طول سنيني اللي فاتت كنت بخاف من المواجهة.. من التريقة.. من إني أتلعثم في الكلام فالناس تضحك عليَّ. إحساس إن طول الوقت هما باصينلك ومستنيين تتصرف بالشكل المعين بيشل تفكيري، بيفصل بين مخي وعضلاتي، عشان كده بخاف من الخناق، بخاف من عنصر المفاجأة، عندي دايمًا شك إن فيه حاجة معرفهاش هتتقال وتحرجني والناس تتريق عليَّ.
أنا كنت مسجونة في سلسلة الأفكار دي، لحد ما جت ٢٠١٦، السنة اللي داست على وشي حرفيًا، لو فيه صورة في خيالي للإحراج بخاف أوصلها فهي عديتها وعدت مراحل ومراحل بعدها، وبقت القاعدة “أنا موتت موتات أجمد من كده”.. مبقتش أخاف حد يحرجني، لما يبقى وشك كله متغطي بالطين، مش هتخاف لا تيجي عليه حتة مكرونة بالصلصة.
يمكن وأنا في المشاكل في السنتين اللي فاتوا مكنتش قادرة أتحمل الضغط والاختبار، كنت بدبدب في الأرض وبقول يا رب أنا عمري ما تسببت لحد في شيء من الألم قريب حتى من اللي بمر بيه، طول الوقت ببعد نفسي عن كل الهيصة والزمبليطة دي وبتجنب المواجهات والخناقات، ولو فيه صراع على أي حاجة بسيبها، شخصية صلبة من برة بس الحقيقة هشة متستحملش تعيش وسط مجتمع وناس ونفسيات ومصالح، وكان لازم تتفرم وتطلع حاجة تانية.
مفوقتش على الفايدة اللي طلعت بيها من اللي مريت بيه، غير لما لقيتني في أقرب ضغط اتعرضتله في ٢٠١٨ بقوم وباخد حقي وبتخانق، بقيت بعرف أمسك الموقف وأرد وأوقف كل حاجة قبل ما تدوس على وشي تاني، ودي كانت أول مرة أشوف فيها مفهوم الجمال الجانبي، الهدية اللي ربنا بيديهالك لما بتتخطى أزمة قبيحة ومؤلمة، كانت أول مرة أرد لنفسي اعتبارها وأخرج من موقف منتصرة ومرتاحة، مش عارفة أخبي الابتسامة، أنام من غير كوابيس.
السنة دي هي السنة اللي بدأت أحصد فيها تعب السنين اللي فات اللي عمره ما جاب نتيجة، اللي عمره ما جه بفايدة من نفس الاتجاه، السنة دي اتعلمت أتعب وأرمي البحر، وهو يودي تعبي ويجيبه تاني من السكة اللي ربنا عايزها، مش من مطرح ما أنا منشنة بعيني.
اتعلمت إنك مش لازم تكون شاطر في شغلك عشان تاخد نظرة التقدير اللي مستنيها، إنك لازم تتكلم عن شغلك وتبروز نفسك وترسمها، إن دي لوحدها مهارة تغنيك عن إنك تشتغل، مش بنصحك متشتغلش، بس بقولك إن الشغل الحلو اللي بيتكلم عن صاحبه دي حاجة بنشوفها في أفلام ديزني بس.
اتعلمت إن مفيش حاجة اسمها عدالة في الأرض، عادي الفهلوي يتفوق على الشاطر، الحاجات تروح لناس -على حد علمك- متعبوش فيها قدك، الكدب يوصل أسرع من الحقيقة، ده هو ده عين المنطق والعقل، لو كان الصح مفيد ومجزي كان هيبقى الاختبار فين؟! ما كله هيعمل الصح عشان بيكسب أكتر مش عشان هو الصح، طبيعي يبقى الصح في حتة والمكسب في حتة، وإنت عايش طول عمرك بتجمع النقط اللي هتختار فيها الصح على المكسب.
في ٢٠١٨ اتعلمت إن النصيحة أسهل من التصرف بكتير، وإن الناس ساعات كتير قوي بتبقى متسامحة في موقف النصيحة، وتشوف أخدك لحقك على إنه تصرف عنيف أو مش ضروري، عشان الناس من برة بيبقى عندها رحمة وحكمة هما نفسهم مش قدها، هييجوا عليك عشان ده الأسهل مش ده الصح، ونفس اللي قالتلك سيبي حقك وحرام عليكي في موقف تحرش، هتبقى عايزة حد ينصرها ويقويها تسلمه لو كانت مكانك.
اتعلمت مديش قيمة كبيرة قوي كده “لأول مرة” في كل حاجة، وأحمِّلها فوق حجمها؛ أول مرة طبخ مش مقياس نفسك في الأكل، أول مرة حب مش شرط تبقى جوازة العمر، ممكن تبقى درس كان لازم تمري بيه عشان تختاري أحسن، عشان تكتشفي نفسك، عشان تعرفي ذوقك الحقيقي، وبطلت أجلد نفسي على حاجات كتير حوِّشت “أول مرة” فيها لحد مميز، ولما قدمتها متقدرتش، وبقيت ببصلها على أني اتخلصت من أوحش مرة بزيرو خبرة.
آخر حاجة اتعلمتها في ٢٠١٨ إن اللي اتكسر قيمته بتزيد، إخواتنا اليابانيين بيصلحوا الفخار والإزاز المسكور بمياه الدهب، كرمز يعني إنه الكسر ده خبرة، بيعلي قيمتك ويقويك ويجملك، فن ملوكي عندهم اسمه الكنتسوجي، وفعلاً أسعار الأواني المكسرة أغلى من السليمة.
٢٠١٨ كانت السنة اللي سافرت فيها لوحدي لأول مرة في حياتي، اللي وقفت فيها في وش مديرة بتبزني عاطفيًا وبتدمر ثقتي في نفسي، اللي اشتريت فيها دهب واتعالجت وشيلت لجهازي من مرتبي لأول مرة، السنة اللي كانت علاقتي بأكتر من شخص مفيدة له بشكل مباشر في حياته، اللي شوفت فيها ولا عشر دعوات ليَّ دعيتهم في ٢٠١٧ بيتحققوا، مكانتش سنة سهلة وكان كل يوم مشكلة شكل، بس إيه يعني، ما أنا موت موتات أجمد من كده بكتير.