أنا هكتب هنا جواب لـ”نون”، لو سمحتم محدش يقراه عشان ده حاجة خصوصي، أو ممكن تقروه عشان أنا بحبكم وبحب “نون” ومش أوقات كتير بعرف أعبّر عن حبي، فهنبسط أوي لو كان فيه شهود على لحظة مختلفة بعبر فيها عن حبي لشيء ما، ولو إن “نون” بالنسبة لي مش شيء ما.
حبيبتي “نون”
إنتي يا بت، عاملة إيه، الشوق الشوق، الحب الحب.
من سنتين اتعرفت عليكي، وابتديت أحقق حلم قديم بالكتابة في مكان الناس بتقراه وبيستنوا مقالاته، خليتيني أعيش لحظات حلوة في الكتابة، لما كنت بكتب عن حدث فات وانتهى من حياتي بس لسه آثاره باقية، ولا لما كنت بدعم حد تاني يمكن يلاقي في كلامي تعزية من نوع ما.
“نون”.. إنتي كل مرة بتفاجئيني بكم الحب اللي جوايا ليكي، كل مرة فتيات “نون” الخارقات بينظموا إيفنت بنتجمع فيه وننبسط كنت بتفاجئ بفيض المشاعر اللي بيصيبني ويخليني أجسدك في خيالي كشخص من لحم ودم يستحق كل الحب والدعم.
“نون”.. عايزة أكلمك عن آخر إيفنت عملتيه عشاني، وعشاني دي مقصودة، ما هو كل ست في اليوم كانت حاسة إن الإيفنت ده عشانها هي، وإنتي كنتي قاصدة تعملي ده بمنتهى الحرفنة والبراءة.
فتيات “نون” الخارقات، ساندرا وفيفي وآية ودينا ومي، قرروا إنهم يحولوا 100 بنت وست لفراشات ملونة لمدة يوم واحد، اتفقوا معاكي يا “نون” في إنهم يعملوا إيفنت يجمعوا فيه الستات ويخلوهم يلعبوا ويرقصوا وياكلوا ويعيطوا ويضحكوا، استعانوا بقوى خارجية، فتيات خارقات تانيين مصدقين اللي بيعملوه، كانوا لابسين تيشيرتات بيضا ومكانوش أكيد متخيلين إن الأبيض لايق أوي عليهم، بنات كلهم شغف، هي دي الكلمة، الشغف، بنات “لايف آب فاكتوري” كان عندهم شغف بالإيفنت، فمتخيلة يا “نون” لما الحب يجتمع مع الشغف في يوم واحد ممكن يحصل إيه؟
ده إحنا دغدغنا الدغاديغ.
هحكيلك عني أنا شخصيًا في اليوم ده، كنت عارفة ومتأكدة إني هستمتع، أصلي هقضي يوم برة حدود حياتي مع أكتر ناس بيحسسوني إني مش كائن فضائي، وكمان اليوم هيكون كله ستات جاية تنبسط، وكمان كنت بساعد في التنظيم، طب محتاجة إيه أكتر من كده عشان أنفجر من الانبساط؟
قابلت ستات كتير، ستات عارفين قيمة حياتهم وبيحاولوا طول الوقت يستمتعوا أقصى استمتاع ممكن للوقت المحدود اللي موجودين فيه ع الأرض، وستات تانيين زعلانين أوي وجايين يجربوا إحساس الانطلاق ده بيبقى عامل إزاي، وبنات بيجربوا وعندهم شغف بالحياة.
مكنتش متخيلة إن فيه ناس هتيجي من محافظات تانية عشان تحضر الإيفنت، شلة ستات جايين من إسكندرية وكلهم حماس، ست جاية من دمياط وكلها حيوية، ودول اللي كانوا في مجموعتي بس، يا ترى في باقي الست مجموعات كان فيه كام واحدة النداهة ندتها من مكان بعيد عشان تيجي تنبسط؟
عارفة يا “نون”! فيه لحظات البني آدم بيعيشها وهو عارف إنها هتبقى جزء عزيز من ذكرياته، اللحظات دي بتبقى مادة خام للشجن، شجن حلو، شجن بيثبتلك إنك عشت حياتك ومضيعتهاش، شجن بيخليك على أد ما إنت زعلان إنها ذكريات وخلصت إلا إنك مبسوط إنك اتحطيت في التجربة دي وخضتها وعملت منها ذكريات مش موجودة عند باقي الناس.
امبارح يا “نون” كان لحظة من اللحظات دي، الوقت اللي الفريق كله مسك إيدين بعضه عشان يلعب، أنا متأكدة إن وسط الفريق كان فيه ناس مبيحبوش التواصل الجسدي، وفيه ناس مجربوش يشتغلوا في فريق قبل كده، وفيه ناس بقالهم زمن ملعبوش، بس في اللحظة دي دابت كل الأحساسيس السلبية وكل الناس مسكت إيدين بعضها واتنططوا ولعبوا وضحكوا، وبجد انبسطوا.
لما دخلنا استوديو الرقص، كنت حاسة إن كل البنات والستات لقوا الملاذ الآمن، رغم إن مش كلهم رقصوا، وفيه ناس وقفوا يتفرجوا، وأنا واحدة منهم، بس إحساس البهجة اللي كان بيشعّ من الستات اللي بيتحركوا ورا المدربة بحركات تبدو بدائية لكن كلها حماس وحيوية كان محرّض على البهجة جدًا، حماس البنات اللي خلاهم يتخلصوا من قطع الملابس التقيلة ويتحرروا من كتمة الغبار على قلوبهم ويتنططوا، ده كان حاجة كبيرة أوي يا “نون”، أوي.
مش هكلمك بقى عن قعدة الحكي اللي قعدناها بعد ما سمعنا محاضرة صغيرة عن مشاعرنا اللي بتحركنا ناحية تصرفات حياتنا كلها، الدواير اللي اتعملت تلقائيًا والستات اللي قعدوا يحكوا لبعض فيها حاجات مفيش واحدة تعرفها عن التانية، لحظات رفيق القطار اللي ممكن تقوله كل شيء وإنت متأكد إنه مش هيستخدمه ضدك لأنك ببساطة مش هتشوفه تاني، اللحظات دي مكانش ليها تمن، دموع كل بنت نزلت من كتر صدق الشكوى أو الكلام، دموع التحرر من قيد الذكريات، كل دي دموع نزلت من عينيهم صبّت في مجرى نهر الزمن اللي هيفضل ماشي بيجرف كل شيء قصاده وإحنا بس بنشارك فيه بكام نقطة من وقت للتاني.
أما بقى الأكل يا “نون”، واللي اللمة فعلاً مبتحلاش من غيره، فأنا عايزة أطمنك إن كل البنات انبسطوا بيه، والكلام اللي كان بيدور حوالين دواير الأكل ومعالق السلطة كان أحلى كلام ممكن يتقال.
“نون”.. أنا بحبك، بس مش غيرانة من كل الحب اللي استقبلتيه امبارح من 100 بنت وست حسوا إنك جزء مهم أوي من حياتهم وذكرياتهم، بعد ما عيشتيهم يوم مكانوش مستنيينه.
“نون”.. إنتي ناجحة أوي في إنك تخلقي للناس براح، وذكية كفاية إنك تخلي البراح ده مختلف، إنتي مش بتديهم براح للحياة وبس، ده إنتي بتديهم براح للرقص والطيران.
“نون”.. أنا مضطرة أنهي الجواب هنا، عشان هخرج أسقي زرعة القرنفل اللي اديتهالي امبارح هدية، آه ما هو كل بنت وست حضروا اليوم ده روّحوا بأرق حاجة ممكن حد يهديها لحد، زرعة محتاجة براح وشمس وهوا، محتاجة انتباه لمواقيت سقيها.
“نون”.. سلامٌ عليكِ.
تصوير: رقية نشأت