١٥ إنجازًا يوميًا لا يحصيها أحد

299

لماذا أكره اليوم الذي لا أقوم فيه بمعجزةٍ؟

لماذا يجب أن أكون نبيَّةً لن يحدث أن أكونها.. كي أفتخر بنفسي؟

أحاول أن أنظر نحو معجزاتي الخاصة التي لا ينظر إليها أحدٌ، كي لا أقوم ذات يوم من النوم وأقول أنا بلا هدف أو فائدة.. أنا أفعل أشياء كثيرة، تجعل مني “أنا” المميزة.. هاكم إنجازاتي الجميلة:

1- أقوم من النوم كل يوم

لا تقلل من شأن ذلك من فضلك. فالاستيقاظ يوميًا قد يعني للبعض معركة يومية. أن أستيقظ، أن أفيقَ من هواجس الصحو والنوم، أن أترك الخوف من الآتي أيًا كان، أن يتسع صدري للمجهول المخيف وأنفض الغطاء الذي يحميني بشكلٍ مؤقتٍ منه.. هذا هو إنجازي الأول.

2- أوقِظ ابنتي ذات الأعوام الخمسة بقدرٍ من اللين قدر ما أستطيع. أقبِّلُها.. أحاول ألا أشغل عقلها الصغير بأفكاري الكثيرة وتخوفاتي وأحلامي. أصنع شطائرها وأضعها في الصندوق الوردي الذي أضعه بدوره في حقيبتها المزينة بـ”دورا” وأوصلها لمشرفة حافلة المدرسة التي تحبها. أقول لها “باي” بابتسامةٍ متسعةٍ وأنا أشجعها على استثمار لحظاتها خلال اليوم. وبعد عدة ساعاتٍ أرتدي ملابسي وأنزل لأستقبلها من جديد من الحافلة. أسألها عن يومها بابتسامةٍ أخفي معها إرهاقي.

3- أمرُّ ببائع الخضر والفاكهة واللبَّان والمخبز وأعود محمَّلة بالخير للبيت. أحمل على كل إصبع حقيبة بلاستيكية تمتلئ بشيءٍ مختلف عن أختها على الإصبع المجاور. أعود أرتبُ الأشياء في أدراجها وأبدأ تنفيذ المهمة التالية.

4- كل يومٍ يُحَضِّر الشيطان قبيلته الشريرة وأفكاره التدميرية الكثيرة، وكل يومٍ أحاربه وأحاربها. يهاجمونني، يحاولون إقناعي بالنوم مع كل مشكلةٍ صغيرة، يحاولون قتل الأمل في قلبي. أنجح أحيانًا و.. بالطبع لا أفعل في الأحيان الأخرى، لكنني في كل الأحوال لا أكفُّ عن الحرب.

5- أفكر كل يومٍ في طعامٍ جديدٍ يفتح شهيتي المغلقة تمامًا. أصنع مع المكرونة أو الأرز أي نوع من الخضار يكمل لهم وجبتهم المفيدة. أريد لأسرتي أن تصحَّ وتسعد. أفكِّر كثيرًا في هذا البند اليومي. ليس سهلاً بالمناسبة إن لم تكن قد جرّبت التفكير في ثلاثين فكرة جديدة للطعام كل يوم طوال الشهر.

6- أُصَلِّي. نعم، أحاول أن أصلي وأنا أقف على قدميَّ. أحاول أن أقتنع قدر ما أستطيع أنني أكتسب بصلاتي تزكيةً ونورًا يدفعاني لتكملة يومي وأيام أخرى كثيرة. أريد أن أصلي تلك الصلاة التي يقول عنها النبيُّ إنها قرة عينيه.. أريد قرةً لعيني. أصلّي لنور السماوات والأرض لأنني نقطة نور بهتت وترغب في شحن نفسها بطاقةٍ جديدةٍ كل ساعة.

7- أقوم بترجمة ١٠٠ كلمة. ربما في بعض الأيام لا أستطيع القيام بذلك. ربما يأكل الفيسبوك بلعنته يومي الطويل. لكنني في كثيرٍ من الأحيان أقوم بمعجزتي اليومية دون كلل.

8- تنتابني حالةٌ من الفوضى حين أتجاهل حُجرتي وفراشها غير المرتبيْن كل صباح. ولذا أرتِّبُ الملاءةَ وأشدُّ أطرافها كل يومٍ على أمل بداية حلوةٍ لليوم الجديد.

9- لديَّ “سيمبا” القط الرماديُّ الصغير الذي فتحنا له قلبنا وبيتنا مؤخرًا، فصار ابنًا ثالثًا أرعاه كل يوم. أضع له الطعام والماء.. أربت على رأسه، ألمس شعره الناعم فيسترخي ويترك عينيه تنعسان. وحين أمسك اللاب توب لألهو على الإنترنت أو أبدأ العمل، يقترب في حذرٍ ومواؤه الضئيل يقترب معه مستئذنًا في الجلوس فوق اللاب توب، وكأنه يقول أنا أهم. أحتضنه وأربتُ عليه وأحبه.

10- أسناني التي تتعبني كل فترةٍ علمتني أن أحمل مسؤولية صفَّي اللؤلؤ فيّ وفيهما. نقف معًا ونفرِّشُ أسناننا. كثيرًا ما أفعل معهما كي لا يلحظا كسلي وزهدي في الأمر. كثيرًا ما تحميني عيناهما من الإهمال في نفسي.

11- أنا لا أحب الطعام. قاعدة عامة سيئة، أعرف. لكنني بالفعل لا أحبه، لا أفهم حتى حكمة الله في وجود الأكل على الأرض. لا أستوعب متعته. فقط هي الفاكهة ما تبقيني على الأرض. أُبقيني قادرةً على الحياة بقضم قطع الفاكهة طوال اليوم. إنجازي أنني آكل كل يوم.

12- لديَّ إيمانٌ كبيرٌ أن الإنسان يعيش لينظف نفسه من أتربة الروح. “قد أفلح من زكاها”. وإذن، أحاول كل يومٍ، كل موقفٍ، أن أتخلص من أتربتي. أنا مليئةٌ بالأتربة السميكة الملتصقة بي في الحقيقة. أحاول أن أمنح الآخرين عذرًا، اثنين، ثلاثة… هل قال الرسول سبعين عذرًا بالفعل؟ الطريق لا يزال طويلاً لأتزكى، لكنني أحاول على كلٍ.

13- أقرأ. هل يستطيع الإنسان أن ينمو دون أن يقرأ؟ لستُ واثقة. ولذا أحزن كثيرًا على أي يومٍ يمرُّ دون أن أقرأ فيه حرفًا. أريد أن أكبر. أن أسافر. أن أمارس الكثير من الأشياء.. ولذا فقط أقرأ كل يوم ولو صفحة أو صفحتين.

14- أطفالي مرضى. تلك الحالة التي يتوجب عليَّ حينها أن أوجد طوال ستين دقيقةٍ في الساعة. أجدول الأدوية، أناولهم إياها بالمرح تارة وبالحزم تارةً أخرى، اللبوس وما أدراك ما اللبوس! الكمادات وقياس درجة الحرارة كل ساعتين، تغطيتهم كلما أزاحوا الغطاء… أقوم بتلك المهام يوميًا إلى أن يرحل المرض المرهِق لي ولهم. أنا نفسي أضجُّ بتلك المهمة وأشعر بالتعب. تأكل يومي بأكمله ولا تدعني أنام هنيئًا في الليل. أليس إنجازًا؟

15- في البداية كانت ابنتي الكبرى فقط هي من تطلب الحدوتة عند النوم. الآن لحِقَ بها الصغير وأصبح يبدأ التأكيد بطلب الأكثر أهميةٍ كل ليلة. وأنا كل يومٍ تسخن دماغي لأؤلف قصة أو أتذكر واحدةً من القدامى، أو أبحث مع صديقي جوجل عن قصة نبيٍ مثيرة. حسنًا، ينبغي أن أذكر أنني لا أنجح طوال الوقت في ذلك. كثيرًا ما أشعر بالضعف أمام اكتئابي ورغبتي في الصمت. أتحجج بتعبي/ صداع/ الوقت المتأخر/ الخطأ الذي قاما به.. كي لا أقوم بمجهود الحكاية. لكنني بالفعل أرغب في منحهما هدية كل يوم قبل أن يناما. يومًا ما سأفعلها كل يوم بلا تراجع.

لا يعني ذلك أن إنجازاتي تنحصر في تلك.. لكنني أكتبها لعلي أتذكر أنني بالفعل أقوم بأشياء كثيرة جيدة كل يوم.. كي أقرأها حين تمر بي عاصفة كئيبة.

وأنتم أيضًا، اكتبوا كل ما تفعلونه كي يحميكم من الحزن حين يحاصركم. إنكم ذوي فائدة وإنكم تفعلون كل ما تستطيعون.. وإنكم تستحقون الحياة الحلوة. تستحقون أن تعيشوا في سلام وسعادة.

المقالة السابقةخمستاشر صفة مميزة لزوجتك الصحفية
المقالة القادمة15 درسًا في التربية تعلمتها مع ابنتي

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا