بقلم/ أميرة هيبة
ناس كتير من هواياتها تصنيف الناس، طول الوقت شاغلين نفسهم بتصرفات الناس اللي حواليهم ومفيش مرة بيبصوا لنفسهم، وهمّ فيهم صفات محدش يقدر يحتملها.. يشوفوا واحدة بتلبس ضيق شوية يقولوا “دي قليلة الأدب”، يشوفوا واحدة بتلبس واسع يقولوا “دي مدهولة قوي”، يشوفوا واحدة قلعت الحجاب فيقولوا “دي أكيد اتجننت”، يشوفوا واحدة لسة لابسة الحجاب جديد يقولوا “يا حرام! لسة صغيرة، تعمل في نفسها كده ليه من دلوقتي؟!”.
على رأي المثل “ناس ميعجبهاش العجب ولا الصيام في رجب”.. عمر الناس ما بيعجبها حاجة، واللي بيحاول يرضي الناس في الآخر هو اللي بيتجنن، وبرضو مبيرضوش عنه.. ومن الأمثلة المشهورة على النقطة دي قصة “جحا وحماره”.
طيب.. تفتكروا إحنا إزاي بنحكم على الناس! فيه بعض الناس تلاقيها بتحكم عليكي من زاويتهم ووجهة نظرهم الخاصة، اللي في أغلب الأحيان بتكون ضيقة جدًا، مع إنك عشان تقدري تحكمي على شخص أو موضوع معين لازم تكوّني رؤية كاملة عن كل جوانب وتفاصيل شخصية الإنسان أو الموقف اللي قدامك.. بمعنى إنك تتوافر عندك مجموعة من المعلومات والملاحظات على مدى طويل من الوقت، تقدري من خلالها تكوّني رؤيتك.
وعشان تقدري تكوّني رؤية صحيحة لازم تكوني قدرتي تجمعي ما بين العناصر السابق ذكرها دي، وده طبعًا صعب جدًا إنك توصليله في وقت قصير، وبالتالي خليكي عارفة إنك عمرك ما هتقدري تحكمي على أي شخص وتكوني مُنصفة، لأن أي حكم بتصدريه بيكون من زواية واحدة أو زاويتين بالكتير، وبكده مبيبقاش صادر عن رؤية كاملة، وممكن كمان تتدخل فيه انطباعاتك الأولى عن شخص ما أو أهوائك الشخصية، وده بيخلي الحكم غلط.
لما تبدئي تحسي إنك وقعتي في شَرَك التصنيف والحكم على الناس، وتلاقي نفسك بدأتي تقارني بين التصرفات اللي المفروض تحصل في موقف معين، والتصرفات اللي إنتي شايفاها قدامك.. مهم جدًا إنك تتجردي من كل المشاعر والانطباعات الأولانية اللي كوّنتيها من قبل كده من خلال تجربتك الإنسانية عن أشخاص تانيين، واللي بتكون سبب أساسي في إنك تعقدي مقارنات بينهم وتحكمي على الموقف من خلالهم، وحاولي متتسرعيش في إصدار أي أحكام على الناس اللي حواليكي.
كل إنسان نموذج لنفسه، فمينفعش بقى عشان النموذج ده مش زيي أو بيخالفني في الرأي أو عمل تصرف مشابه لفلان اللي أنا عارفاه من زمان وفيه صفات سيئة كتير، يبقى أحكم عليه من خلاله، ساعتها أكيد الحكم ده هيكون ظالم.
إدّي لنفسك فرصة تتعرفي على الناس وتلاحظي تصرفاتهم، وبلاش تسجني نفسك في التابوهات والأحكام المُسبقة، خليكي عارفة إن مفيش معايير معينة للحكم على الناس، ومفيش قاعدة بعينها تقدري تحسمي الموضوع من خلالها، أو تخليكي تقدري تحكمي حكم مطلق على تصرف معين صادر من شخص ما قدامك، وإنتي مش عارفة أبعاد الموضوع وتفاصيله.
أحكيلكم حدوتة.. مرة زمان أيام ما كنت في تانية ثانوي، قعدت في ديسك مع بنت تانية مكانتش صاحبتي، وكنت زعلانة قوي إن حظي جه في فصل مفيهوش ولا واحدة من صحابي، فكنت طول الوقت نايمة على الديسك ومش بكلم حد.. البنت اللي كانت قاعدة جنبي دي حست إني رخمة جدًا وإني بعمل كده عشان أتجنب إني أكلمها، وافتكرت إني بتّنِك عليها، فقررت إنها تتصاحب على البنات اللي في الديسك اللي قدامنا واللي ورانا ومبقتش تحاول تكلمني خالص، وأنا بعدها بيوم طلبت من الوكيلة إني أتنقل للفصل اللي فيه صحابي، واتنقلت فعلًا، وانبسطت جدًا. الموضوع بالنسبالي خلص عند النقطة دي، لكن بالنسبالها الموضوع كبر جدًا.. البنت دي مبقتش طايقاني خالص، لدرجة إنها لو عرفت إني ماشية في شارع كانت تغيّر طريقها وتمشي من شارع تاني.
جينا السنة اللي بعدها وحظنا خلانا نبقى في نفس الفصل مع بعض برضو، بس أنا ساعتها كان معايا صحابي، وحاولت أضمها لينا عشان كنت حاسة إنها بنت طيبة جدًا، وخلال شهور البنت دي بقت من أقرب صحابي، وساعتها قعدت تحكيلي عن انطباعاتها الأولانية عني، وقعدنا نضحك كتير قوي، ولحد دلوقتي كل ما نفتكر الموضوع ده نقعد نضحك، البنت دي صديقة من أصدقاء عمري من 11 سنة.