها عشان جاله برد. أو أب ابنه وقع في حفرة في الشارع مأخدش باله منها ودراعه اتكسر، فالأب حرم ابنه من النزول.
هو ده منطقي؟ البنت تتعاقب على حاجه ملهاش ذنب فيها؟ مع العلم إن كل ده بتكلم على الحالات السوية فقط، بمعنى إن في بنات عندها عقد من الجواز، وهي السبب فعلاً في مشكلتها، لكن دول مش موضوعنا انهارده. أما بقى بالنسبة للي مفروض يحصل هو اهتمام الأهل بالبنت، وتعزيز ثقتها بنفسها، لو البنت لقت نفسها في وسط أسرة مش عايزة غير سعادتها عمرها ما هتحس بالدونية أو إنها مضطرة تقبل بوضع غير سوي تأدية واجب وتجنبًا للفظ عانس.
البنت اللي كنت بكلمكم عنها نفسيتها تعبت، لأنها عايشة في نفس الغرفة ونفس السرير ونفس الألوان والشكل من 27 سنة. جرّبنا نغيّر الديكور ونغيّر ألوان الغرفة ومكان المكتب والدولاب، لقينا نفسيتها اتغيرت تمامًا. وأنا بصراحة عملت زيها. هو ممكن يكون ده مسكن لحد ما ربنا يكرمنا ونتجوز، بس في العموم هو مسكّن لطيف.
أي بنت بيبقى نفسها تتحول غرفتها من غرفة فرعية في البيت إلى غرفة رئيسية. البنت نفسها تحس إنها بتاخد قرارات في البيت زي هنطبخ إيه انهارده، أو البيت محتاج إيه الفترة اللي جاية. ومع الوقت نوعية القرارات بتختلف وخبراتها بتزيد وتبتدي شخصيتها تتغير، من حد ملوش لازمة وعبء على غيره، لحد ميقدروش يستغنوا عنه لأنها عصب البيت.
لو الأهل أخدوا بالهم من نقطة زي دي وهم بيتعاملوا مع بنتهم الكبيرة، اللي اتأخرت في الزواج عشان أصلاً مفيش راجل مناسب، ده هيفرق جدًا معاها. لما يحسسوها إنها كبرت وإنها ممكن تشارك في تحمّل مسؤولية البيت بدل ما يحسسوها إنها عبء عليهم وعايزين يجوزوها عشان يخلصوا منها، برضو ده هيفرق معاها.
يعني يا جماعة رفقًا بالبنات شوية، هم أصلاً بيعانوا في المجتمع ده جدًا، بس شوية لمسات خفيفة من الأهل واحتضان وحب هتفرق جدًا عشان تكون النفوس سوية. ولما تبدأ حياتها متبدأهاش بكلاكيع وعقد كتير. بس كده.. أنا خلصت فضفضة، يا رب كل البنات تبقى مبسوطة وفرحانه سواء متجوزة أو لأ.