الفلانتاين بقى وكده، وبكل الحب هنتكلم عن الحب، بس أنا شخص كئيب بالفطرة الحقيقة، فلازم أبتدي كلامي بحدوتة كئيبة..
الفترة اللي فاتت كنت بمر بحالة نفسية سيئة جدًا، مش هسميه اكتئاب لأن اكتئاب ده مصطلح كبير أوي، بس أنا كنت متأزمة نفسيًا بجد، أسبوعين مبنامش تقريبًا، ولما بنام بحلم بكوابيس بشعة، أول ما بفتح عيني الصبح بلاقي دماغي ابتدت تصدرلي أفكار سلبية، بصراحة وكلام في سركم الأفكار السلبية كانت كلها بتدور حوالين جوزي، دماغي كانت حرفيًا بتوجهني للعنف والغضب، طول الوقت، طول الوقت بفكر في أفكار سلبية تخص علاقتنا، مكنتش قادرة أسيطر على أفكاري، كنت عمالة أدورله على حاجات تزود غضبي زي ما أكون بزيح مشاعري من الانشغال بالضغوط الحقيقية اللي عندي للانشغال بالغضب منه وتحميله الجزء الأكبر من سبب حالتي النفسية السيئة.
الخبرة دي كانت أول مرة تمر عليّ، حاولت بكل الطرق إني أتخطى ده وفشلت، كنت بحاول طول الوقت أشغل نفسي، بحاول أبقى طبيعية وأتكلم وأضحك، حاولت كمان أطلب منه المساعدة بس كنت بطلبها بعنف وبطريقة تحسسه إنه غلطان في حقي ولازم يصلح ده، رغم إني عارفة إنه معمليش حاجة والمشادات العادية اللي بتحصل مكانتش هتاخد الحيز ده من تفكيري لو مكنتش أنا في حالة مزرية من الأساس.
المهم.. أنا فضلت في الدوامة دي فترة تزيد عن الأسبوعين، حرفيًا أنا كنت بصحى من النوم أفكر أفكار سلبية في علاقتنا، وكنت مقتنعة تمامًا إن هو السبب الأصلي في كل اللي أنا بمر بيه، وأختلق نقاشات أنا عارفة إنها مش صحية، وأوصّل النقاش لطريق مسدود يخليني أتأكد من أفكاري، كنت بزقه ناحية الخناق، وبعترف دلوقتي إني كنت بشتري النكد حرفيًا.
في يوم قعدنا واتكلمنا، مكانتش مناقشة مثمرة جدًا الحقيقة، بس ع الأقل صحيت تاني يوم دماغي مبتفكرش نفس الأفكار، للحظة وقفت قدام كنكة القهوة وسألت نفسي “إيه؟ خلاص؟ حمامة راح البحر؟” دي كانت جملة ماما بتقولهالنا لما الحالة تيجي ونبقى بنزن من غير سبب وفجأة الأمور ترجع لطبيعتها ونبطل زن وقرف، اكتشفت إن حمامة خلاص راح البحر فعلاً، وإني بقيت أهدأ وأقدر على التفكير بمنطقية.
لما هديت وابتديت أفكر بمنطقية وأحلل اللي حصل في الفترة اللي فاتت، اكتشفت إني كنت بطلب شيء أنا مبعملوش، أنا طالبة حب غير مشروط، دعم لا نهائي من غير تحمل أي مسؤوليات، من غير ما أقدم حاجة، وعمالة أخبط دماغي في الحيط زي العيال الصغيرين، اكتشفت إن كل أفكاري السلبية كانت بتكسرني أنا، بتدغدغني من جوة ومحدش فاهم ده، وأنا مش مدية فرصة لحد إنه يفهم.
اكتشفت إن كل اللي كنت بعمله عشان أخرج من الحالة اللي أنا فيها كان غلط، محاولة شغل نفسي مكانتش صح، ده بيوقف التفكير لحظيًا، إنما أول لما بخلص اللي بعمله دماغي بترجع تشتغل تاني بقوة أكبر وكأنها بتعوض الوقت اللي قضيته من غير تفكير، كمان فكرة إني أتصرف بعادية وأنا جوايا نار كانت مضرة أكتر من كونها مفيدة، كانت بتحطني في خانة الضحية اللي شايفة إنها بتحاول بس محدش بيساعدها، طريقتي في طلب الدعم بعنف مكانتش طريقة صح لا ليّ ولا لجوزي، كانت بتخليني أحس إني لوحدي، وكانت بتحسسه إنه بيتهاجم ولازم يدافع عن نفسه.
اكتشفت إن كان فيه طريقة أسهل من كل ده في التعامل مع حالتي دي، اكتشفت إني لو صدّرت الحب هاخد حب، ولو صدرت العنف والغضب طبيعي يتردلي توتر ولخبطة، أنا آه مكنتش في حالتي الطبيعية ومكنتش قادرة أصدر حب كامل، بس ع الأقل مكانش ينفع أصدر انتقادات دايمة وتوتر لا نهائي بالشكل ده.
اكتشفت إن الحب سهم رايح جاي، طول ما أنا مش قادرة أصدره عمر ما السهم هيرجعلي تاني، لازم نقطة بداية، ولازم الطرفين يكونوا نقط بداية لسهم الحب والتقبل والتطنيش والتفهم، لو أنا مكنتش نقطة بداية للسهم ده، عمري ما هعرف أستقبل السهم اللي جاي من الطرف التاني من المعادلة، هفسر كل التصرفات على إنها أي حاجة في الدنيا غير كونها حب وتقبل، يعني مهما الطرف التاني بذل من مجهود فهو مجهود ضايع لأني مش هستقبله صح.
اكتشفت إن الحب والتقبل مش شيء غير مشروط، محدش هيقدر يحبك وهو مش حاسس بالأمان، والأمان هنا أقصد بيه إنه يكون متأكد إن إنت كمان بتحبه ومش عايز تستنزفه، إزاي حد هيعرف يدعمك وإنت بتصدرله طول الوقت فكرة إنه مش عارف يعمل ده، وبالتالي إنت مش سعيد، وبالتالي لأننا بني آدمين بيحس تلقائيًا إنك بطلت تحبه؟
الحب عمره ما كان مسؤولية طرف واحد بس في العلاقة، الحب مسؤولية الطرفين، وعشان تاخد حب لازم تدي حب، مبقولش ممنوع إننا نتعب نفسيًا ومنبقاش قادرين ندي حاجة، لأنه شيء طبيعي إننا نكون مستنزفين في وقت ما من حياتنا، بس مش طبيعي أبدًا لما نكون مستنزفين إننا نستبدل الحب ده برفض وعنف، ده هيحسس اللي قدامنا بانعدام قيمته في حياتنا، وبالتالي ده هينسحب علينا ويحسسنا إننا لوحدنا.
مش معنى كده إني ضامنة إن لو ده حصلي تاني هكون أقدر على التعامل بذكاء، إنما ع الأقل هو نقل لخبرة عيشتها ومتمناش حد تاني يعيشها، العيشة مع أفكارك السلبية لوحدك عيشة تقصر العمر، والأفكار السلبية بتجر بعضها، وبتلاقي نفسك فجأة مدهوس تحت عجلة الوحدة والشقا.
مش هطلب منك لما تكوني مرهقة نفسيًا إنك تفضلي تحبي بنفس الكفاءة، بس هطلب منك إنك تطلبي الدعم وإنتي بتحاولي توصلي للطرف التاني إنك بتحبيه وعشان كده هو أقدر حد على دعمك، متوصليلوش الفكرة العكسية وتنتظري إنه يفهم إنها فترة وهتعدي. أكّدي دايمًا إنك بتحبيه وبالتالي محتاجة مساعدته في تخطي الوقت الصعب.
متخبطوش دماغكم في الحيطة يا جماعة، ومتسمعوش أغنية “خللي الناس تحب” اللي أنا مقتبسة منها العنوان، عشان بصراحة هي أغنية بايخة.