…………إنجي إبراهيم………….
من غير تاريخ
…………………………………….
مفيش حاجة بتحصل وتتنسي، ومفيش حاجة بنعملها وينفع نعملها undo، مينفعش نستأصل الخبرات ولا نمسح اللي بيحصل من ريكورد حياتنا، التاريخ بيتوثق في الكتب، وتاريخنا الشخصي بيتوثق في ملفات الذاكرة ومبينفعش بعد كده نتجاهله أو نبتدي من جديد.
فيلم Eternal sun shine of spotless mind جيم كاري مسح من ذاكرته بعملية معقدة حكايته مع كيت ونسلت عشان مكانش عايز يفتكرها، الفيلم بيمشي شوية وبعدين بيقع في حب نفس البنت تاني رغم إنه تخلص من ذكرياتها كلها.
إحنا كمان، حياتنا بيحصل فيها حاجات مبينفعش بعدها نمسحها، وبتفضل تأثر على قراراتنا طول الوقت من غير ما ناخد بالنا.
أعرف بنت دخلت تجربة صعبة، وبعدها تعافت وعاشت كويس، وبعدين دخلت تجربة تانية لكن فيه لحظات بتحكيلي إنها بتكتشف إن تجربتها السابقة كان لها اليد العليا في أحداث كتير، زي إنها فجأة تبقى غضبانة أو خايفة أو مثقلة، إحساس مش نابع من أحداث في التجربة الجديدة، لكن دي رواسب خبراتها السابقة، غصب عنها بتتصرف على أساس إنها لسه في التجربة القديمة ولازم تقاوم وتصلح غلطاتها.
الإحساس ده مش غلط، لأنه ببساطة مش اختيارها، الغلط إنها تفضل تعمل كده حتى بعد ما تكتشف الإحساس ده جاي منين ومصدره إيه، بتحكيلي إنها لما بتفوق وتكتشف إنها بتتصرف في العلاقة الجديدة بمعطيات العلاقة القديمة بتعرف تظبط الدفة وتبتدي تفكر بوضوح.
علماء النفس بيقولوا إن جوة عقل كل واحد فينا فيه غرف مظلمة ومقفولة كويس، الغرف دي بيكون جواها خبراتنا السيئة، أسرارنا المشينة، سقطاتنا الإنسانية اللي مينفعش حد يعرفها عشان نفضل نحترم نفسنا، بس مفيش غرفة في الدنيا صعب إنك تدخلها، وكمان عندنا عقل باطن معاه كل المفاتيح ويقدر يفتح الأبواب دي في أي وقت ويسرّبلنا منها شوية عفاريت تعكرّلنا صفو حياتنا أحيانًا.
اللي يخاف من العفريت بيطلعله، واللي بيقعد يقنع نفسه إن كله تمام وإن مفيش حاجة يتخاف منها شخص بيضحك على نفسه قبل ما يكون بيضحك ع الناس.
الحل إنك لما تطلعلك العفاريت تستضيفها في أوضة منورة، اقعد اشرب مع عفاريتك شاي، نوّر أعلى نور وبص لعفاريتك كويس، احفظ شكلها وشوف ملامحها، افضحها، عشان لما تطلعلك تاني تبصلها وتقولها “هأو إنتي لحم كتافك من خيري؛ مش هخاف”، اقعد واتكلم معاها وشوف هي بتخوفك ليه.
بعد شوية عفاريتك هتفقد القدرة على إنها تخوّفك، هتفضل موجودة بس هيبقى فيه بينكم معاهدة سلام، هتطلعلك توريك نفسها، تفكرك بوجودها وتاخد بعضها وتمشي.
حياتنا كلها عفاريت، ذكريات وناس وروايح وأماكن، كلمات وأغاني وخناقات، حاجات بنتكسف من نفسنا إننا عملناها في يوم من الأيام، مش صح إنك تقعد تتمنى إن الزمن يرجع ومتعملش غلطاتك، الصح إنك تقبل إنك عملتها وتبتدي تفكر طب ممكن إيه اللي يهوّن عليّ وجودها في الذاكرة.
عفاريتك مش شيء وحش، بالعكس على فكرة، عفاريتك دي هي السجل الوحيد اللي بيثبت إنك عشت حياتك، الناس اللي حياتها مفيهاش عفاريت هما أكيد ناس فاتهم كتير، الطبيعي إننا في الحياة عشان نعيش، ومن امتى الحياة كانت جنة أو إن العيشة كانت حاجة سهلة؟!
اقبل طبيعة الأشياء، اتعامل معاها، شوف عفاريتك بتحب تشرب إيه واعزمها عليه واكسر عينها بجمايلك.
المقال ده مش عشان أنظّر عليك، المقال ده عشان أفكرك وأفكر نفسي إن عفاريتنا مش غلطات، عفاريتنا مجرد أحداث حصلت وانتهت ولازم نكبر ونتعامل مع حقيقة إنها مينفعش تتلغي من حياتنا.
وإنت عفاريتك عاملة إيه دلوقتي؟
Eternal sun shine of spotless mind، التخلص من آثار التجارب السيئة، الذكريات المؤلمة
