سنة توشك أن ترحل من عمر الكون ومن أعمارنا وسنة جديدة تقبل علينا تتجدد فيها آمالنا في حياة أفضل، ولكن هذا الأفضل لا يمكن أن تتحقق ونحن نمضي في الحياة متعجلين بلا تفكير. لذا، كانت لي تلك الوقفة مع نفسي أوجّه لها فيها تلك النصائح.
1- “هدى”.. توقفي عن السعي إلى الكمال. فهذا هو سبب الكثير من مشكلاتك، وإحساسك الدائم بالتوتر. تقبلي أن الخطط قد -أو غالبًا- تتغير، وأن منزلاً به طفل لا يمكن أن يصبح مُرتبًا طوال الوقت، وأنكِ ستخطئين وتُقصّرين.
2- اذهبي إلى الفراش قبل أن تنتهي طاقتك تمامًا، فأنتِ تعلمين سواد الأفكار التي تُحلّق فوق رأسكِ عندما تنامين وأنتِ منهكة جسديًا، وتظل مؤثرة فيكِ في الصباح التالي. اذهبي إلى الفراش مبكرًا قليلاً، ليكون لديكِ بعض الوقت للقراءة أو اللعب مع “شمس” أو الحديث مع زوجك قبل النوم. لقد جربتِ كيف يجعلك ذلك أكثر تفاؤلاً ونشاطًا.
3- اتبعي شغفك بالنباتات والأزهار يا “هدى”. ألا ترين فرحتك عند شراء نباتات جديدة وذهابك في الروحة والجيئة تنظرين إليها؟ ألا ترين فرحتك عندما يموت نبات ثم يحيا من جديد؟ ألا ترين كيف تحبين تأمّل أشكال الزهور والنبات ولمس أوراقها؟ اتبعي شغفك بها، ولكن أرجوكِ لا تحوليه إلى عبء ثقيل كما تفعلين في أشياء أخرى كثيرة. فقط استمتعي بالجمال، وعندما تواجهك مشكلة أو يعن لكِ سؤال ابحثي على الإنترنت أو اسألي أهل الخبرة. لا تقولي سأبحث عن مساقات تعليمية إلكترونية عن الزراعة، أو سأخصص وقتًا يوميًا للقراءة عن النباتات. أرجوكِ لا تفعلي ذلك ولا تضيفي إلى أعبائك المزيد.
4- ربّي حيوانات وطيورًا، لا من أجل “شمس” فقط، ولكن من أجلك أيضًا. أنتِ تحبين تربية الطيور. تخافين أن تثقل العناية بها كاهلك بمزيد من المسؤوليات؟ يمكنك الانتظار حتى تكبر “شمس” قليلاً فتساعدك في ذلك، ولا تكوني خائفة عليها من إيذاء نفسها أو الحيوانات، ثم لتخوضي التجربة. لا تدعي آراء الآخرين وخبراتهم تخيفك من التجربة.
5- تمهّلي يا “هدى”.. لا بأس بتأجيل بعض الأحلام لأن لديك أولويات أخرى الآن. لا تضيّعي عمرك في القلق على أحلامك المؤجلة، والحزن على الوقت الذي يمضي دون أن تتقدمي نحوها أو تبذلي من أجلها الجهد الذي يرضيكِ. لقد جرّبتِ يا “هدى” تأجيل بعض أحلامك في مراحل ماضية من حياتك، وتعلمين أنه أمكنك الاستفادة من هذه الأوقات عن طريق القيام بأمور أخرى -في صميم اهتماماتك أيضًا- أكثر ملاءمة لظروفك، وتعلمين كيف أضافت تلك الخبرات إلى شخصيتك.
6- أعطي نفسك فرصة لتكوني على طبيعتك مع “شمس”، نعم.. ارتجلي الألعاب، والعبي معها الألعاب التي تحبها، لا تتقيدي بمناهج أو أنشطة وتلزمي نفسك باتّباعها بحذافيرها، ولا تشعري بالتقصير عندما لا تفعلين ذلك. أشعر أنكِ ستكونين أسعد كثيرًا إن سمحتِ لنفسك بالإبداع وأخذتِ الأمور ببساطة أكثر. المهم أن تشعري أنتِ وهي بالسعادة وتستمتعا بوقتكما.
7- توقفي عن المقارنة بين حياتك قبل الأمومة وبعدها. أعلم أن ذلك صعب جدًا أحيانًا، خصوصًا عندما تكونين بحاجة إلى وقت لنفسك. ولا أستطيع أخبرك كيف تتوقفين عن التفكير بهذه الطريقة، ولكن الخطوة الأولى هي أن تعيها عندما تتسلل إلى رأسك.
8- مرة أخرى يا “هدى”، توقفي عن السعي إلى الكمال؛ في الحياة يا “هدى” لا يمكننا أن نحصل على كل شيء. لا يمكننا أن نحصل على الوقت والمال والراحة، لا يمكنك أن تقومي بكل شيء بنفسك وعلى أكمل وجه: العناية بـ”شمس”، القيام بعملك، ممارسة هواياتك واهتماماتك، التنزه، أعمال المنزل… إلخ. لا بد من التنازل عن بعض الأشياء من أجل أخرى أهم، وتحديد هذا الأهم يرجع لكِ أنتِ، ففكري جيدًا ورتّبي أولوياتك وحددي ما يمكن أن تضحي به.
9- التربية بحاجة إلى صبر يا “هدى”. ألاحظ أنك أحيانًا تعلمين التصرف الصحيح مع “شمس” في موقف ما، ولكنك لا تقومين به لأنكِ متعبة بدنيًا أو نفسيًا أو متعجلة وراغبة في الإنجاز. لذلك أريد منكِ يا “هدى” أن تحاولي أن تهدئي وقتها وترتبي أولوياتك: هل الإنجاز أو الوصول في موعدك مثلاً أهم، أم التأثير في شخصية ابنتك على المدى البعيد؟ أريد منكِ أيضًا أن تسألي نفسكِ: هل العصبية ستحقق الهدف الذي تريدينه؟ وهل ستخفف تعبك أم ستجعلك أكثر توترًا؟
10- حاولي الخروج من الدائرة المفرغة لجلد الذات: تخطئين، فتتضايقين، وتلومين نفسك وتلومينها وترددين عن نفسك الكلام السيئ، فتزدادين عصبية وتوترًا، وتتمادين في الأخطاء، فتلومين نفسك وتلومينها… وهكذا. حاولي أن تفكري بشكل عملي: لماذا وقعت في الخطأ؟ وكيف أطور من نفسي؟ أيضًا لا تفكري وأنتِ مجهدة يا “هدى” ولا تأخذي ما تقولينه لنفسك وقتها ككلام مُسلّم به. وتذكري أنكِ تحسّنتِ في هذا الصدد كثيرًا، فبإمكانك المزيد إذن.
11- التمسي الأعذار للآخرين، وقيّمي الموقف في ضوء العلاقة ككل لا في ضوء موقف واحد. تعلمين يا “هدى” عندما تصبحين أكثر رفقًا بنفسك ستكونين أكثر رفقًا بالآخرين أيضًا.
12- درّبي نفسك على تأجيل رغباتك وإشباع احتياجاتك. فأحيانًا لا تسمح الظروف بتحقيق رغباتنا على الفور أو بتحقيقها من الأساس. وتمسكك بإشباع احتياجاتك بطريقة معينة دون غيرها سيجعلك أكثر عصبية وسيضيع عليكِ الكثير من الأشياء الجميلة التي يمكن الاستمتاع بها.
13- لا تنسي أن تأخذي راحة، في خضم حماسك لا تضغطي على نفسك. لقد لاحظت أنكِ تبالغين في الاجتهاد لفترة، ثم في الفترة التالية تشعرين بالملل والكسل وعدم الرغبة في أي شيء. قاومي رغبتك في الإنجاز، واحرصي على التوازن في حياتك طوال الوقت أو معظمه قدر الإمكان.
14- كوني أكثر مرونة، ولا تحوّلي القواعد التي تضعينها لنفسك لتكون حياتك أكثر نظامًا وراحة إلى آلهة. فالنظام الذي نضعه لحياتنا ليس غاية ولكنه وسيلة. إذن يمكنك تغيير هذا النظام أو تعديله إن رأيتِ أنه لا يريحك. فعندما يأتي الأمر مثلاً إلى إعادة ألعاب “شمس” إلى أماكنها في نهاية اليوم وأنتِ متعبة، فمن الأفضل في رأيي أن تبدّي راحتك، ولتُجمَع الألعاب في الصباح. هل سيحدث شيء إن فعلتِ ذلك؟ لن تتعلم “شمس” النظام؟ ألن تتعلمه إلا إذا رتبتِ الغرفة قبل النوم؟ “هدى”.. أنتِ من قررتِ هذا التوقيت من البداية، ويمكنك تغييره إن رأيتِ أنه غير مناسب.
15- اطلبي المساعدة عندما تحتاجين إليها، اطلبي ما تريدينه بالتحديد. تحدثي، ولا تنتظري أن يقرأ الآخرون أفكارك.
ودائمًا وأبدًا الكلام أسهل من التنفيذ. فلكي أكون صادقة معكم، كتبت لنفسي هذه النصائح وأنا أشعر بالحيرة وبالشك في قدرتي على تنفيذ بعضها، ليس لأنها غير واقعية، فهذه النصائح نابعة من داخلي ومن واقع تجربتي مع نفسي، ولكن لصعوبة التغيير، خصوصًا أنني كتبت هذه الكلمات في غير الأوقات التي أشعر فيها بالتوتر والإنهاك. أملي أنني وضعت يدي على بعض المشكلات التي تتسبب في السلوكيات التي لا أرضاها من نفسي، وأنني بتكرار تلك الكلمات لنفسي أوقات هدوئي سأستطيع يومًا ما أن أرددها لنفسي وقت حاجتي إليها فعلاً.