حدث في مثل هذا النوم

549

“بحلم وأفتح عينيّ.. على جنة للإنسانية”.

لا لا مش دي، أنا هحكيلكم عن أحلامي، مش جنة خالص ولا فيها ريحة الإنسانية، أحلامي تشبه بالظبط مسلسل أمريكي متكلّف يجمع بين الدراما والرعب.

 

من زمان أوي، زماااااان مش فاكرة من إمتى، ابتديت أحلم حلم متكرر، الحلم ده كان بيزورني كل فترة، بحلم إني ماشية في طريق عشان رايحة مكان ما (امتحان/ شغل/ مشوار) لكن مش قادرة أمشي، ثقل رهيب في قلبي ووجع ممض، ورجلي مش بتتحرك، كل رجل فيهم وزنها أكتر من وزن خرتيت لسه حالًا بالع فيل ومتهضمش كمان.

 

لك أن تتخيل الرعب، والمأساة إن مش بيكون عندي في الحلم خيار التوقف، لازم أكمّل مشي، وأنا مش قادرة، قلبي واجعني ورجلي مش بتستجيب، بس لازم أوصل، من كام سنة ابتدا جزء جديد يضاف للحلم، إني بتهاوى، وفي كل مرة التهاوي ده بيكون على أرض الشارع، ودايمًا الأرض مبتكونش نضيفة، كتير من الطين والأوحال، وأنا خلاص طاقتي نفدت ولازم أقعد في الأرض.

 

الحلم تفسيره واضح (على الأقل أنا مقتنعة بيه) وهو إني طول الوقت عندي هوس بالوصول، هوس بالكمال، لازم أوصل، مهما كنت تعبانة ومش قادرة، لازم أوصل، جسمي مش قادر بس لازم أكمل. الجزء الأخير اللي ابتدا يضاف للحلم في الكام سنة الأخيرة زعلني شوية، بقيت بقع في الحلم، بستسلم للواقع، لكن برضو لما فكرت ابتديت أكون فخورة بنفسي، أنا باخد قرار إني أقع في الشارع، من غير خوف ومن غير ما أفكر إن المكان مش مناسب، بقع وخلاص.

 

مؤخرًا، بقالي سنة يمكن، بقيت بحلم حلم تاني وبقى متكرر هو كمان، بحلم إني عريانة في مكان ما (هدومي مقطعة/ خارجة من البحر/ باخد شاور/ مكملتش لبس هدومي) الحلم ده مؤلم أكتر من الحلم الأولاني، بصحى من النوم متنكدة فعلًا، والمؤلم أكتر إني مش قادرة ألاقيله تفسير.

 

ليه بحلم الأحلام دي؟

عشان أنا شخص مش طبيعي، معروفة يعني، والنهارده مش مجال إني أتكلم عن الأسباب، أنا بسرد وقائع، بفضفض يمكن، بحاول أتخفف.

 

وأنا نايمة، بعيش حياة تانية، بحلم بمخاوفي حتى لو بشكل رمزي، عقلي الباطن بيفكرني بيّ، لو اتلهيت شوية في الحياة بلاقيني في الحلم بفكر نفسي بمشاكلي، بعيوبي، بحياتي المستخبية، واللي معنديش وقت أفكر فيها وأنا صاحية.

 

أوقات كتير بعادي عقلي الباطن، وخصوصًا لو أحد الحلمين المتكررين دول زارني وأنا نايمة، فكرة إني فاقدة للحيلة تمامًا ومش قادرة أنهي الألم النفسي الناتج من الحلم بتنرفزني، بتخليني حاسة إني محاصرة وإن فيه شيء له سيطرة مطلقة عليّ.

 

مؤخرًا، ابتديت أتصالح مع عقلي الباطن، بقيت بقدّر إنه في أوقات تانية بيجيبلي أحلام حلوة، ابتديت زي ما بفتكر أحلامي السيئة المتكررة، أفتكر كمان هدايا كتير بتجيلي وأنا نايمة.

 

مثلًا، البلد الصغيرة المبنية على تلة مرتفعة وكلها بيوت من دور واحد وملونة وهواها يرد الروح، البلد دي أنا بزورها كتير في أحلامي، معرفهاش ولا عمري شفتها، بس بتجيني كتير في الأحلام، ودايمًا الوقت اللي بقضيه هناك بيكون وقت لطيف.

 

الشارع اللي بيطل ع البحر وفيه سلالم مزروعة، عمارات عالية بس هادية، ودايمًا فيه طيور بتلف حوالين العمارات وفوق البحر.

 

الشارع الأزرق، اللي كل بيوته مطلية بالجير وأسقفها بيضا والشمس حنينة، شمسيات ومساند وأبواب لبيوت معرفش إيه جوّاها.

بس لما بالصدفة قابلت صور لليونان على جوجل اكتشفت إن المكان ده مشهور هناك.

 

كل الحاجات دي كمان من صنع عقلي الباطن، مش طول الوقت بيعذبني، أوقات بياخدني ويفرجني على حيوات تانية هادية وحلوة، كإنه بيخرجني خروجة أستعيد بيها طاقتي اللي نفدت وأنا صاحية.

 

اللعبة دي مع عقلي الباطن علمتني إن كل حاجة في الدنيا ليها وجهين، زي ما فيه أحلام وحشة فيه كمان أحلام حلوة، زي ما فيه صعوبات في الحياة فكمان فيه أوقات مسروقة، حلاوتها بتزيد كل ما بيكون اللي حواليها صعب وغبي.

 

منير بيقول إن الحياة “في عطشنا.. في ألمنا.. مبتنساش تداوينا”، وده حقيقي جدًا، مش كل الأوقات صعبة، مش كل الأحلام مؤلمة، مش مهمة عقلك الباطن الوحيدة هي تعذيبك، ومش كل جريك في الدنيا ع الفاضي.

 

الكلام ده مش للتنظير عليك -عزيزي القارئ/ عزيزتي القارئة- الكلام ده عشان أفكرك وأفكر نفسي إن مفيش حاجة دايمة والزمن بينسي حزن وفرح ياما.إنجي

 

المقالة السابقةعلمني شكرًا
المقالة القادمةأنشطة لتسهيل الولادة الطبيعية
إنجي إبراهيم
كاتبة وصحفية مصرية

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا