القعدة في البيت ولا الشغل أيهما أفضل؟ هل قعدة البيت مملة!

2468

قعدة البيت حلوة؟ السؤال ده اتسألته كتير بعد رجوعي للشغل، كل اللي يعرفوني اتفاجئوا إني أخدت أجازة بدون مرتب تلات شهور بدون مقدمات، كان عندي أسبابي الصحية والنفسية الخاصة، لكن التجربة خلت صديقات كتير ليّ سواء بيشتغلوا أو قاعدين في البيت عندهم فضول يعرفوا أي الاختيارين أفضل؟ القعدة في البيت لا الشغل؟

مين مبسوط أكتر؟

بالمناسبة لا اللي بيشتغلوا سعداء ولا اللي قاعدين في البيت مرتاحين. إجابتي إن لا ده أحلى ولا ده أحلى.

في الشغل الحياة بتتحول لمفرمة تاكل وقتك ومشاعرك وروحك، بتبقي مجرد خدامة عند البصمة، تجري عشان تلحقيها وتستني معادها عشان تمشي، تفضلي تحلمي بكل الحاجات اللي كان نفسك تعمليها ومش عارفة، بتتحول حاجات عادية لأحلام تخطر على بالك وتتصعَّبي عليها عشان مفيش وقت.

وقفتك في المطبخ وإنتي بتعملي أكلة حلوة بمزاج، نشر الغسيل بألوان مشابك شبه بعض وتنسقيهم على الحبل كأنها لوحة، إحساسك وإنتي مخلَّصة شغل البيت بدري وعندك وقت ترتاحي وتتفرجي على فيلمك المفضل، نزولك لمواعيدك بهدوء وإنتي مرتبة نفسك وعارفة أولك من آخرك ولاقية وقت تختاري فيه هتلبسي إيه ويبقى عندك فرصة للاختيار راضية عن نفسك أو لأ.

كلها بتتحول لطموحات وأماني شبه مستحيلة، لأنك بتعملي كل حاجة خلال اليوم بسرعة وعلى أعصابك.. تصحي بسرعة، تلبسي بسرعة، تنزلي بسرعة، تنسي حاجات مهمة بسرعة، تفكري في مليون حاجة في الطريق، لا إنتي مركزة في شغل ولا راضية عن حال بيتك.

تتوتري من الزحمة، وتفتكري اللي عيان واللي مات، الناس اللي مزورتيهمش، ولادك اللي مبتلحقيش تقعدي معاهم، توصلي وتضطري تسيبي كل الأفكار دي على جنب ولازم تشتغلي كويس جدًا عشان محدش لاقي شغل، وتنزلي بسرعة، تروَّحي بسرعة، وتشوفي حالك بسرعة، عشان تلحقي تنامي وتصحي لليوم الجديد.

مطحنة أعصاب ووقت وعمر اسمها الشغل، بيوصَّل ستات كتير إنهم يختاروا حل القعدة في البيت باعتباره الحل الأسلم، وهنا بيبدأ الاكتئاب، وقلة النفس. لما قعدت في البيت كان عندي لستة طويلة من الحاجات اللي كنت بكتبها عشان أعملها لما أقعد في البيت.. أول أسبوع كنت كسولة جدًا وبقول لنفسي ما أنا لسه قدامي الوقت طويل، أما أريَّح. وتاني أسبوع بدأت أحس إن فيه حاجة غلط، الأيام بتعدي في لمح البصر والوقت تقريبًا ملهوش قيمة، هنا بدأت أفهم يعني إيه القعدة في البيت.

قعدة البيت حلوة؟

اللي قاعدين في البيت مش ستات سعيدة، ولا عندهم أي وقت يُذكَر، اليوم بيتسحب منهم كأنه مبدأش، والشعور الوحيد اللي بيسيطر على كتير منهم هو الملل والشعور إن الحياة مفيهاش جديد.. كل حاجة شبه بعضها، القعدة في البيت قاتلة للروح لأن الواحد بيكون حاسس إن عنده وقت ومساحة ومفيش أي دافع للالتزام بأي شيء، وده في حد ذاته شيء مُحبِط جدًا.

أخدت الأجازة والطبخ اللي كان نفسي فيه بقى عبء، ابني اللي كان واحشني بقى صداع مستمر ومفيش أي نشاط مميز بعمله معاه، كل يوم بقول بكرة اليوم هيبقى مختلف وجميل، ومبيحصلش.

إيه الحل؟

سؤال سألته لنفسي كتير، والإجابة اللي وصلتلها إنه المسألة مش قصة الشغل أو قلته، الفكرة فينا إحنا، بندير نفسنا إزاي.

زي ما فيه مؤسسات ناجحة ومؤسسات فاشلة، فيه بشر ناجحين وبشر فاشلين.. القصة كلها في إدارة الذات بشكل حقيقي وصارم، كل واحدة فينا لازم يكون ليها برنامج لحياتها. اللي قعدت في البيت محتاجة تحط لنفسها أهداف و لستة مهام يومية تقربها من الحلم، مفيش حاجة اسمها “هبقى أعمل…” لأن ده سر الفشل.

لازم هدف حتى لو كان التفوق في الطبخ، واللي بتشتغل محتاجة هدف؛ الشغل مش هدف بذاته، الشغل وسيلة، ولو هتيجي علينا يبقى إحنا ماشيين غلط.

اللي بتقول الكلام ده كانت وما زالت بتعاني من الأمرِّين، لكني بحاول وهحاول. ساعات بنجح وساعات بفشل، محدش بيمشي في حياته على المسطرة، لكن يكفيه إنه يحاول ويبقى عنده فكرة عن شكل الحياة اللي هو عاوزها، مش عايش وخلاص.

المقالة السابقةتنمية طفلك بمصاريف أقل
المقالة القادمةالماراثون الذي لا ينتهي
كاتبة وصحفية مصرية

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا